استبعد معظم المعلقين الإسرائيليين إمكان أن تتخذ كتلة حزب "العمل" البرلمانية في اجتماعها الطارئ اليوم قراراً بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، احتجاجاً على قرار الحكومة. فجر أمس، اعتبار السلطة الفلسطينية "سلطة تدعم الإرهاب"، لكنهم أشاروا إلى أن الأزمة الائتلافية الناشئة هي الأخطر على حكومة ارييل شارون منذ تشكيلها في آذار مارس الماضي. وكان وزراء "العمل" انسحبوا من اجتماع الحكومة احتجاجاً على عدم تجاوب شارون مع مطلبهم ارجاء التصويت على القرار المذكور إلى الأسبوع المقبل. ونقلت مصادر صحافية عن قريبين من وزير الخارجية شمعون بيريز أنه يؤيد الانسحاب من الحكومة، لأنه يرى في القرار إعلاناً عن تقويض السلطة الفلسطينية، و"لجوء إسرائيل إلى القوة فقط من دون أن تبقي بصيص أمل لحوار سياسي". وهاجم وزير المواصلات افرايم سنيه رئيس حكومته على تجاهله الشريك الأبرز في توليفته الحكومية العمل واتخاذ الحكومة قراراً بشكل خاطف. وقال رئيس الكنيست إبراهام بورغ إن قرار الحكومة خطير وسيؤدي إلى تدهور الأوضاع الأمنية و"لا يوجد لحزب العمل ما يبحث عنه في حكومة كهذه لا تقدم أي خيار سياسي ولا حتى اجتماعي، كما فقد قدرته على كبح ردود عسكرية عنيفة ضد الفلسطينيين". وفي ما دعا رئيس الكتلة البرلمانية آفي اوشاعيا وزراء "العمل" إلى الانسحاب الفوري من الحكومة، والكف عن التباكي والتهديد بالانسحاب، قال الأمين العام للحزب رعنان كوهين إن الحزب لم يتخذ في هذه المرحلة قراراً بالانسحاب "لكن الأمر وارد في الحسبان". وكان لافتاً أن جميع أعضاء الحزب يؤيدون العمليات العسكرية العنيفة التي أقرتها الحكومة واقتصرت معارضتهم على تعريف السلطة "داعمة للإرهاب" من خلال رؤيتهم أن من شأن تقويضها أن يأتي ب"حركة المقاومة الإسلامي" حماس إلى السلطة. ولفت المعلقون إلى عجز حزب "العمل" عن اتخاذ قرار صريح في ظل الأزمة السياسية والتنظيمية التي تعصف به منذ اندلاع الانتفاضة، واتسعت رقعتها بعد الانتخابات الأخيرة لزعامة الحزب التي لم تأت بمنتصر حيال تزوير النتائج في عشرات الصناديق، ما أدى إلى بقاء كرسي زعيم الحزب شاغراً منذ ثلاثة اشهر. يضاف إلى ذلك، حقيقة أن وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر، الساعي للفوز بهذا الكرسي، ليس متحمساً لانسحاب حزبه من الائتلاف الحكومي ويتماهى تماماً مع سياسة شارون العدوانية وغطرسته العسكرية. ونقل مراسل الإذاعة العبرية عن بن اليعيزر قوله قبل أيام إن أحداً لن ينجح في زحزحته عن كرسيه. وأشار المعلق المعروف حنان كريستال إلى أن وزراء العمل يأخذون في حساباتهم انحسار شعبية الحزب في أوساط الإسرائيليين على نحو غير مسبوق، وان قراراً بالانسحاب من الحكومة قد يكون بمثابة ضربة قاضية للحزب ازاء تأييد غالبية الإسرائيليين قرارات الحكومة ضرب الفلسطينيين بشراسة. وأضاف ان "العمل" قادر على العيش مع هذه الحكومة طالما لم تقرر رسمياً تقويض السلطة "وهو ما يعتبر خطاً أحمر". وعلى رغم انسحاب العمل الممثل في الكنيست ب23 نائباً لن يؤدي إلى حل الحكومة التي تتمتع بقاعدة برلمانية واسعة، فإن وزراء ليكود سارعوا أمس إلى مناشدة زملائهم العماليين عدم التسرع، تحت غطاء "أهمية الوحدة الوطنية"، لكنهم يعون جيداً ان انسحاباً كهذا قد يزيل ورقة التوت التي يمنحها "العمل" وبيريز خصوصاً لحكومة شارون وعلى الساحة الدولية تحديداً. ولم يستبعد المعلقون أن يتم حل الأزمة الحالية، كسابقاتها، في اجتماع ثنائي بين شارون وبيريز وتقديم الأول "قطعة من الحلوى" يلوح بها الثاني كإنجاز، إضافة إلى أن وزراء "العمل" يسعون أساساً إلى "سلام" مع كراسيهم أكثر من سعيهم إلى البحث عن سبل تحقيق سلام مع الفلسطينيين. وكتب المعلق في الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليكس فيشمان يقول إن الحرب التي أعلنتها إسرائيل فجر أمس ليست موجهة ضد السلطة الفلسطينية أو تنظيم محدد أو ضد ايديولوجية معينة، إنما ضد رجل واحد هو ياسر عرفات، مشيراً إلى أن مراحل هذه الحرب وضعها ويديرها رجل واحد هو شارون "في إطار معركة ممتدة منذ أكثر من 30 عاماً". وقال فيشمان إن شارون قرر ضرب رموز السيادة الفلسطينية بهدف إهانة الرئيس الفلسطيني والمس بمكانته، لكنه "لم يقرر بعد القضاء عليه، إنما تربيته فقط...". وتابع ان شارون أقر الخطة العسكرية قبل مغادرته الى الولاياتالمتحدة في اعقاب العملية الانتحارية التي نفذها فلسطيني في حافلة ركاب الخميس الماضي، وأن محادثاته مع الرئيس الأميركي أتاحت له تنسيق أدق التفاصيل حول كيفية معالجة الأزمة الناشبة، مشيراً إلى أنها المرة الأولى منذ اندلاع الانتفاضة التي تعلن فيها الولاياتالمتحدة على الملأ دعمها للهجوم الإسرائيلي. وحسب المعلق، فإن الهجوم ما زال في بدايته، وقصف مقار الرئيس الفلسطيني ليس سوى "ضربة بداية جدية" ستتبعها ضربات أخرى تتعلق حدتها ب"الخطوات المطلوب من الرئيس عرفات تنفيذها للجم الإرهاب".