لندن - "الحياة" يثير اسم اسكتلندا في الذاكرة صور الجبال المغطاة قممها بالثلوج والقلاع الرهيبة التي ترتفع فوق الضباب الذي يغلف مياه البحيرات التي تلمع كالمرآة، وجوانب التلال التي يكسوها ثوب ارجواني منقط وأفراد العشائر الذين يرتدون التنانير وموسيقى القرب الباغبايبس. وقد تكون اسكتلندا جزءاً من بريطانيا، ولكن إذا توغل المرء شمال حدود انكلترا سيكتشف ان لاسكتلندا تراثاً وجواً فريداً من نوعه. مدينة ادنبره هي عاصمة اسكتلندا، وتعد من أجمل مدن العالم. ويستطيع الزائر ان يتبين ذلك بمجرد السير في شارع برينسز. وهو شارع تجاري راق. فعلى أحد جانبي الشارع تصطف المحال التي تبيع السلع الفاخرة من قبيل التويد المنسوج يدوياً والكشمير المحبوك وأقمشة التارتان الرائعة. وأمام المحلات الحدائق البديعة والممرات الظليلة في "حدائق الأمير" برنسيس غاردنز. وطوال الوقت لا تغيب عن العيون قلعة أدنبره شامخة فوق كتلة ضخمة من صخر الغرانيت. وتلعب الموسيقى ومعها المسرح دوراً هاماً في حياة المدينة، وفي شهر آب اغسطس يقام "مهرجان أدنبره الدولي" الذي يملأ المدينة بالمرح والحيوية. كما ينظم في ذلك الوقت المهرجان العسكري الاسكتلندي الشهير، الذي يعرض أفضل ما في التراث العسكري من أبهة وجلال. وتعتبر مدينة غلاسكو قلب الفنون في اسكتلندا والمكان الاثير لعشاق المسرح والموسيقى على السواء. وشراء الحاجات هنا متعة. وكذلك زيارة صالة عرض الفنون والمتحف والمدن التاريخية الاسكتلندية مثل مدينة ابردين التي تقع على الساحل الشرقي وتتميز بمبانيها من حجر الغرانيت اللامع وحدائقها الجميلة وسوق السمك ومدينة انفرنس عاصمة الأراضي المرتفعة وسانت اندروز حيث يعتبر ملعب سانت اندروز الكبير، المقر الدولي للغولف. مكان المناظر الطبيعية الجميلة في اسكتلندا ثلاث مناطق محددة جغرافياً. ففي الجنوب التلال المتموجة، والأنهار المتعرجة التي يسبح فيها سمك السالمون، والمراعي الخضراء في البوردرز أو "الأراضي المنخفضة وهي منطقة تذكر الانسان بحرب الحدود على مدى القرون. وفي الشمال تنتشر الصخور الوعرة والبحيرات المتلألئة في كيرن غورم وسلاسل جبال غرامباين - المرتفعات. وقد تطورت مدينة افيمور لتصبح مركزاً للألعاب الرياضية في فصل الشتاء في اسكتلندا. ومع ذلك تتوافر الرياضات على سطح صناعي وعلى الجليد على مدار السنة. وتفصل المرتفعات الشمالية الغربية عن الجزء الرئيسي من اسكتلندا سلسلة من البحيرات الداخلية الشاسعة حيث تقع مدينة انفرنس في الشرق ومدينة فورت ويليام في الغرب. وهنا يرى الزائر أشد المناظر الطبيعية وحشية ورهبة في أوروبا من قمم الجبال العتيقة المحطمة، والمساحات الشاسعة من المروج والسهل الساحلي الرائع. واحدى الوسائل المريحة للاستمتاع بجمال الريف الاسكتلندي هي ان يستقل الزائر قارباً للتنزه في احدى البحيرات الكثيرة هناك. وبالقرب من مدينة غلاسكو تقع بحيرة لوموند التي خلدت جمالها الاغنيات الشعبية الاسكتلندية الشهيرة. وتتوافر رحلات التنزه هذه في بالوخ بيير. ولا يمكن لأحد ان يقاوم اغراء القيام برحلة للتنزه في بحيرة نس القريبة من انفرنس، وربما تتاح الفرصة لرؤية الوحش الغامض الذي اشتهر بأنه يسكن في أعماق هذه البحيرة. وبالامكان معرفة الكثير عن هذا الوحش عبر زيارة للمعرض الرسمي لوحش نس في درمنادروخيت. القلاع الاستراتيجية المهيبة المنتشرة في ربوع البلاد تثير في الأذهان صوراً حية لتاريخ اسكتلندا الحافل بالاضطرابات. ويتميز بعضها، مثل قلعة كلير لافيروك بأنه يصعب الوصول اليها لأنها محاطة بخندق مائي واستحكامات أرضية، وبعضها الآخر مثل ايليان دونان القريبة من كايل اوف لوخلاش يتميز بمواقعه الرائعة على شواطئ البحيرات مما يضفي عليه جالاً لا حد له. ويمكن الحصول من مكاتب الاستعلامات السياحية في اسكتلندا على تفاصيل الرحلة الكبرى في ربوع اسكتلندا غراند تور اوف اسكتلند التي تشتمل على زيارة ست من أعظم القلاع في البلاد وما زال يشغلها ملاكها الشرعيون. يعرفه العالم أجمع بجلاء على أنه قماش اسكتلندي بدا ظهوره بين أفراد العشائر في المرتفعات القديمة. ويرتدي كل فرد من أفراد العائلات وكذلك اتباع الزعماء البارزين في المرتفعات شارته المميزة - الترتان - التي تجعل من السهل على اصدقائهم أو أعدائهم أن يميزوهم عن غيرهم في الحال. ولم يصبح ارتداء التنورة موضة الا بعد عام 1770. ولعل أفضل مكان يمكن فيه رؤية الناس يرتدون هذا الزي التقليدي وعيش بعض العادات السائدة في المرتفعات هو أحد الحشود التي تشاهد الألعاب التي يمارسها أهل المرتفعات في الفترة ما بين شهري أيار مايو وأيلول سبتمبر، حيث يمكن مشاهدة الرجال يهزون جذوع الأشجار الصغيرة "كيبرز" ويقذفون المطارق ويؤدون رقصات السيوف بمصاحبة موسيقى القرب الاسكتلندية المعروفة. ولعل أشهر هذه العروض هو حشد المرتفعات الملكي رويال هايلاند غاذرينغ في بريمار في شهر أيلول والذي يحضره عادة أعضاء من الأسرة المالكة. تنتشر في أنحاء اسكتلندا الأماكن التي يستطيع الزائر ان يشاهد فيها المراحل المثيرة لصناعة المنتجات الاسكتلندية الممتازة. وتمتلك شركة "ادنبره ليد كريستال" مصنعاً ومركزاً للزوار خارج العاصمة يمكنهم فيه متابعة مراحل تصنيع منتجات الكريستال الرصاصي، بدءاً من نفخ الزجاج المصهور الى مراحل التقطيع والنقش والصقل النهائية. وتشتهر اسكتلندا بملابسها الصوفية الراقية. ومن وسائل التعرف على معلومات أكثر عن هذه الصناعة العريقة سلوك "طريق الصوف" في وسط التلال المتموجة للحدود الاسكتلندية حيث يمكن معرفة الكثير عن صناعة الصوف وشراء جميع أنواع الملابس الصوفية من الكشمير وغيرها من الأقمشة المغزولة يدوياً. ويمكن الوصول الى اسكتلندا بسهولة بالطائرات من لندن، كما ان هناك شبكة ممتازة من الطرق البرية تربطها بجنوب انكلترا، وقطارات سكك حديد مريحة تنقل الزائر من لندن الى أدنبره أو غلاسكو في أقل من خمس ساعات.