يشكل اللاجئون الفلسطينيون في الأراضي العربية 54 في المئة من مجموع تعداد الشعب الفلسطيني ويعانون ما يعانيه أهل الداخل من فقر ومرض وقلة اهتمام من الجهات المسؤولة عن مساعدة المشردين. ففي عام 1949 تشكلت أول لجنة دولية مهمتها الكبرى تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني، التي بدأت في السنوات الأخيرة بالانخفاض. وتستمر المعاناة مع ضعف المساعدة الدولية لتشمل مخيمات كثيرة في دمشق، ومن يرى بعض هذه المخيمات لا يصدق اننا في عصر التكنولوجيا والتطور. فمخيم جرمانا مثلاً هو عبارة عن علب صغيرة من الحجارة لتشكل حياة فقيرة مهملة، أزقتها تضيق لتتسع لشخص واحد، الى الأوساخ والقمامة المنتشرة في كل شبر من هذه الأحياء. هذه معاناة صغيرة مقارنة الى ما يعيشه أهل مخيم خان الشيح. ويمكن وصف المخيم بأنه عبارة عن بيوت صغيرة منفصلة عن بعضها كل بيت مؤلف من غرفة ومطبخ، وبين البيوت طرق غير معبدة. وهذه البيوت تقبع بين طرفين أولهما شارع ضيق يتسع لسيارتين، وحركة السير فيه كثيرة مما يجعل الشارع في بعض الأحيان يزدحم بالسيارت ويشكل خطراً على المشاة الذين يمشون على طرف الشارع لعدم وجود رصيف، وفي الطرف الثاني للمخيم نهر جفت مياهه بحكم شح مياه الأنهار، فأصبح مجرى النهر مكب للفضلات والمياه المالحة المقبلة عبر أقنية مصنوعة يدوياً من بعض البيوت. ويعاني المخيم من عدم وجود صرف صحي فمن يملك حفرة للفضلات أحواله المادية جيدة، والفقير يطرح فضلاته في البساتين. هذا وصف شامل لما رأيناه في المخيم والمعاناة الحقيقية تتجسد في الحديث مع أهاليه. - الحاج اسماعيل سلامة، من أهالي المخيم تحدث عنما يعانيه الشعب الفلسطيني في هذه المنطقة بقوله: منذ سنوات عدة جاءت لجنة دولية للمنطقة للكشف عن الصرف الصحي ورأت ما رأته فوعدت بتشكل صرف صحي جيد لكل المنطقة وذهبت اللجنة ولم تعد ولم نر شيئاً من المساعدة. هذا وإن الأمر يسوء لأن هذه المنطقة فقيرة بمياه الشرب والناس يشترون المياه من الصهاريج. وهناك من يحفر الآبار، ولكن حفر المياه المالحة قريبة من هذه الآبار وأصبحت المياه المالحة تنفذ الى مياه البئر والتلوث خطير. - عائلة مكونة من سبعة أشخاص، الأب عاجز، والأم أم ياسين عمياء منذ ثلاث سنوات. فمنذ خمس سنوات أصيبت أم ياسين بمرض "الميّ الزرقاء" في عينيها، فذهبت الى مشفى عام في دمشق وأجريت لها عملية لم تنجح. أعادت المحاولة مرة أخرى فكانت النتيجة أن عينها اليمنى انتهت تماماً، فحاولت أن تنقذ عينها الأخرى بتغيير الطبيب فذهبت الى "وكالة الغوث" لطلب العون فحولوها الى طبيب مشهور وأجريت لها عملية أخرى بعد دفع نصف المصاريف، فأصبحت عينها اليسرى تفرق بين الضوء والعتمة فقط. سألنا أم ياسين لماذا لا تطلبون المساعدة من "الأونروا" بحكم عجزك أنت وزوجك. فأجابت ان لديها ولدان ويظنون انهما قادران على الصرف علينا وعلى اخواتهن الثلاثة ولا يعرفون ان ايام عملهما قليلة جداً بلاطون والبناء هنا قليل. وأنهت أم ياسين حديثها بقولها نحن لا نطلب الكثير نريد أن نشرب ونطعم هذا الرجل المسكين مشيرة الى زوجها. - ثمانية أشخاص يعيشون في غرفة واحدة، أكبر أولاد أبو نضال عمره 18 سنة، وله ابن وابنة في المرحلة الابتدائية. أبو نضال رجل الى جانب فقره الشديد جاءه مرض جعله شبه عاجز، ولديه ولدان متخلفان وأحدهما عاجز عن الحركة. سألنا أم نضال من أين يحصلون على المال، فقالت ان زوجها يحاول أحياناً العمل ليوم أو يومين ثم يجلس على فراش المرض، فنكمل أيامنا بالديون والمساعدة المقدمة من أولاد الحلال. وتابعت: ان حياتنا عذاب في عذاب ونتمنى أن نموت لنرتاح. فلينظر العالم الى هذه المأساة وليسمع رغبة الموت التي تردد كل يوم في مئات البيوت والأحياء الفلسطينية.