يتطلب الامر حصول معجزة حقيقية في المراحل الثلاث الاخيرة من بطولة لبنان ال41 لكرة القدم، كي يفلت اللقب من يدي فريق التضامن صور، الذي اوشك على تحقيق انجاز تاريخي يتمثل في هذا اللقب للمرة الاولى من العاصمة بيروت، ايضاًَ تتويج اعوام من العمل الدؤوب لتكريس المكانة المرموقة للكرة الجنوبية محلياً. والتضامن اكد احقيته في الحصول على الرعاية والدعم الضرورين على غرار الاندية البيروتية وسواها، علماً انه اعتاد على مقارعة الفرق الكبيرة في المواسم الماضية، ومد المنتخب بنجوم كثيرة وركائز عدة امثال هيثم زين، والشقيقان فيصل ورضا عنتر وسواهم. واللافت ان "المعجزة" لا تقترن بلغة الارقام، اذ ان منافس التضامن صور المباشر الحكمة يتخلف عنه بفارق خمس نقاط فقط، ما يجعل حظوظ الاخير قائمة في قلب الموازين لمصلحته، علماً ان كلاهما سيلتقي مع فريقي الراسينغ وشباب الساحل، صاحبي المركزين المتراجعين في الترتيب في مباراتين من المباريات الثلاث الاخيرة، في حين يلتقي الحكمة مع الانصار، والتضامن مع الهومنمن المتراجع، في المباراة الثالثة. بل ان المعجزة يوجدها واقع ان التضامن عكس صورة الفريق الذي لا يقهر في المراحل الاخيرة من الدوري ومسابقة الكأس معاً، اذ لم يمنَ بهزيمة واحدة في مبارياته ال14 الاخيرة، علماً انه حقق الاسبوع الماضي، بفوزه الكاسح على السلام زغرتا القوي 4-1، انجاز بلوغ نهائي الكأس للمرة الاولى في تاريخه، ويلتقي فيه الانصار، حامل الرقم القياسي في عدد الفوز باللقب برصيد 8 القاب، في 22 ايار مايو المقبل على ملعب بيروت البلدي. واعتبرت خطوط التضامن متكاملة في ظل اعتمادها خطة انتشار 3-5-2 الفاعلة باشراف المدرب العراقي القدير اكرم سلمان، الذي اثبت حنكة في الافادة من مهارات اللاعبين، وتكريس طابع الجدية لديهم في تنفيذ المهمات الملقاة على عاتقهم بعيداً من سلبيات نزعة الغرور المعنوية لدى بعضهم. كما اصاب سلمان في خيارات معالجة الثغرات الناتجة عن الاصابات الكثيرة التي لحقت بالاساسيين طوال المراحل السابقة من المنافسات، ومن بينهم فيصل عنتر والعراقي حيدر نجم والحارس احمد خليفة والفلسطيني ابراهيم مناصري الذي غاب شهراً كاملاً عن المباريات في مرحلة سابقة بسبب خضوعه لعملية استئصال الزائدة، ثم عن مباريات عدة في مرحلة تالية بسبب ارتباطه بتحضيرات منتخب بلاده لتصفيات مونديال 2002، ومنافساتها. وتقاسم مهمة حراسة المرمى الحارسان خليفة وعلي حطيط، واللذان وفرا الصلابة ذاتها، بدليل ان شباك الفريق هي الاقل اهتزازاً بين الفرق حتى الآن ب15 هدفاً فقط. وشكل الدولي المخضرم كوركين صمام امان الدفاع بعدما أسهم في شل خطورة غالبية المهاجمين البارزين في الفرق المنافسة، وساند مهمته الثنائي السيراليوني الدولي كاموكاي كالون الملقب ب"الجرافة" وعلي متيرك. وفي خط الوسط، الذي اعتمد اسلوب لعب الكرة الشاملة لتوفير فاعلية التغطية والتراجع وزيادة الخطورة امام المرمى عبر التحركات السريعة، شكل الثنائي فيصل عنتر وعماد الميري ركيزة بناء الهجمات على الجهتين اليمنى واليسرى على التوالي، وتوفير خيارات اختراق منطقة الجزاء عبر الكرات الطويلة والقصيرة معاً. واضطلع بلال حاجو بمهمة قطع الكرات، في حين تولى حيدر نجم مهمة تزويد المهاجمين بالتمريرات الحاسمة والقاتلة اضافة الى الاختراقات الفردية من العمق بمؤازرة رضا عنتر، الذي بلغ رصيد اهدافه ثمانية حتى الآن، من بينها اهداف عدة من التسديدات البعيدة التي اكسبت قدراته ميزة اضافية جعلته يلفت نظر كشافي فرق خارجية عدة. اما خط الهجوم، الذي اعتبر بدوره الافضل في البطولة حتى الآن ب47 هدفاً، فقاده الثنائي هيثم زين، افضل هداف مواطن برصيد 15 هدفاً، والمالي ديدييه طمبورة، وهما تميزا بحسن استغلال الفرص المتاحة عبر تحركات دؤوبة ترتكز على مهارات فنية وبدنية عالية، فضلاً عن رؤية ثاقبة لمواقع التمركز والافلات من الرقابة اللصيقة التي عادة ما تفرض عليهما.