كم كان ليبدو الأمر جميلاً لو أن الناشرين العرب يبادرون مطلع كل صيف الى ترويج ما لديهم من كتب صالحة لأن يقرأها الهواة في أيام العطلة، على غرار ما يفعل الناشرون الغربيون. فهؤلاء ينتظرون فصل الصيف ليعلنوا ما يشبه الموسم الأدبي تحت عنوان عريض هو "قراءات الصيف". وهم على يقين تام أن معظم "الهاربين" من رتابة الوظيفة الى حرية العطلة الصيفية سيحملون في حقائبهم كتباً يقرأونها حيثما كانوا في الطائرة أم في القطار أم في المقاهي أم على الشواطئ... ليس الكتاب إذاً "سلعة" شتائية فقط، بل هو الرفيق الدائم في كل الفصول. هذا ما يؤكده إقبال الهواة الغربيين على شراء كتب الصيف. بل هذا ما يؤكده انهماك الناشرين الغربيين على ترويج كتب الصيف على اختلاف انواعها من كتب الجيب الى كتب الرحلات الى الروايات والمغامرات وبعض الشعر. ومَن يقرأ عناوين الكتب التي يسعى الناشرون الغربيون الى ترويجها صيفاً يلحظ أنها تختلف عن كتب الشتاء أو كتب المواسم المعروفة. فقرّاء الصيف هم غير قرّاء الشتاء حتى وإن كانوا هم أنفسهم صيفاً وشتاء. وقد يحق لقرّاء الشتاء أن يختاروا خلال الصيف كتباً تختلف تماماً عمّا يقرأون شتاء في المنازل والغرف أو في المكتبات والمقاهي. في الصيف قد تبدو المتعة مزدوجة إذ يرافقها ضوء الشمس أو زرقة البحر أو نسائم القرى والجبال. أما في الشتاء فالمتعة لا يحددها سوى فعل القراءة في ما يملك من سحر وإغراء. هذا ما توحي به عناوين الكتب التي يدأب الناشرون الغربيون على تزويد قرّائهم بها في مطلع الصيف... وهذا طبعاً ما لم يعرفه الناشرون العرب ولا القرّاء العرب بدورهم. فالكتاب في نظر الناشرين العرب هو "سلعة" شتائية فقط، و"سلعة" شتائية غير رائجة تماماً... وإن لم ترج الكتب في الشتاء كما يجب أن تروج فهل يمكنها أن تروج في الصيف، فصل الاسترخاء والكسل...؟ نادراً ما يلفت نظرَ القرّاء العرب إعلانٌ عن كتاب في مطلع الصيف أو حملة ما من أجل ترويج القراءة. يغيب الكتاب في الصيف عن الواجهات وربما عن المنابر التي يُفترض أنها معنية به. حتى الناشرون أنفسهم لا يسعون الى جعل الكتاب من أبرز همومهم الصيفية فتراهم وكأنهم مستقيلون موقتاً أو منصرفون الى تهيئة مواسم الخريف والشتاء. وقد فاتهم أن من الممكن أن يكون فصل الصيف موسماً مهماً لو أنهم عرفوا كيف يروّجون كتبهم خلاله، وكيف يخاطبون هواة القراءة. فالهواة الذين يقبلون على القراءة شتاء لن يتخلّوا عنها صيفاً. والطلاب يجدون في الصيف فرصة سانحة للانصراف الى القراءة الحرّة وكذلك الموظفون على اختلاف وظائفهم قد يجدون في العطلة وقتاً ملائماً للقراءة أياً كانت. ترى هل سنقرأ في مطلع صيف "عربي" ما إعلاناً عن كتب صيفية أو عن مكتبة صيفية عامة أو هل ستطالعنا ذات صيف حركة نشر همّها، كل همّها أن توصل الكتب الى حقائب المسافرين أو الى أيدي الهواة الذين يستسلمون لإغراء الكسل الصيفي؟ هل سيصبح الكتاب العربي سلعة صيفية حقيقية أم أن الأزمات التي تحاصره في مواسمه ستحول دون انتشاره كرفيق جميل وصامت؟ *** لم نسأل القرّاء العرب: ماذا تقرأون في الصيف، بل سألنا بعض الكتّاب أن يقترحوا على القرّاء العرب كتاباً يجدون أن قراءته ملائمة لهذا الصيف العربي الحارّ! فماذا اختار هؤلاء لقرّائهم؟ ع.