وجهت الاجهزة الروسية المختصة امس ضربة "ثلاثية" الى كبرى الشركات المتهمة بالاختلاس والتهرب من الضرائب. وبدأت مصادرة الوثائق من مقر امبراطورية "ميديا موست" الاعلامية التي يملكها رئيس المؤتمر اليهودي فلادمير غوسينسكي، فيما طولبت شركتا "لوك اويل" و"كورنيكل" بإعادة مئات الملايين من الدولارات الى خزانة الدولة. وكان المراقبون توقعوا هجوماً واسعاً على المتورطين في الفساد اثر الرسالة السنوية التي قدمها الرئيس فلاديمير بوتين الى البرلمان واكد فيها ان الدولة قررت "استعادة صلاحياتها" ووقف عمليات النهب. وكانت "ميديا موست" اول هدف للاجهزة الخاصة. واعتقل رئيسها غوسينسكي ثم أُطلق سراحه بعد ثلاثة ايام اثر ضجة كبرى اثيرت في الغرب وفي اسرائيل وداخل روسيا اشيع خلالها ان "موست" مستهدفة كون صاحبها يهودياً ورئيساً للمؤتمر اليهودي الروسي، ولأن وسائل الاعلام التابعة له تتخذ موقفاً معارضاً لبوتين. الا ان النيابة العامة اكدت مجدداً امس ان غوسينسكي متهم باختلاس عشرة ملايين دولار من اموال الدولة بعمليات نصب واحتيال. وبناء على ذلك صودرت امس وثائق من المقر الرئيسي ل"ميديا موست" ومكاتب تلفزيون "ان تي في" الذي يملكه غوسينسكي وكان المحققون استصدروا قراراً بتفتيش مؤسسة "غاز بروم" الكبرى التي تملك اسهماً في "ميديا موست" ولكن اتفاقاً تمّ مع مديري المؤسسة جرى بموجبه تسليم الوثائق طوعياً وتتعلق بتسليف "موست" قروضاً قدرها المراقبون ب211 مليون دولار بضمانة "عقار لا وجود له". ورفض غوسينسكي امس التعاون مع المحققين لأنهم "وجهوا اتهامات غير معقولة"، ومنها اتهام مساعده ميخائيل الكسندروف بحيازة كميات من الطلقات التي ذكر غوسينسكي انه كان وضعها في درج وطلب من مساعده نقله الى مكان آخر من دون ان يبلغه بمحتوياته. ويذكر ان الطلقات هي لمسدس كان غوسينسكي تلقاه هدية من الحكومة لقاء ما قدمه من "خدمات". وانضمت الى "موست" امس شركة "لوك اويل" وهي اكبر شركة نفط في روسيا وانخفصت قيمة اسهمها فور اعلان شرطة الضرائب ان مديريها سيحاسبون قضائياً لتهربهم من دفع ضرائب بمئات الملايين من الدولارات وقيامهم بعمليات "تصدير كاذب" اذ كان النفط الخام ينقل الى الخارج باعتباره بنزيناً للحصول على التعويضات التي تدفعها الدولة لتشجيع تصدير "المواد المصنّعة". ويذكر ان غوسينسكي كان اعلن اثر الافراج عنه ان رئيس شركة "لوك اويل" وحيد علي اكبروف سيعتقل قريباً، الا ان الاخير تمكن من تنظيم مقابلة مع رئيس الدولة ما اعتبر دليلاً على نيّة السلطة "التغاضي" عن مخالفات ارتكبتها الشركة. الا ان اعلان شركة الضرائب امس مطالبتها بدفع الضرائب المتراكمة او المثول امام القضاء يعني ان الكرملين قرر توسيع نطاق المجابهة مع "حيتان" المال. ووجهت الضربة الثالثة الى فلاديمير بوتاتين نائب رئيس الوزراء السابق صاحب مجمع "انترروس" وهو من اكبر المؤسسات الصناعية. وطالبته النيابة العامة بدفع 140 مليون دولار الى الدولة تعويضاً عن شرائه مجمع "نورنيكل" بثمن يقل عما كان مقرراً. وكان هذا المجمع الحكومي بيع ل170 مليون دولار على رغم ان الخبراء قدّروا قيمته ب"بضعة بلايين". واكدت النيابة العامة ان عملية البيع والشراء تمت بناء على "تواطؤ" بين بوتاتين ووزير ممتلكات الدولة آنذاك الفريد كوخ. ووجه بوتاتين رسالة مفتوحة الى الرئيس بوتين طالبه فيها ب"عدم المساس" بنتائج عملية الخصخصة. وذكر ان هيئة التحكيم كانت اصدرت حكماً لمصلحته ولذا ينبغي اعتبار الموضوع "مغلقاً". الا ان المراقبين يتوقعون ان يبدأ فتح "ملفات" كثيرة لاستعادة ممتلكات حكومية تمت "السيطرة" عليها في صورة غير مشروعة. واذا اعلن بوتين حرباً على "طواغيت المال" فإنه سيواجه مقاومة ضارية على كل الأصعدة.