لم يكن مستغرباً تصريح علي احمد، رئيس نادي التضامن صور لكرة القدم، عقب احراز فريقه لقب بطولة لبنان ال41 للمرة الاولى في تاريخه بتغلبه على الراسينغ 4-1 على ملعب جمال عبد الناصر في بلدة الخيارة البقاعية في المرحلة ال21، حين قال ان الفريق سيصبح "اقوى واقوى" في المواسم المقبلة، وأن افراح جهازه الفني ولاعبيه وجمهوره ستتواصل بزخم وحماسة داخلياً وخارجياً استناداً الى ركائز واسس فنية متينة. ولعل اولى هذه الاسس حيوية "مدرسة الفريق" في احتضان المواهب الواعدة، والتي كانت نتائجها بدأت في الظهور في المواسم الماضية من دون ان يحالفها الحظ في انجاح مهمة التتويج المنتظر منذ تأسيس النادي عام 1947. وهذه الحيوية غير متوافرة بشكل مستقر لدى اي فريق محلي آخر، وحتى لدى النجمة، صاحب الشعبية الاكبر محلياً، حيث ظهر جلياً افتقاده مقومات تعويض غياب لاعبين اساسيين عدة في صفوفه لاسباب مختلفة اهمها الاصابة وارتباطات اخرى غير رياضية، في حين واجه الفريق العريق الثاني الانصار هذه المشكلة للموسم الثاني على التوالي. وتوج التضامن ايضاً بفضل المواهب الفنية للمهاجم القناص هيثم زين والشقيقين فيصل ورضا عنتر، الذين شكلوا دعامة نهضة الفريق في المواسم السابقة، علماً ان زين تصدر ترتيب هدافي البطولة قبل مرحلة واحدة من ختامها برصيد 20 هدفاً، وكرس جدارة المهاجمين المحليين في قيادة مسيرة فرقهم بخلاف العرف القائم لدى فرق عدة في المواسم السابقة في الاعتماد على المهاجمين الاجانب بشكل رئيسي، ما اثر سلباً باعتراف نقاد كثيرين على المنتخب الوطني، وتفوق على منافسيه في الصدارة الترينيدادي ايرول ماكفرلين مهاجم النجمة 19 هدفاً، والبرازيلي طومي جياكوميللي لاعب الحكمة 18 ، ومواطنه الحاصل على الجنسية اللبنانية جيلبرتو من الاخاء الاهلي عاليه 16. وبدوره كان رضا عنتر احد ابرز نجوم البطولة بفضل تقنياته العالية وروح القائد التي يتمتع بها في ظل ثقة عالية بالنفس يفتقدها غالبية اللاعبين المحليين. وهذه الروح جعلته ملهم اسلوب لعب الفريق بعدما تفوق في مجالات المهارات الفردية في التوغل والاختراق والتسديد البعيد، وحسن التنسيق الجماعي مع زملائه. اما شقيقه فيصل فزاد تألقه في مركز الجناح الايسر الذي اضاف اليه الفاعلية المطلوبة في مساندة المبادرات الهجومية، ما عكس نضجه الفني والتكتيكي، اللذين اوجدا الانسجام المثالي ايضاً في خط الدفاع. وظهر دور المدرسة الحيوي في دعم هذه المواهب في صعود نجومية بلال حاجو في مركز لاعب الوسط المدافع، وعلي متيرك ويوسف بعلبكي وسواهم، والذين اكملوا عقد التألق الفني للفريق تحت غطاء التناغم الكامل والتعاون الشامل اللذين لم يستطع مواجهتهما اي فريق آخر، بدليل الانتصارات الكاسحة على فرق عدة ابرزها الانصار 4-1، والهومنتمن 8 - صفر، والاهلي صيدا 5- صفر. واذ لم تكن حيوية المدرسة وحدها تكفي لقيادة التضامن الى انجاز اللقب، الذي خرق به احتكار فرق العاصمة النهضة والجامعة الاميركية والسكة الحديد المرفأ والهومنتمن والهومنمن والراسينغ والشبيبة المزرعة والنجمة والانصار للالقاب منذ انطلاق المسابقة عام 1934، ظهر التأثير الايجابي لمعادلة الرعاية الادارية، التي ارتدت طابع المعاملة العائلية للاعبين عبر تلبية كل احتياجاتهم الفنية والمادية، وصولاً الى تعزيز روح الولاء، وتأمين حصانة في وجه الاغراءات الخارجية التي يمكن ان توفرها فرق اكبر حجماً امثال النجمة والانصار والحكمة. وترافقت هذه الرعاية مع حنكة خيارات معالجة ثغرات العام الماضي عبر الاستعانة بخبرات المدافع المخضرم كوركين وعماد الميري والعراقي حيدر نجم. والاخير عزز "الماكينة الاجنبية" في الفريق الى جانب المالي ديدييه طمبورة والسيراليوني كاموكاي كالون والفلسطيني ابراهيم مناصري، على رغم ان تأثيرها لم يكن كبيراً على غرار باقي الفرق المحلية، حيث اعتبر كالون الاكثر تألقاً، في مقابل عدم استقرار اداء نجم، وتراجع فاعلية طمبورة ومناصري عنها في السابق. وارتبط ذلك ايضاً بالاستعانة بخدمات المدرب العراقي اكرم سلمان للاشراف على الفريق، حيث ظهرت لمساته جلية في رفع الروح المعنوية للاعبين بعد خيبات المواسم الماضية، خصوصاً ان الفريق كان اصيب بنكسة باكرة في سقوطه امام الحكمة 2-3 في المراحل الاولى، ثم نجح في ابعاد لاعبيه عن نزعة الافراط في الغرور في ظل الانتصارات المتتالية التي حققها، علماً بانه واجه ضغط المنافسة القوي من الاخاء الاهلي عاليه والنجمة قبل ان ينحسر هذا الضغط في المراحل الاخيرة.