محاباة الاقارب وهي من العقبات الرئيسة امام تطور الادارة والشركات ليست حكراً على شركات الاقتصاد التقليدي بل لها موقعها والمميز ايضاً في الاقتصاد الالكتروني. ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية تقريراً مطلع الشهر الحالي القى الضوء على شركات الانترنت الناشئة حيث تجد المدير التنفيذي شاباً لم يتجاوز الثلاثين عاماً من عمره، مساعداً او مساعدين إلى جانبه يناديهما خارج دوام العمل أبي... أمي. وتطرق تقرير الصحيفة الى عدد من الحالات منها عائلة لي. الابن برسكوت 38 عاماً هو مؤسس ومدير تنفيذي لشركة "ecircle.com" المتخصصة في عقد ندوات واجتماعات على شبكة الانترنت وامه لوسيل 67 عاماً الموظفة السابقة في شركة IBM والتي تعمل مديرة لتطوير التطبيقات في الشركة المذكورة. عائلة لي ليست نموذجاً فريداً في عالم الانترنت بل على العكس تماماً هناك مئات الحالات منها، والاهم ان هذا النوع من العلاقات العائلية اصبح يدرج بين اسباب نجاح الشركات الالكترونية الناشئة. تخالف هذه الظاهرة مفهوم المحاباة التقليدي حيث يصعد الابناء وظيفياً في شركات ابائهم. وتضفي بعداً جديداً على العلاقات العائلية وخصوصاً في ما يتعلق بمفهومي السلطة والطاعة. وينتمي معظم المديرين الالكترونيين الى جيل يتعاطى بسهولة مع التقنيات الجديدة ومع مخاطر الاستثمار التي ترافقها. اما اهلهم فهم غالباً ما يتمتعون بمهارات ادارية وبعيدون نوعاً ما عن سن التقاعد. ويعتبر بعضهم ان العمل في شركات ابنائهم ممكن بسبب الخبرات التي يتمتعون بها والآخر يعتبر ان المردود المالي مجز، اما البقية وهم اكثرية فيعللون بنبل سبب التحاقهم بشركات ابنائهم قائلين "كيف نستطيع رفض طلب ابن يسألك مساعدته". وتقول استاذة السلوك الاداري في جامعة ايلينوي ماري والر ان هذه الظاهرة جديدة تماماً وتشير الى الشركات والمستثمرين الاميركيين ينظرون عادة بسلبية الى اي نوع من المحاباة لكنها توضح النظرة الايجابية الى هذه الظاهرة بالقول ان الكثير من المديرين الالكترونيين الشبان يتمتع بالخبرات الادارية اللازمة، في حين ان اباءهم رجال اعمال ناجحون وبامكانهم اسداء النصح والارشادات الادارية اللازمة لتطوير شركاتهم. ومن حالات المحاباة الشهيرة في عالم الانترنت والكومبيوتر توظيف بيل غايتس مؤسس "مايكروسوفت" لوالده وليام جونيور غيتس 74 عاماً على رأس "مؤسسة بيل وميليندا غيتس" وهي اكبر مؤسسة خيرية اميركية. ويعزو بيل غيتس قراره بتوظيف والده الى انه محام متمرس في واشنطن والى انه اقترح عليه وعلى زوجته ميليندا فكرة تأسيس المؤسسة المذكورة. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "غلوبيكس" المتخصصة ببناء انظمة اتصالات لشبكة الانترنت مارك بل 31 عاماً يوظف الآن والديه المنفصلين عن بعضهما منذ عشر سنوات. وكان والده روبرت 61 عاماً وهو محام عقاري قد بدأ العمل لدى مارك كمستشار غير رسمي للشركة ومع توسع اعمال "غلوبيكس" عين روبرت في العام 1995 نائباً للمدير العام. ويصف مارك تجربته مع والده بالصعبة ويقول "عندما انضم والدي الى مجلس الادارة بدا الامر مستغرباً واستلزم ايحاء بعض الحدود في العمل الامر الذي ادى الى لحظات متوترة سرعان ما تكيفنا سوياً على مواجهتها". ويستطرد مارك "لكن في النهاية لن تجد احداً تثق به اكثر من عائلتك". ولم يطالب روبرت بأي حصة في الشركة عندما بدأ العمل فيها رسمياً وعندما طرحت اسهمها للتداول نال حصصاً بدلاً عن رواتب مستحقة فاصبح بين ليلة وضحاها مليونيراً يعمل لدى ابنه الذي تقدر ثروته ب185 مليون دولار وهي قيمة ما يملكه من اسهم في "غلوبيكس" التي توظف حالياً 600 شخص. اما روث 58 عاماً والدة مارك فاستغرق توظيفها جهداً اكبر، خصوصاً وانها كانت تدير عملاً ناجحاً خاصاً بها في مجال صناعة اكسسوارات الحلى. انضمامها الى الشركة في العام 1998 كمنسقة للحفلات والعلاقات العامة اصبح الموظفون ينادونها الشريكة الام. ويصبح الرهان المادي والمعنوي مرتفعاً جداً عندما تكون الشركة في طور التأسيس. وتصبح حاجة المستثمر الشاب لما هو اكثر من نصيحة اهل او خبرتهم. وتقول كورتين روزين 33 عاماً المديرة التنفيذية لشركة Ehow.com ان "المخاطرة تصبح اكبر بكثير عندما يكون مستقبلك ومستقبل والدتك على المحك". وتضيف روزين "ان الشركاء غالباً ما يصبحوا اكثر تشكيكاً في مستقبل الشركة عندما يوظف الاهل. ويخشون من تحول الشركة الى مؤسسة عائلية، لكن هذه الشكوك سرعان ما تزول بعد اختبار اهلية وكفاية الموظفين الاكبر سناً ذوي الشعر الرمادي". ومع انهيار عدد من شركات الانترنت والتجارة الالكترونية، يبدو هاجس تقليص عدد العمال وصرف بعضهم اكبر لدى المديرين الذين يوظفون اهلهم. ويقول برسكوت لي "سأكون في حال انهيار كامل اذا ما اضطررت يوماً لصرف والدتي من عملها... صحيح انها ستتفهم الامر ولكن سيتسبب لها بألم عميق من دون شك مهما حاولت اخفاء ذلك".