حرب الارهاب التي تقودها الولاياتالمتحدة الاميركية والحملة الشرسة التي تتواصل على بعض الدول العربية والاسلامية القت بظلال كثيفة على اول موسم لنظام العمرة الجديد تطبقه السلطات السعودية، وفيه تم توسيع توقيت الموسم من ثلاثة شهور الى تسعة شهور بما يتيح للمعتمرين الوصول الى الاراضي المقدسة على مدار السنه خارج موسم الحج. على رغم عدم وجود احصاءات دقيقة معلنة الا ان العاملين في مكاتب وكالات السياحة والسفر يقدرون أن نحو ثلاثة ملايين معتمر وصلوا الى السعودية السنة الماضية خلال اشهر العمرة التي كانت محددة حسب النظام القديم. وكانت الحكومة السعودية اقرت النظام الجديد للعمرة سعياً منها إلى تنويع مصادر الدخل وفتح الباب واسعاً امام تنظيم السياحة الداخلية عبر إتاحة المجال أمام المعتمرين لزيارة اماكن لم تكن مقصداً لغير السعوديين مثل المناطق الجنوبية والشمالية الغربية من الاراضي السعودية. ويعد الموسم الجاري اول موسم للتنظيم الجديد الذي فشل في استقطاب المعتمرين حتى الآن، لأسباب مختلفة بينها حرب الارهاب اضافة الى برنامج التنظيم نفسه الذي لم يتفاعل معه الكثيرون في دول العالم المختلفة. وتشير التقديرات الاولية لموسم العمرة الجاري، بعد تسجيل عمليات الغاء للحجوزات من الدول العربية والاسلامية، الى تراجع اعداد المعتمرين خلال الفترة نفسها الى نحو 6،1 مليون معتمر بعدما ابدت الدوائر التجارية في السعودية تفاؤلاً بامكان ان يوازي دخل زيارة المعتمرين في موسم تطبيقه الاول ماحققه النفط من دخل سنة 1998. وامام تراجع عدد المعتمرين من الدول الاسلامية وغير الاسلامية برز الوجود المصري والايراني على الساحة في شكل لافت في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، اضافة الى حضور رعايا الدول الخليجية وقليل من الاتراك والسوريين في حين سجل غياب الكثيرين. ويقول رئيس "مركز السجيني للاستشارات الاقتصادية والادارية" السيد اسماعيل سجيني ل"الحياة" إن "لموسم العمرة الجاري سببين رئيسين ساهما في التأثير السلبي على اعداد المعتمرين في الموسم الاول أولهما الاجراءات والنظم الخاصة بالعمرة المطبقة التي أدت الى عدم اقبال رعايا بعض الدول الاسلامية بعكس ما كان متوقعاً، وفي مقدمها ماليزيا واندونيسيا وتركيا وغيرها من الدول، كما أن الاجراءات والنظم التي تطبق على المعتمرين بمنظور امني ساهمت في ضعف موسم العمرة". أما "السبب الثاني فهو أن الحرب على الارهاب ادت الى عزوف ما يزيد على 15 في المئة من الدول غير الاسلامية عن اداء مناسك العمرة، اضافة الى اكثر من 30 في المئة من الدول الاسلامية ربما خوفاً من ركوب الطائرات". واستبعد سجيني ان ينطبق التراجع في اعداد المعتمرين على موسم الحج "لاختلاف المعايير من جانب، ونوعية الحجاج من جانب اخر، اذ لا يزيد عدد الحجاج القادمين من الدول غير الاسلامية في اوروبا والولاياتالمتحدة الاميركية عن خمسة في المئة من اجمالي العدد السنوي للحجاج الذين تراوح اعدادهم بين 900 الف ومليون في السنوات الخمس الاخيرة". ونوه إلى ان عدم وجود احصاءات سابقة لمواسم العمرة حال دون درس كثير من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية للمعتمرين والسكان المحليين، بل وساهم في تضيق فرص الاستثمارات المتوسطة والصغيرة في المدينتين المقدستين، مطالباً بضرورة إعداد الاحصاءات والاعلان عنها في صورة دورية للمساهمة في دفع القرارات الاستثمارية في هذا الجانب نحو أفق ارحب. ويقول عاملون في مكةالمكرمة ان نسب الاشغال لموسم العمرة الجاري لاتتجاوز 33 في المئة حالياً في الفنادق والدور المحيطة بالمسجد الحرام، وتصل الى اقل من سبعة في المئة في المناطق البعيدة عنه. ويُعوّل الكثيرون منهم على شهر رمضان لكسر حاجز التراجع الحاد في اعداد المعتمرين وتعويض خسائر المرحلة السابقة. المشاعر المقدسة على جانب آخر أتاح الاقبال من قبل السعوديين والخليجيين على شراء وحدات سكنية مختلفة المساحات في المنطقة المتاخمة للمسجد الحرام في مكةالمكرمة الى تحقيق "شركة مكة للانشاء والتعمير" في الاسابيع الاخيرة 1.263 بليون ريال 336.868 مليون دولار في اعقاب بيعها 84 وحدة سكنية من مشروعها السكني التجاري. لكن في الوقت ذاته لم تحقق ارض فضاء في الدائري الاول للمسجد الحرام اسعاراً تعادل نصف ما وصل اليه سعر المتر المربع الواحد في مشروع الشركة. وكان متوسط سعر المتر المربع السنة الماضية في الدائري الاول يراوح بين 85 ألفاً و120 الف دولار. وتؤثر في السعر المساحة الاجمالية كلما زادت ارتفع السعر والعكس بالعكس. ويقول الدكتور عمر باقعر استاذ الاقتصاد ان تقديرات عوائد الاستثمارات العقارية في مكةالمكرمة تراوح بين 12 و 14 في المئة، في حين تراوح توقعات الاقتصاديين السعوديين لزيادة معدلاتها بين 2.5 و سبعة في المئة.