} استحوذت الزيارة المرتقبة للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان للبنان في اطار جولته الشرق الأوسطية على اهتمام المسؤولين اللبنانيين، خصوصاً انها تتزامن مع "بطء" في التدقيق في خط الانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان نتيجة عوامل عدة، وأجمع المسؤولون على تأكيد حرصهم على كل شبر من الأرض اللبنانية وسجل موقف لافت لرئيس الجمهورية اميل لحود من قرية الغجر. أكد رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود ان لبنان أوضح رداً على سؤال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان، انه لا يمانع من الوجهة الانسانية في ضم قرية الغجر الحدودية موقتاً الى المناطق المحررة، شرط ان يبقى خط الحدود الدولية ماراً في موقعه السابق للاحتلال. وأبدى لحود ارتياحه الى المستقبل العربي، معتبراً ان "أي حل يجب ان يكون عزيزاً مشرفاً يصون الكرامة العربية ويعززها". ولمس نقيب المحررين ملحم كرم لدى لحود ألماً كبيراً لفقد الرئيس السوري حافظ الأسد وأملاً بالأيام الطالعة وبقيادة الفريق الدكتور بشار الأسد الذي فيه الكثير من طباع والده وخصاله". وقال كرم بعد اللقاء "إن لبنان الرسمي والشعبي، بشهادة الاعلام الدولي، كان في حجم الشعور بالمأساة والتعاطي معها من منطلق عاطفة واقتناع". وفي مستهل جلسة مجلس الوزراء عصر أمس طلب الرئيس لحود الوقوف "دقيقة صمت حداداً على روح شهيد الأمة العربية الرئيس حافظ الأسد الذي كان لوفاته أبرز الأثر في نفوس اللبنانيين جميعاً، اذ اعتبروا ان رحيل هذا القائد التاريخي الفذ هو خسارة للبنان بمقدار ما هو خسارة لسورية والعرب". وأشار لحود الى "ان ما يمكن ان يعوّض هذه الخسارة الإرث الكبير الذي خلفه الرئيس الراحل على صعيد المواقف الاستراتيجية الثابتة وعلى مستوى بناء دولة التقدم والمؤسسات، بما سيتيح لحامل الأمانة والراية من بعده، سيادة الفريق الركن الدكتور بشار الأسد، قيادة السفينة الى شاطئ الأمان والكرامة". وأكد لحود "ان ثوابت الموقف اللبناني التي اعلنها في مناسبات عدة، تشكل القاعدة الاساسية الواعية والمستقرة لمصلحة لبنان العليا. ومن هذا المنطلق، أؤكد ان لبنان لن يفرط بحقوقه المرتبطة بالانسحاب الاسرائيلي الكامل من كل الأراضي اللبنانية بما في ذلك رفض أي محاولة لتمييع الحدود القائمة والمعترف بها والمثبتة بموجب ترسيم سنة 1923 والمعاد تأكيدها بموجب ترسيم الهدنة لاحقاً". وأشار الى "ان لبنان يطلب التزام هذا الموقف المستند الى القرار الرقم 425 والى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الصادر في 22 ايار مايو 2000، والذي ينص على التثبت من الانسحاب الاسرائيلي حتى الحدود الدولية المعترف بها وليس على التثبت من الانسحاب بواسطة خط وهمي مغاير للحدود القائمة". ورد لحود على من يحاول تحميل لبنان مسؤولية التأخير في التثبت من الانسحاب بالقول "نحن نطرح التثبت من الانسحاب على اساس الحقوق والوقائع، اما غيرنا فيطرح التثبت على اساس انه محشور بالتوقيت ومضطر الى السرعة، وبالطبع نحن لا نستطيع ولن نقبل ان نضحي بحقوقنا في مقابل السرعة وعدم الدقة، خصوصاً ان اسرائيل لا تزال تعرقل الكشف الميداني للفريقين الدولي واللبناني من طريق الألغام واستمرار التمركز في بعض النقاط داخل الأراضي اللبنانية، وآخر العراقيل ما حصل اليوم أمس من اطلاق مركز اسرائيلي النار في اتجاه الفريقين الدولي واللبناني في منطقة العباسية، ما أدى الى توقف أعمال التحقق على الأرض". وأكد "ان لبنان لا يرغب في حصول اي تباين مع الأممالمتحدة لكنه في الوقت نفسه يصرّ على عدم منح براءة ذمة للانسحاب الاسرائيلي في صورة مخالفة للقرار 425 ولتقرير الأمين العام، ما لم يتم التأكد من حصول الانسحاب حتى الحدود الدولية المعترف بها، لما قد يترتب عن ذلك من نتائج". ونفى رئيس الحكومة سليم الحص المزاعم التي تحمّل لبنان مسؤولية التأخير في التدقيق بالانسحاب الاسرائيلي من لبنان. وقال في بيان أمس: "يؤسفنا ان تصدر هذه المزاعم عمن يعرفون أكثر من غيرهم اننا نحن الأكثر استعجالاً لإنجاز المرحلة الأولى من مهمة القوات الدولية، وهي التثبت من الانسحاب لتبدأ المرحلة الثانية التي هي انتشار القوات الدولية في المناطق المحررة وفقاً لنصوص القرارين الرقمين 425و426". وأضاف: "يعلم المسؤولون في الأممالمتحدة ان سبب البطء في التدقيق ناتج عن كثافة الألغام التي زرعتها اسرائيل على الحدود والتي تفرض الحيطة والحذر، حرصاً على حياة الفريق الذي يقوم بهذه المهمة، ومن عناصره بعض ممثلي المنظمة الدولية. وعلى كل حال، فإن لبنان حريص على كل شبر من أراضيه ولا يمكن ان يتساهل في ذلك لدواعي العجلة غير المبررة حتى لا نقول التسرع". وأكد "تصميم لبنان على التعاون مع الأممالمتحدة الى أبعد الحدود في تنفيذ المهام الموكلة الى قواتها في الجنوب مع احتفاظنا بحقنا كاملاً في العمل على استرداد أي بقعة من أرض لبنان لم تزل تحت الاحتلال بما فيها مزارع شبعا ونقاط الاختراق الاسرائيلي للحدود الدولية حتى في المواقع التي لم يعترف بها فريق الأممالمتحدة". وكان الحص التقى السفير الأميركي في لبنان ديفيد ساترفيلد الذي رفض بعد اللقاء الإدلاء بأي تصريح، ثم السفير الفرنسي فيليب لوكورتييه الذي اطلع على "الخطوات المتعلقة بالتأكد من الانسحاب تمهيداً لقيام قوات الطوارئ بمهامها". وقال انه تبلغ من الحص "عزم لبنان زيادة عدد القوات الدولية في المناطق المحررة". الى ذلك، واصلت الدوائر المختصة في وزارة الخارجية اللبنانية تحضيراتها لزيارة انان المرتقبة الاثنين المقبل والتي ستستغرق 24 ساعة ويلتقي خلالها المسؤولين اللبنانيين ويتفقد قوات الطوارئ الدولية والمناطق التي انسحبت منها اسرائيل. وأشارت مصادر مطلعة الى أن توفير الضمانات الأمنية لقوات الطوارئ ستكون بنداً رئيسياً في جدول المحادثات التي سيجريها انان مع المسؤولين اللبنانيين. وسيطلع على الوضع في الجنوب بعد الانسحاب الاسرائيلي، ولكن لن يكون من صلاحياته أن يفاوض على المسائل الحدودية بين لبنان واسرائيل. وذكرت المصادر ان لبنان لن يتوانى عن المطالبة بحقه في مزارع شبعا ولن يتهاون في مسألة الخروقات الحدودية الاسرائيلية، وهي ليست موضع تفاوض، وستكون المذكرات التي ارسلها رئيس الجمهورية موضع نقاش، وهي متعلقة بالوجود الفلسطيني في لبنان ومزارع شبعا وبالاعتراض على خط الانسحاب الذي تحدث عنه الموفد الخاص لأنان تيري رود لارسن. وسيطلع الجانب اللبناني من أنان على الاتصالات التي اجراها حتى الآن مع الدول المانحة لتقديم مساعدات الى لبنان بعد الانسحاب الاسرائيلي والتي ستتأمن من خلال مؤتمر لهذه الدول من المتوقع عقده بعد انتشار القوة الدولية في جنوبلبنان بموجب القرار 425. وأشارت الى ان انان سيتناول في محادثاته في المنطقة موضوع عملية السلام وضرورة استكمالها بتطبيق القرارين 242 و338. على صعيد آخر حيت "هيئة ابناء العرقوب" موقفاً سابقاً أدلى به الفريق بشار الأسد ومفاده ان سورية جاهزة لتقديم الوثائق الضرورية لتوثيق لبنانية مزارع شبعا. واعتبرت انه "يؤكد استمرار دعم الشقيقة سورية للحق اللبناني في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ويشكل تواصلاً لنهج القائد الراحل حافظ الأسد في دعم لبنان دولة وشعباً ومقاومة لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي على امتداد سنوات طويلة". ورأت "ان موقف بشار الأسد يدعم المذكرة التي وجهها الرئيس لحود الى انان، وينسجم مع الرسالة المفتوحة التي وجهها رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا الى لحود والحص والتي حيت مواقفهما الثابتة من قضية المزارع".