ودّع لبنان أمس رئيس جمهوريته السابق شارل حلو 1964 - 1970 في مأتم رسمي وشعبي مهيب، شارك فيه رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس الحكومة رفيق الحريري ونائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي ممثلاً الرئيس نبيه بري وأركان الدولة، وممثل الرئيس السوري بشار الأسد وزير الدولة للشؤون الخارجية ناصر قدور وممثل البابا يوحنا بولس الثاني السفير البابوي في لبنان المونسنيور انطونيو ماريا فيليو. وكان جثمانه نقل، الثامنة صباحاً، في موكب كبير من دارته في الكسليك الى كنيسة مار مارون في الجميزة حيث سجّي. وبعدما وصل الرسميون أقيمت رتبة دفن الموتى التي ترأسها راعي أبرشية بيروت للموارنة بولس مطر. ثم حمل عناصر من الشرطة العسكرية النعش ووضعوه على عربة مدفع، واتجه الموكب الى كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط بيروت التجاري، وسار خلفه لحود والحريري والفرزلي ورئيس الجمهورية السابق أمين الجميل ووزراء ونواب وشخصيات ورجال دين وذوو الفقيد. وترأس البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير، صلاة الجناز التي حضرها ايضاً الرئيس السابق الياس الهراوي، وتليت خلالها رسالة تعزية وجهها البابا وصف فيها الراحل ب"المسيحي المؤمن الذي خدم وطنه سنوات عدة وعمل بحرارة في سبيل الوحدة والوفاق بين كل اللبنانيين". ثم ألقى صفير عظة رأى فيها ان "اسم شارل حلو كان عظيماً في حقل الثقافة والصحافة والسياسة والعمل الانساني"، معدداً انجازاته في هذه الحقول، كل على حدة. وتحدث عن حياته السياسة، فأشار الى "ان الظروف لم تسعفه دائماً وكانت هناك أزمات متلاحقة في عهده حالت دون تحقيق كل رغباته". وأضاف ان "همّ اتفاق القاهرة ظل يلاحقه ويرهقه، وقد كتب فيه مقالاً تبريراً لموقفه منه ورداً على الذين نسبوا اليه ما لم يكن يقصده ولا كان ضالعاً فيه، ولم يسعده الحظ في اصلاح الادارة التي استعصت مشكلاتها، على ما يبدو حتى أيامنا هذه، على كل حل". وتابع: "لكنه مهما تناوله المفتئتون عليه بألسنة النقد يبقى الرئيس الذي يغضب ولا يحقد، يأسف ولا ينتقم، يخاصم ولا يحجم عن الصفح". وكشف "أنه باع بيته لينفق ثمنه في سبيل الخير". وأوضح صفير أن آخر حديث بينهما كان السبت الفائت "والكلمات تتلجلج على لسانه أكد لنا فيه ما يكنه لنا وللبطركية من مشاعر مودة ووعد بالتحامل على نفسه للوصول الينا. وما كنا ننتظر انه سيغادر هذه الدنيا على وجه السرعة ليلقى لدى ربه جزاء ما ملأ به حياته من خدمات وطنية وانسانية". وبعد انتهاء الصلاة، تقبل لحود والحريري والفرزلي وعائلة الراحل التعازي. ثم ووري الجثمان في مدافن رأس النبع.