افتتح وزير الخارجية المصري عمرو موسى حملة ترشيحه لمنصب الامين العام السادس للجامعة العربية بتأكيده ان "العمل العربي يدخل عهدا جديدا"، وأن العرب "مقبلون على علاقات عربية جديدة". وتحدث موسى عن ان عقد قمة دورية كل عام واجتماعات وزارية شهرية يتطلب "منحى متطوراً للعمل يتماشى مع الظروف العربية والاقليمية والدولية". لم يكن اسم "الجامعة العربية" سوى أحد ثلاثة خيارات لتسمية المنظمة التي جمعت الدول العربية المستقلة في منتصف الاربعينات من القرن الماضي، وكان هناك اقتراح بتسميتها "التحالف العربي" أو "الاتحاد العربي" لكن النقاشات حسمت لمصلحة الاسم الحالي، وربما مع بروز الاتحاد الأوروبي كقوة فاعلة في عقد التسعينات فقد يحلو للبعض أن يعاتب الدول السبع المؤسسة للجامعة على ضياع الفرصة وعدم إطلاق اسم "الاتحاد العربي" على هذه المنظمة. وكان عبدالرحمن باشا عزام الوحيد من بين خمسة أمناء للجامعة العربية منذ تأسست في العام 1945 الذي جاء قرار تعيينه في ملحق خاص من ملاحق ميثاق الجامعة. ولعب عزام دوراً بارزاً في المشاورات والمحادثات التي توجت بإعداد الصيغة النهائية للميثاق بصفته عضواً في الوفد الرسمي المصري لاجتماعات اللجنة التحضيرية. ودعت مصر في الخامس من آب اغسطس 1942 العراق وشرق الأردن والسعودية وسورية ولبنان واليمن لإيفاد مندوبين عنها لتبادل الرأي في موضوع الوحدة العربية. وشكل مندوبو الدول السبع لجنة تحضيرية شارك في أعمالها ممثل فلسطيني، واجتمعت هذه اللجنة لمدة اسبوعين في قصر انطونيادس في الاسكندرية. وانتهت هذه الاجتماعات أو ما عُرف وقتذاك ب"مشاورات الوحدة العربية" بالتوصل الى "بروتوكول الاسكندرية" في 7 تشرين الأول اكتوبر 1944 الذي وقعه رؤساء حكومات مصر وشرق الأردن وسورية والعراق ولبنان. وأقيمت مراسم التوقيع في مقر جامعة فاروق الأول الاسكندرية حالياً في حي الشاطبي. ولم يوقع وفدا السعودية واليمن على البروتوكول في حينه بانتظار اطلاع حكومتيهما، ووقعت السعودية في 3 كانون الثاني يناير 1945 واليمن في 5 شباط فبراير 1945. وفي 17 شباط 1945 عقدت اللجنة السياسية الفرعية اجتماعاً في دار الخارجية المصرية في الاسكندرية لإعداد "مسودة" ميثاق الجامعة، وانتهت اللجنة من عملها بعد 16 جلسة في 3 آذار مارس 1945. وفي 22 آذار 1945 وقع رؤساء حكومات خمس دول عربية مصر وسورية ولبنان والعراق وشرق الأردن على ميثاق الجامعة ثم وقعت السعودية واليمن فيما بعد. وجاء الميثاق في 20 مادة وتم التوقيع عليه في البهو الرئيسي لقصر الزعفران في القاهرة مقر إدارة جامعة عين شمس حالياً وهو الميثاق المعمول به حتى الآن. وفي 14 أيلول سبتمبر 1952 تم تعيين عبدالخالق حسونة، الذي كان محافظاً للاسكندرية، خلفاً لعزام باشا الذي استقال من منصبه. وأمضى حسونة في المنصب 21 عاماً. وفي الأول من حزيران يونيو 1972 انتخب محمود رياض مستشار الرئيس المصري للشؤون الخارجية خلفاً لحسونة، وكان رياض شغل مناصب عدة من بينها نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ومندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة. وفي 28 حزيران يونيو 1979 عين وزير الإعلام والثقافة التونسي الشاذلي القليبي خلفاً لرياض الذي استقال احتجاجاً على دعوة الرئيس العراقي صدام حسين إلى عقد قمة بغداد من دون التشاور معه، بسبب مناهضة الدول العربية لاتفاق السلام الذي وقعته مصر منفردة مع إسرائيل. وأدار القليبي الجامعة من مقرها الموقت في تونس حتى عودتها إلى مقرها الدائم في القاهرة عام 1990. وعادت الأمانة العامة للجامعة بالفعل في 20 أيلول سبتمبر 1990 وظل القليبي أميناً عاماً لها بضعة أشهر في واحدة من أحلك لحظات العمل العربي المشترك بسبب أزمة الغزو العراقي للكويت، وتم انتخاب الدكتور عصمت عبدالمجيد خلفاً له في 15 آيار مايو 1991. وكان عبدالمجيد يشغل منصب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، وعمل سنوات طويلة مندوباً لمصر لدى الأممالمتحدة، وتم انتخاب عبدالمجيد مجدداً في 1996. واللافت أن كل أمناء الجامعة السابقين قدموا استقالاتهم. وأمضى عزام باشا 7 سنوات في منصبه، وكان الملحق الخاص بتعيينه أميناً عاماً ينص على أن هذا التعيين لمدة سنتين وتم التجديد له حتى استقالته. أما حسونة فقد أمضى 21 عاماً حتى استقالته، ورياض أمضى ست سنوات، وهذا ما حصل أيضاً مع القليبي الذي أمضى 11 عاماً قبل أن يستقيل خلال أزمة الخليج. وكما أن جميع الأمناء استقالوا من منصبهم فإن أحداً منهم لم يتعرض لمنافسة أو معركة انتخابية، كما أن العرف جرى على أن يكون الأمين العام من دولة المقر حتى عندما انتقلت الجامعة موقتاً من القاهرة إلى تونس، وقادت التداعيات الى انتخاب أمين عام من دولة المقر الموقت. ويعرف الميثاق الأمين العام بأنه "الرئيس الأعلى المسؤول عن أعمال الأمانة العامة والهيئات الملحقة بها"، وينتخب في مجلس الجامعة لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد، ويضطلع بمهمات الإشراف على تسيير أعمال الأمانة العامة والتنسيق بين وحداتها وأجهزتها ومتابعة تنفيذ قرارات مجلس الجامعة. وتنص المادة 12 من الميثاق على أن مجلس الجامعة يعين الأمين العام بأكثرية ثلثي الدول الأعضاء، إلا أن آلية الانعقاد الدوري للقمة العربية استبعدت عملية "انتخاب" الأمين العام، إذ جعلت المسألة عبارة عن "تعيين" بأسلوب "توافق الآراء" بين ثلثي القادة العرب خلال انعقاد القمة الدورية التي تتزامن مع انتهاء مدة الأمين العام، وهي هذه المرة قمة عمّان في 27 و28 آذار المقبل.