الجيش السوري يستعيد السيطرة على مواقع بريفي حلب وإدلب    ابن مشيعل يحصل على درجة الدكتوراة    السعودية تتسلّم مواطنًا مطلوبًا دوليًا في قضايا فساد مالي وإداري من روسيا الاتحادية    «هيئة النقل» تؤكد منع عمل الشاحنات الأجنبية المخالفة للنقل بين مدن المملكة    خطيب المسجد النبوي: السجود ملجأ إلى الله وعلاج للقلوب وتفريج للهموم    والد الأديب سهم الدعجاني في ذمة الله    «الأونروا»: أعنف قصف على غزة منذ الحرب العالمية الثانية    الشؤون الإسلامية تطلق الدورة التأهلية لمنسوبي المساجد    تشكيل النصر المتوقع أمام ضمك    وكيل إمارة جازان للشؤون الأمنية يفتتح البرنامج الدعوي "المخدرات عدو التنمية"    خطيب المسجد الحرام: أعظمِ أعمالِ البِرِّ أن يترُكَ العبدُ خلفَه ذُرّيَّة صالحة مباركة    المياه الوطنية و sirar by stcيتفقان على تعزيز شبكة التكنولوجيا التشغيلية في البنية التحتية لقطاع المياه    وزارة الرياضة تُعلن تفاصيل النسخة السادسة من رالي داكار السعودية 2025    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    مطربة «مغمورة» تستعين بعصابة لخطف زوجها!    مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يوقع عددًا من مذكرات التفاهم    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    «كورونا» يُحارب السرطان.. أبحاث تكشف علاجاً واعداً    ساعتك البيولوجية.. كيف يتأقلم جسمك مع تغير الوقت؟    هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    قيمة الهلال السوقية ضعف قيمة الأندية العربية المشاركة في المونديال    المغرد الهلالي محمد العبدالله: لا مكان لنيمار والمترو الأفضل وحلمي رئاسة «الزعيم»    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    هيئة الترفيه وأحداثها الرياضية.. والقوة الناعمة    الرياض يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    مملكة العطاء تكافح الفقر عالمياً    في عهد الرؤية.. المرأة السعودية تأخذ نصيبها من التنمية    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    الاستدامة المالية    بالله نحسدك على ايش؟!    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    كابوس نيشيمورا !    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعقد اللقاء السابع عشر    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديموقراطية من دون حقوق الإنسان لا تكفي ... والحق في التنمية يقتضي تعاوناً إقتصادياً دولياً على أساس المساواة
نشر في الحياة يوم 28 - 06 - 2000

يعتبر الاعلان العالمي لحقوق الانسان اهم وثيقة صدرت خلال القرن العشرين. ولقد اعتمد بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة 217 ألف د - 3 في 10 كانون الاول ديسمبر 1948. وقد جاء في ديباجة الاعلان ان الجمعية العامة "تنشر على الملأ هذا الاعلان العالمي لحقوق الانسان بوصفه المثل الاعلى المشترك الذي ينبغي ان تبلغه الشعوب والامم كافة، وكي يسعى جميع افراد المجتمع وهيئاته، واضعين هذا الاعلان نصب اعينهم على الدوام، ومن خلال التعليم والتربية، الى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات، وكيما يكفلوا، بالتدابير المطردة الوطنية والدولية، الاعتراف العالمي بها ومراعاتها الفعلية".
لقد صدر منذ نشر الاعلان العالمي لحقوق الانسان عشرات الاتفاقات والاعلانات الدولية التي تقنن وتطور ما جاء في الاعلان من حقوق اساسية وحريات، وربما كان اهمها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاانسانية او المهينة واعلان الحق في التنمية.
كيف تعامل العرب مع حقوق الانسان ولا سيما خلال الربع الاخير من القرن العشرين؟
حيث ان غالبية الشعب محرومة من اغلب حقوقها الاساسية فقد جاء الاعلان العالمي معبراً عن همومها وكان مصدر الهامها في نضالها لنيل هذه الحقوق، فالاعلان العالمي يتكلم على الحق لكل انسان في الحياة والحرية والامان، وعلى مناهضة التعذيب والمعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او الحاطة بالكرامة وحق التمتع بحماية القانون والمساواة امام القانون، والحق لكل انسان في حرية التنقل وفي مغادرة اي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة الى بلده، وحق التماس ملجأ في بلدان اخرى والتمتع به خلاصاً من الاضطهاد، والحق في حرية الفكر والوجدان والدين، وحق التمتع بحرية الرأي والتعبير، وحق الاشتراك بحرية في الاجتماعات والجمعيات السلمية، والحق في المشاركة في ادارة الشؤون العامة لبلده، وان ارادة الشعب هي مناط سلطة الحكم ويجب ان تتجلى هذه الآراء من خلال انتخابات نزيهة تجرى دورياً بالاقتراع العام، والحق في العمل والضمان الاجتماعي والاجازات الدورية، والحق في التعليم، وحق كل فرد في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية وخصوصاً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية.
ما هو موقف الحكومات العربية من الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان؟ لقد بقيت اغلب الحكومات متجاهلة هذه الاتفاقيات فترة طويلة، ثم اخذت بالتوقيع عليها تدريجياً نتيجة الضغط الداخلي والخارجي. ولم يكن ذلك احتراماً خالصاً لحقوق الانسان لأن بعض هذه الحكومات، والتي صادقت على اغلب الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، كانت من اكثر الدول انتهاكاً لهذه الحقوق.
وتشترط اغلب هذه الاتفاقيات من الدول المصادقة عليها تقديم تقارير دورية عن التدابير التي اتخذتها والتي تمثل إعمالاً للحقوق المعترف بها وعن التقدم المحرز في التمتع بهذه الحقوق، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة.
وتناقش هذه التقارير في اللجان المختصة لكل اتفاقية. وتبدي اللجان ملاحظتها على تقارير الحكومات وترفضها في بعض الاحيان وتطلب تقارير اخرى خلال فترة قصيرة. واغلب الدول العربية المصادقة على هذه الاتفاقيات تتأخر في تقديم تقاريرها وتتكتم عليها داخلياً، بينما تتطلب حقوق الانسان الشفافية ليطلع الناس على ما تقوله حكوماتهم وما تفعله ولتسمح لمنظمات حقوق الانسان المحلية والاقليمية والدولية بمناقشة هذه التقارير والتعليق عليها لتكون صادقة ومعبرة عما يجري على ارض الواقع.
وكلما ازداد الوعي بحقوق الانسان وبما يجري على المستوى الدولي زادت نبرة الحديث عن الخصوصية والعالمية. ولا ادري كيف يمكن الحديث عن الخصوصية حين الحديث عن الحقوق الاساسية كالحق في الحياة والامان، وعن مناهضة التعذيب، وعن حرية الرأي والتعبير وعن المشاركة في ادارة الشؤون العامة والانتخابات، والحق في العمل والسكن والرعاية الصحية.
ان هذه الحقوق الاساسية عالمية وغير قابلة للتجزئة ويعزز بعضها بعضاً. ومن واجب الحكومات تعزيز وحماية جميع الحقوق والحريات الاساسية. ان تنفيذ كل ما يتعلق بالحقوق السياسية والمدنية يتطلب اولاً وقبل كل شيء وقف القمع وانتهاكات حقوق الانسان والتخلص من الاعداد الكبيرة في الاجهزة القمعية، وتأهيل افراد هذه الاجهزة للعمل في التنمية، وتحويل الامكانات المالية الموضوعة تحت تصرف الاجهزة القمعية الى خدمة الاهداف التنموية، واتخاذ التدابير الفاعلة لمنع استخدام المنجزات العلمية والتكنولوجية للإضرار بحقوق الانسان وبكرامته. والاجهزة القمعية في وطننا هي اول الاجهزة الرسمية التي ادخلت التكنولوجيا الحديثة، ولكنها استخدمتها لغير اغراضها السلمية والانسانية.
يطرح بعض المثقفين العرب قضية الديموقراطية بمفهومها الضيق كبديل من حقوق الانسان في هذه المرحلة معتقدين ان اجراء الانتخابات وتداول السلطة يكفيان وحدهما لحل مشكلات العرب.
والحقيقة ان الديموقراطية من دون حقوق الانسان لا تكفي، فالاغلبية في بلد لا يحترم حقوق الانسان قد تستخدم القمع للضغط على الاقلية سواء كانت سياسية او قومية او طائفية او مذهبية. واحترام حقوق الانسان تعني ضمان حقوق هذه الاقليات وتفتح المجال للفئات المستضعفة في المجتمع للمساهمة في دعم الديموقراطية وتدعيمها.
اما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فقد جاء في العهد الدولي الخاص بها "تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد أن تتخذ بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد".
ان هنالك خللاً في العلاقات الاقتصادية بين الدول المتقدمة والدول النامية، ومنها الدول العربية، حيث بدأت هذه العلاقات منذ ايام الاستعمار واستمر الخلل الهيكلي حتى بعد الاستقلال. ولا تستطيع الدول النامية الايفاء بالتزاماتها كاملة الا بعد تغيير هيكلي في علاقاتها الاقتصادية مع الدول المتقدمة. وتتحمل هذه الدول جزءاً من المسؤولية في المرحلة الانتقالية للمساعدة في ازالة العقبات التي تعوق التنمية في البلدان النامية.
وهنالك اشارات كثيرة حول هذا الموضوع في عدد من الاتفاقيات والاعلانات الدولية وفي قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة. فقد جاء في الاعلان العالمي الخاص باستئصال الجوع وسوء التغذية المعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 17 كانون الاول 1974 "يتعين على كل البلدان وخصوصاً البلدان ذات المستوى العالي في التصنيع ان تشجع تقدم تكنولوجيا انتاج الاغذية وان تبذل جميع الجهود لتشجيع نقل وتكييف واشاعة التكنولوجيا المناسبة لانتاج الاغذية لمنفعة البلدان النامية. وكذلك ان تتعاون تقنياً ومالياً مع البلدان النامية في جهودها الرامية الى توسيع الموارد البرية والمائية اللازمة للانتاج الزراعي والى ضمان زيادة سريعة في توافر المداخيل الزراعية كالاسمدة وغيرها من المواد الكيماوية والبذور العالية النوعية والائتمانات والتكنولوجيا، بتكاليف منصفة".
ويطالب بعض المثقفين العرب بالتركيز على التنمية وتأجيل بقية حقوق الانسان والحريات الاساسية الى مرحلة تالية. لقد جاء في اعلان الحق في التنمية والمعتمد من الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1986 ان الحق في التنمية حق من حقوق الانسان غير قابل للتصرف، وبموجبه يحق لكل انسان ولجميع الشعوب المشاركة الاسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق الانسان والحريات الاساسية إعمالاً تاماً، وان الانسان هو الموضوع الرئيسي للتنمية، وينبغي ان يكون المشارك النشط في الحق في التنمية والمستفيد منه، وشدد على تعاون الدول في ما بينها لإزالة العقبات التي تعترض التنمية، وان تستوفي الدول حقوقها وتؤدي واجباتها على نحو يعزز عملية اقامة نظام اقتصادي دولي جديد على اساس المساواة في السيادة والترابط والمنفعة المتبادلة والتعاون في ما بين جميع الدول، ويشجع كذلك على مراعات حقوق الانسان واعمالها.
المؤتمر الثاني لحقوق الإنسان فيينا - 1993
ولننتقل الآن الى المؤتمر العالمي الثاني لحقوق الانسان والمنعقد في فيينا في حزيران يونيو 1993. وكان المؤتمر الاول عقد في طهران عام 1968، وقد عقد مؤتمر فيينا بعد مرور 45 سنة على صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وبعد اعتماد الامم المتحدة عشرات الاتفاقيات والاعلانات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان. لقد اراد المجتمع الدولي عقد هذا المؤتمر لاجراء تحليل شامل لنظام حقوق الانسان الدولي من اجل زيادة مراعاة تلك الحقوق وتعزيزها على نحو منصف ومتوازن.
وسأحاول ان اشير الى بعض القضايا التي ركّز عليها المؤتمر مع بعض الاشارات النقدية. واترك لكم الحكم على ما قامت به الحكومات العربية في هذا الشأن منذ اعتماد المؤتمر العالمي لحقوق الانسان اعلان برنامج عمل فيينا في 25 حزيران 1993 وحتى اليوم.
لقد جاء في ديباجة الاعلان ان المؤتمر يضع في اعتباره التغييرات الكبيرة التي تحدث على الساحة الدولية وتطلعات جميع الشعوب الى نظام دولي قائم على اساس المبادئ المكرسة في ميثاق الامم المتحدة، بما في ذلك تعزيز وتشجيع واحترام حقوق الانسان والحريات الاساسية للجميع، واحترام مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب، والسلم والديموقراطية والعدل والمساواة وسيادة القانون والتعددية والتنمية وتحسين مستويات المعيشة والتضامن.
اكد المؤتمر ان حقوق الانسان والحريات الاساسية هي حقوق يكتسبها جميع البشر بالولادة، وان حمايتها وتعزيزها هما المسؤولية الاولى الملقاة على عاتق الحكومات، وان الديموقراطية والتنمية واحترام حقوق الانسان والحريات الاساسية امور مترابطة ويعزز بعضها بعضاً. وتقوم الديموقراطية على ارادة الشعب المعبر عنها بحرية في تقرير نظمه السياسية والاقتصادية والثقافية ومشاركته الكاملة في جوانب حياته.
وطالب المؤتمر بإعمال الحق في التنمية بحيث يتم الوفاء بطريقة منصفة بالحاجات الانمائية والبيئية للأجيال الحاضرة والمستقبلية. ويسلّم المؤتمر العالمي لحقوق الانسان بأن الالغاء غير المشروع للمواد والنفايات السامة والخطرة يمكن ان يشكل تهديداً خطيراً لحق كل انسان في الحياة وفي الصحة. تذكروا النفايات السامة التي دفنت في لبنان ايام الحرب واليورونيوم الناضب المستخدم من قبل القوات المتحالفة ضد العراق عام 1991.
لاحظ المؤتمر ان بعض اوجه التقدم العلمي وتطبيقاته ولا سيما في العلوم الطبية الحيوية وتكنولوجيا الاعلام قد تترتب عليها نتائج ضارة محتملة لسلامة الفرد وكرامته وحقوق الانسان المتعلق به، ويدعو الى التعاون الدولي لضمان احترام حقوق الانسان وكرامته احتراماً كاملاً في هذا المجال الذي يهم الجميع، وان وجود الفقر المدقع الواسع الانتشار يعرقل التمتع الكامل والفعلي بحقوق الانسان، فيجب ان يظل التخفيف الفوري من وطأته والقضاء عليه في نهاية المطاف اولوية عالية للمجتمع الدولي.
اكد المؤتمر ان حقوق الانسان للمرأة والطفل تشكل جزءاً من حقوق الانسان العالمية لا ينفصل ولا يقبل التصرف ولا التجزئة، وان مشاركة المرأة مشاركة كاملة وعلى قدم المساواة في الحياة السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، على الصعيد الوطني والاقليمي والدولي، واستئصال جميع اشكال التمييز على اساس الجنس، هما من اهداف المجتمع الدولي ذات الاولوية....
وشدد المؤتمر على ضرورة ان يترعرع الطفل في بيئة عائلية من اجل انماء شخصيته نماءً كاملاً ومتناسقاً وعلى حماية اوسع لهذه البيئة العائلية.
يتعين توجيه اهتمام خاص الى ضمان عدم التمييز ضد الاشخاص المعوقين وتمتعهم على قدم المساواة بجميع حقوق الانسان والحريات الاساسية، كذلك مشاركتهم النشطة في جميع جوانب المجتمع. وأود ان اشير هنا الى انه نتيجة الحروب الخارجية والاهلية في الوطن العربي قد بلغ عدد المعوقين الملايين، ومن حقهم علينا ان نوليهم عناية خاصة.
واكد المؤتمر من جديد ان كل انسان، من دون تمييز من اي نوع، يملك حق التماس اللجوء والتمتع به في بلدان اخرى خلاصاً من الاضطهاد، فضلاً عن الحق في العودة الى بلده، واشار الى الحلول الدائمة، وذلك بالدرجة الاولى من خلال الحل المفضل المتمثل في العودة الطوعية الى الوطن في كنف الكرامة والاخوة. وما احوجنا في الوطن العربي الى معالجة هذا الموضوع بالمعايير الدولية.
واكد المؤتمر اهمية ادراج موضوع حقوق الانسان في برامج التعليم، وان تعزز هذه البرامج التفاهم والتسامح والسلام والعلاقات الودية، كما اكد اهمية وجود معلومات موضوعية ومسؤولة ونزيهة عن قضايا حقوق الانسان والقضايا الانسانية. ويشجع المؤتمر زيادة مشاركة وسائط الاعلام التي ينبغي ضمان الحرية والحماية لها في اطار القانون الوطني. وبهذه المناسبة اقترح على الصحافة الوطنية ان تخصص نصف صفحة او صفحة كل يوم لقضايا حقوق الانسان ومن دون زيادة عدد الصفحات، وذلك باختصار الاحاديث اليومية المكررة والمملة للمسؤولين الحكوميين والمعارضين وقادة المنظمات غير الحكومية.
واعترف المؤتمر العالمي لحقوق الانسان بالدور المهم الذي تضطلع به المنظمات غير الحكومية في تعزيز جميع انشطة حقوق الانسان والانشطة الانسانية على المستوى الوطني والاقليمي والدولي. وقرر المؤتمر مساهمتها في زيادة وعي الجمهور بقضايا حقوق الانسان والقيام بالتعليم والتدريب. واكد المؤتمر اهمية هذه المنظمات واعضائها المهتمين حقاً بمجال حقوق الانسان والحريات المعترف بها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وبحماية القانون الوطني.
ومن الجدير بالذكر ان الحكومة المصرية اعترفت بالمنظمة العربية لحقوق الانسان بعد حوار دام سبعة عشر عاماً. هذا مع العلم ان الحكومة المصرية من اقل الحكومات العربية انتهاكاً لحقوق الانسان.
لقد انتشرت المنظمات غير الحكومية، ومن ضمنها منظمات حقوق الانسان في الوطن العربي انتشاراً واسعاً خلال العقدين الاخيرين، فهل قامت منظمات حقوق الانسان بواجبها؟
إن المهمة الاولى لمنظمات حقوق الانسان هي نشر وتعميق وعي المواطن بحقوقه المشروعة وتمسكه بها، وثانيتها المطالبة باحترام وتعزيز حقوق الانسان والحريات الاساسية، وثالثتها الدفاع عن حقوق الانسان لجميع المواطنين والاشخاص الموجودين ضد غير المواطنين كاللاجئين والعمال الاجانب والسياح، من اية انتهاكات اياً كان مصدر الاعتداء.
لقد نجحت اغلب منظمات حقوق الانسان بالمهمتين الاوليين وفشل اغلبها في المهمة الثالثة لأن اغلب الانتهاكات مصدرها الحكومات. ان القيام بهذه المهمة يتطلب استخدام كل الوسائل الشرعية للافراج عن الاشخاص الذين يعتقلون او يحتجزون بسبب آرائهم السياسية او معتقداتهم الدينية، وكذلك الاشخاص الذين يعتقلون او يحتجزون لأي سبب ويخضعون لاكراه او تعذيب او معاملة حاطة بالكرامة، وكذلك الاشخاص المختطفين ومجهولي المصير. كما يتضمن العمل على ايقاف اية اجراءات او محاكمات لا تتوافر فيها ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين امام قاضيهم الطبيعي، وزيارة السجون للاطلاع على احوال المعتقلين والسجناء عامة، وسجناء الرأي خاصة، للتحقق من توافر الشروط الودية المتعارف عليها، وطلب العفو الخاص او العام في حالات الحكم في القضايا السياسية. واخيراً الكشف عن حالات سجناء الرأي وسجناء الضمير والمعتقلين السياسيين وغيرهم اذا تعرضوا بأي وجه من الوجوه لمعاملة فيها اهدار لحكم القانون او انتهاك لحق من الحقوق التي نص عليها الدستور او المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان.
وللقيام بالمهمة الاخيرة يجب الاّ تنحاز منظمات حقوق الانسان الى نظام عربي او ضده. ومع الاسف فقد كان بعض هذه المنظمات مخترقاً من قبل الانظمة العربية، وكان بعضها الآخر مخترقاً من قبل المعارضة. وبعض المنظمات كانت لا تتعدى عضويتها بضعة اشخاص، وليس لديها الدعم الشعبي او المالي، فاضطرت الى الاستعانة بجهات واموال اجنبية.
ان نجاح عمل منظمات حقوق الانسان لا يقاس بعدد ندواتها المعقودة في الفنادق الكبرى، بل بالعمل الميداني المهني ومساهمة كل اعضائها في هذا العمل، وفي مقدمهم لجانها التنفيذية ومجالس امنائها، ليعرف الاعضاء من يعمل ممن لا يعمل. ويجب تقديم كشف حساب عن نشاط كل عضو، ولا سيما القيادات، امام الجمعية لكل منظمة.
لقد فقد غالبيته هذه المنظمات صدقيتها لدى الشعب لانعدام المساءلة لديها نظراً لتباعد اجتماعات جمعياتها العامة ولتجديد اعضاء مجالس ادارتها لأنفسهم مرة بعد اخرى ولعدم الشفافية. ان عدم ازدياد اعضاء بعض المنظمات وتقلص اعضاء البعض الآخر توجب مراجعة نقدية من قبل جمعياتها لمسيرتها المتعثرة. ....
* الرئيس السابق للمنظمة العربية لحقوق الانسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.