في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، أطلقت شركة "مايكروسوفت" نظام التشغيل الجديد "ويندوز XP"، في نسخ مستقلة من سبع لغات، إحداها العربية. وبينما ينشغل اختصاصيو التكنولوجيا الرقمية بتفحص مزايا هذا النظام وصفاته، تراقبه اسواق الاقتصاد، خصوصاً "نازداك"، وتأمل أن ينجح في انهاض اوضاعها الراكدة. فهل يقدر على ذلك، في ظل الحرب العالمية الاولى في القرن 21؟ تستقبل الداخل الى مطار دبي اعلانات تتوالى على جدران الأروقة وتشع من لافتات نيون متعددة الالوان. وتنطق معظم الاعلانات بانشغال الإمارة بالتكنولوجيا الرقمية. ولم تأل شركات الكومبيوتر والاتصالات، مثل نوكيا، ومايكروسوفت، والثريا، وكومباك، وأتش بي وغيرها جهداً في جعل صور حضورها الى المنطقة العربية جزءاً من صورة هذا البلد. ويرتاح كثير من أهل دبي الى هذا التداخل بين التكنولوجيا المتطورة وبلدهم، بل يبذلون دونه جهوداً دؤوبة ومكلفة. وتصلح "مدينة دبي للانترنت" و"مدينة الاعلام" نموذجاً لتَقَصّّدْ التداخل بين الامارة وتكنولوجيا الارقام. واختارت شركة "مايكروسوفت"، عملاق برمجيات الكمبيوتر، الجامعة الاميركية في دبي، التي تحاذي مدينة الانترنت، منصة لاطلاق نظام التشغيل الجديد "ويندوز XP" الى المنطقة العربية. وأصدرته ناطقاً بسبع ألسن منها لغة العرب، وخصته بحملة دعائية فاقت تكاليفها 200 مليون دولار. والحال أن حفلات اطلاق عدة جرت في يوم واحد ليلاقي النظام أسواق العالم في أقل من 24 ساعة. وأوضح ليث دجاني، وهو من مديري الشركة، أن الاحتفالات استُهلت في أوستراليا، ثم في جنوب افريقيا ودبي، تليهما بيروت ثم باريس ولندن، وأخيراً نيويورك الحاضرة بقوة في ذهن العالم. مزايا التقنية و"الميلتي ميديا" ما الذي استجد في التقنية والناس لكي تُصدر الشركة نظام تشغيل OPERATING SYSTEM جديداً، وليس مجرد تطبيق أو برنامج حديث، في وقت غير بعيد من اطلاق نظامي التشغيل "ويندوز 2000" و"ويندوز ميلينيوم"؟ لا تسهل الاجابة عن هذا السؤال، خصوصاً ان العالم يعاني ركوداً اقتصادياً وزلزالاً سياسياً لا يعرف مداه، بعد. ويختصر حرفا XP كلمة EXPERIENCE وتعني التجربة، وفي معنى ما، فإن النظام الجديد دخل هو نفسه في تجربة أختبار المجهول. وفي لقاء خاص مع "الحياة"، فصّل المهندس مجد عبّار، وهو سوري يحمل الجنسية الكندية ويدير قسم تعريب النظام الجديد، بعضاً من التفاصيل التقنية في "ويندوز XP"، التي رآها كافية لتبرير اطلاقه الى الاسواق. في البداية، يحتاج تثبيت النظام الى كومبيوتر فيه معالج معلومات بسرعة 300 ميغاهيرتز فما فوق، وإلى ذاكرة عشوائية RAM سعتها 128 ميغابايت، وإلى مساحة فارغة على القرص الثابت لا تقل من 5،1 جيغابايت، وإلى مزود لشاشة العرض يعطي خاصية نقاء عالية جداًSVGA ، اضافة الى اتصال مع الانترنت. وشدد عبّار على ميزة المصداقية العالية في ويندوز الجديد، ذلك انه يعمل بالارتكاز الى محرك بحث جديد كلياً يقدر على الوصول الى كل قواعد البيانات التي توفرها مايكروسوفت لتطبيقاتها وأدواتها على الانترنت. ويرى ان هذا الجمع الكبير من قواعد البيانات الضخمة كفيل بأن يقلل من هامش الخطأ الى الحدود الدنيا. وبحسب قوله، يتميز النظام بالثبات، وبقدرته على التجاوب مع حالات التطلب مثل فتح أكثر من تطبيق وبرنامج في وقت واحد ، واستخدامه من قبل غير مستخدم في الوقت نفسه وما الى ذلك. ولفت المهندس الى ترسيمتين أساسيتين رآهما فريدتين: الاولى ان "ويندوز XP" يدير عمل الكمبيوتر أنطلاقاً من الاعمال اليومية المتكررة والمهام التي يستخدمها المستعمل، وليس بمجرد تقديم اختيارات واسعة جداً الى المستخدم الفرد. وتصل هذه الميزة الى حد أن النظام ينحّي جانباً التطبيقات التي لا تستخدم تكراراً، فتصبح واجهة المستعمل أكثر تركيزاً على ما يؤديه كل فرد من عمل. وتتمثل الترسيمة الثانية في اعتماد الوسائط المتعددة "ميلتي ميديا" كوسيط في التعامل بين الانسان والكومبيوتر. وهكذا تعطي الواجهة الجديدة الأولوية الى ملفات الموسيقى MP3، والتعامل مع الصور الرقمية وأشرطة الفيديو، اضافة الى امكان نقلها بين الملفات واضافتها الى أي وثيقة يفتحها المستعمل. والحال أن المستخدم الفرد يصبح أقرب الى "مخرج مصغر" يتعامل مع الميلتي ميديا وينتجها. وبيّن عبّار أن التركيز على هذه الوسائط جاء من التنبه الى ان جمهور المعلوماتية معظمه من الشباب والأحداث والأطفال، اضافة الى تبلور صورة الكومبيوتر أداة ترفيه جديدة لها سماتها النوعية الخاصة.0 وإضافة الى هاتين الترسيمتين العامتين، لفت الى مزايا تفصيلية مثل خاصية ادارة الكومبيوتر من بعد، والدخول الى الملفات والتطبيقات الموجودة على كومبيوتر العمل او المنزل من اي مكان في العالم، أي Remote Disk. وبطريقة مماثلة، يمكن المستخدم طلب مساعدة من يفوقه خبرة بأن "يسمح له بالدخول الى كومبيوتره بعد اعطائه اذناً خاصاً له خمس مستويات من الأمان"، وكذلك أن تظهر الشاشة عينها على جهازين منفصلين Dual view. وهذه المزايا تفتح باباً واسعاً لنقاش حار عن مسالة الأمن والخصوصية، لكن ذلك يحتاج الى بحث خاص. ونبّه الى دعم مشاركة أكثر من مستخدم للجهاز الواحد بواسطة الانتقال السريع بين المستعملين من دون اقفال ما يستخدمه كل منهم من تطبيقات أو وثائق، أي Fast-User Switching. وثمة صفات تتعلق بالدرجة العالية من اندماج برنامج التشغيل مع الانترنت، وهو صلب مبادرة "نيت" الاستراتيجية لدى مايكروسوفت، وصدر ويندوز الجديد مشتملاً على برنامج التصفح "أكسبلورر 6"، واحتاط للتأثير السلبي الذي يتركه بعض البرامج المتوافرة على الشبكة عبر تمكين المستخدم من العودة الى وضع ما قبل انزال تلك البرامج من الانترنت، وهو ما يسمى System Restore، اضافة الى الحوسبة المتنقلة Mobile Computing ، واستخدام الشبكات اللاسلكية وغيرها. وهذه مسائل تحتاج نقاشاً خاصاً، مثلها مثل التعريب الذي يشرف عبّار على شأنه في الشركة.