حصل الفريق أول ركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، الناشط البيئي الملتزم قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات في حرب تحرير الكويت، على واحد من أرفع التقديرات التي تمنح في مجال البحوث في قاع البحار والحفاظ على البيئة البحرية. وكانت مجلة "شوبوتس انترناشيونال" بدأت مع منظمتها الخيرية الرسمية "بال دو لا مير" منذ 1993 منح جائزة "سي كيبرز" المحافظون على البحار سنوياً للشخصية التي تقدم المساهمة الأهم في مجال الحفاظ على البيئة البحرية. وتسلم الأمير خالد الجائزة من عالم البحار الشهير جان ميشال كوستو، خلال مأدبة عشاء اقيمت للمناسبة في إمارة موناكو. وبين الحاصلين على جائزة "سي كيبرز" عدد من الأسماء البارزة في الحفاظ على البيئة البحرية، بينها أمير موناكو رينيه الثالث، والمستكشفة المرموقة المؤلفة الدكتورة سيلفيا ايرل من الولاياتالمتحدة، والناشط في مجال الحفاظ على البيئة البحرية مخرج فيلم "تايتانيك" جيمس كاميرون، والناشط البيئي رجل الأعمال الأميركي في صناعات الاتصال كريغ مكّاو. ولكل من الحاصلين على الجائزة سجل مرموق في العلوم والبيئة والأعمال والمجال العسكري، وبذل جهداً سخياً وقدم موارد من أجل فهم أفضل للبيئة البحرية والمخاطر التي تواجهها. ولاحظت لجنة جائزة "سي كيبرز" أن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز موّل عدداً كبيراً من البرامج البيئية، ووضع سفينتيه العابرتين للمحيط بتصرف العلماء والباحثين في مجال بيئة البحار، مركزاً خصوصاً على استصلاح الحيود البحرية وحفظها. كما خصص موارد كبرى لرحلة عالمية تعد سابقة في مجال البحوث البحرية، مستخدماً سفينتيه "غولدن شادو" الظل الذهبي و"غولدن أوديسي" الأوديسة الذهبية. وهو يدرس الآن امكان انشاء مؤسسة للبحوث والتعليم البحريين. ومما جاء في شهادة منحه الجائزة: "يأتي هذا التقدير لصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان للمثال الذي ضربه للجميع بصفاته القيادية وتفانيه ومساهمته المباشرة في علم البحار والتعليم البحري. وأدى تخصيصه "الأسطول الذهبي" لخدمة البحوث البحرية والاستكشاف إلى توسيع مهم لمعرفة الانسانية بالتغيرات في مناخ العالم، وأثرها في الحياة البحرية، خصوصاً الحيود المرجانية الحيّة. وساعدت البحوث التي جرت على يختيه العلماء في فهم التغيرات المناخية التاريخية، وقدمت سجلاّ لأسباب تراجع الحياة البحرية ومداه في الكثير من المناطق النائية. واستعملت سفينتا الأمير خالد حيثما ذهبتا كمدرستين تعملان لتوعية السكان بالمخاطر المحيقة ببيئتهم البحرية ومصادر رزقهم، وتقديم المعلومات التي تحسن اداءهم في مجال الحفاظ على تلك البيئة". كلمة الأمير خالد وألقى الأمير خالد كلمة في المناسبة قال فيها: "أشعر بعميق الامتنان لجائزة "سي كيبرز" التي قدمتموها اليّ باسم مجلة "شوبوتس انترناشيونال". إنها أقصى تقدير يطمح اليه أي محبّ للبحار. لا بد أن كلاّ منا، في هذه القاعة المليئة ب"المحافظين على البحار"، اكتشف في شكل شخصي عميق ما في البحار من جمال وما لها من أهمية. منبتي هو وسط المملكة العربية السعودية، في منطقة لا يمكن تصور أبعد منها عن المحيطات. لكن هذا لم يكن الحال دوماً. هل لكم تخيّل رد الفعل من تلميذ في الرياض عندما يدرك ان الكثير من الصحراء المنبسطة الى ما لا نهاية كان في الأزمنة الغابرة قاعاً لمحيط. وبعد أن شحذ هذا الادراك اهتمامه، اكتشف ذلك التلميذ سريعاً ان هناك في أرجاء بلاده بقايا الحيوانات البحرية المتحجرة، اضافة الى رؤوس النبال وأسنة الرماح من الأزمنة الوسيطة عندما كانت البحار تتراجع، وكانت الجزيرة العربية تنتقل من كونها قعراً للمحيط الى أرض مليئة بالغابات والوحوش، قبل ان تصبح الصحراء التي هي اليوم. أنا، بالطبع، كنت ذلك التلميذ الذي أصبح مأخوذاً بالبحار من خلال دراسته التاريخ الجيولوجي الفريد لبلاده. بعد سنين، عندما بدأت التجوال في البحار والغوص فيها، نضج اهتمامي ليصبح شغفاً عميقاً بمحيطاتنا وما تديمه من حياة. واليوم اشاطركم الاهتمام العميق والشغف الدائم بالحفاظ على التوازن الحرج في البحار وحمايته، ليس فقط لأولادي، بل للأجيال المقبلة. واخترت، ردّاً لعطاء المحيطات، أن أضع سفينتيّ تحت تصرف علماء مخلصين، مثل البروفسور جوبير، للقيام بالبحوث التي تمكن الحيود البحرية من البقاء أو العثور في الحياة البحرية الثرية على علاجات جديدة ممكنة للأمراض. وباعتباري من المتحمسين لرياضة الغوص، تضاعفت متعتي عندما جمعت إليها البحوث الجادة. ولكم ان تتصوروا مقدار ما يتعلمه المرء عندما يستشكف عالم ما تحت البحار برفقة جان جوبير. يا له من معلم رائع. واذا كان لي أن امتدح نفسي في شكل عابر، يمكنني القول: "يا لي من طالب متحمس!". لم يؤدِ هذا إلى مضاعفة المتعة فحسب، بل اعطاني أيضاً ادراكاً أعمق بالعمل الفريد الذي يقوم به من على سفينتي البروفسور جوبير وزملاؤه من معهد سكريبس وجامعة هاواي. وبيّن لنا البحث الجاد ان الحيود البحرية مقياس حاسم الأهمية لحيوية الأرض نفسها. ذلك ان الحيود، مثل طير الكناري في المنجم المليء بالغازات، هي أول من يموت بسبب الظروف التي يمكنها في النهاية أن تؤثر في صحة الأرض. إننا في هذه القاعة نفهم في شكل لا يقل عن فهم العلماء أو الباحثين أن العالم لن يبقى طويلاً إذا تحولت المحيطات إلى احواض من السائل الخالي من الحياة، من دون البلانكتون أو الحواجز أو الحياة البحرية عموماً. اعتقد ان كلاً منا، نحن الذين اتاح لهم حسن حظهم تجربة المحيطات عندما تكون في أبهى حالاتها - وهو الامتياز الذي نتمتع به نحن اصحاب السفن - يفهم المسؤولية الاخلاقية في البرهان على "الالتزام والشغف بصحة البحار"، بحسب تعبير جيم غيلبرت في رسالته إليّ. ويسعدني انني تمكنت من المساهمة في هذا الالتزام والشغف، وسيبقى انتمائي الى "المحافظين على البحار" علاقة اعتز بها. أكرر الشكر الى جيم غيلبرت ومجلة "شوبوتس انترناشيونال" ولكم جميعاً على تشريفي بجائزة "سي كيبرز". خبرة فريدة اتيحت للأمير خالد الخبرة الفريدة المتمثلة بالمشاركة في قيادة قوات الدول ال37 التي حررت الكويت، ونال في 24 أيلول سبتمبر 1991، أي بعد الحرب، رتبة فريق. وهو ينشط اليوم في حقول الصحافة والنشر وعلوم البحار، وهو ناشر "الحياة"، الصحيفة العربية المرموقة، والمجلة الاخبارية الأسبوعية "الوسط"، المطبوعتين العربيتين العالميتي التوزيع. ونشط الأمير خالد في مجال دراسة الحيود المرجانية الحيّة وسبل توالدها، وتعتبر هذه الحيود مساوية للغابات الاستوائية لجهة أهميتها للبيئة العالمية. ويعير في شكل منتظم سفينتيه لرحلات البحوث مشتركاً مع عدد من معاهد وجامعات علوم البحار. وتعاون مع مرصد البحار الأوروبي ومعهد سكريبس لعلوم البحار ودائرة الجيولوجيا الساحلية في جامعة هاواي ومجموعات البحوث في المعاهد والجامعات في بولونيزيا الفرنسية وجنوب المحيط الهادي، ومع جامعة ليفربول البريطانية وجامعة قناة السويس المصرية. وإضافة إلى تلك البحوث، يعمل الأمير خالد لتطوير برنامج تعليمي متعدد الوسائط لشبيبة الدول البحرية. وهو يتمكن، بفضل هذه النشاطات، من القيام بدور العامل المساعد لتوسيع الاتصال والتعاون بين مجموعات البحوث ومؤسساتها في الدول. ويعرف عن الأمير خالد مهارته وحماسته للغوص، وهو جهّز واحدة من سفنه الخاصة لتكون مختبراً للبحوث، ونقل ثمانية أطنان من الحيد المرجاني، بكل ما فيها من الحيوان القشري والعضويات والرمل، من البحر الأحمر الى متحف علوم البحار في موناكو. وجاءت هذه المنظومة المرجانية كاملة، مع مياه البحر الأحمر التي كونتها. ويعتقد انها المرة الأولى التي ينقل فيها بنجاح نظام متكامل من بيئة ما تحت البحر ليعاد توطينها في مكان جديد. وتجرى دراسات عدة عن الحياة البحرية، وذلك في المختبرات الممتازة التجهيز على السفن.