الحصان من أجمل الحيوانات وأخلصها وأنفعها. كانت قطعانه ترتع في الغابات والسهول، فروّضها الإنسان وجعلها مطيّة ووسيلة نقل ورياضة وترفيه. قبل اختراع القطارات والسيارات، استخدمت الخيول كوسيلة سريعة وفعالة للنقل. هذه المخلوقات الرشيقة هي من أذكى الحيوانات والأسهل تدريباً. وفي العالم اليوم أكثر من 75 مليون حصان مروّض، مقسمة إلى نحو مئة سلالة مختلفة. وهناك خيول برية تعيش حالياً بأعداد قليلة في مناطق مثل الغرب الأميركي وأرياف معزولة في أوستراليا، وهي غالباً ليست أنواعاً برية حقيقية بل تحدرت من سلالة أليفة هربت وعادت إلى الطبيعة. الحصان حيوان نباتي سريع العدو، يمشي محركاً قوائمه بالترتيب، ناقلاً الأمامية اليسرى مع الخلفية اليمنى، ومن ثم الأمامية اليمنى مع الخلفية اليسرى. وتتمتع الخيول بحاسة شم قوية ونظر جيد وسمع حاد، كما أنها دائمة اليقظة والاستعداد للعدو عند الشعور بالخطر. جمجمة الحصان طويلة. ويتكون عموده الفقري من 7 فقرات عنقية و18 فقرة ظهرية و6 فقرات قطنية و5 عجزية و15 فقرة ذيلية. وله 44 سناً، تضم على كل جانب من الفك ثلاثة قواطع وناباً وأربعة طواحن وثلاثة أضراس. يبلغ الحصان والفرس النضوج الجنسي في عمر السنتين. ونادراً ما يستغلان لأغراض الاستيلاد قبل بلوغ ثلاث سنوات. وتمتد فترة الحمل 11 شهراً تضع الأنثى بعدها مهراً واحداً، ونادراً ما تضع توأمين، ولم تسجل إلا ولادات قليلة من ثلاثة أو أربعة توائم. وتستعمل الخيول في كثير من النشاطات الرياضية والترفيهية، مثل السباقات ومباريات القفز والبولو والروديو. ويصل ثمن الخيول الأصيلة المجلية في السباقات إلى ملايين الدولارات. لمحة تاريخية تم إدخال الخيول المروضة إلى بابل حوالى العام 2000 قبل الميلاد. وبعد نحو 3000 سنة أحضرها الهكسوس إلى مصر من شمال شرقي سورية. وكانت هذه الخيول المصرية والبابلية من أسلاف السلالات العربية الرشيقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويبدو أن سلالة أخرى من الخيول تم ترويضها في أوروبا، وهذه الخيول مكتنزة وبطيئة الحركة، وإنما اكثر قوة من الخيول العربية، واعتبرت الأسلاف الأولى لخيول الجر الحديثة المستعملة في الحراثة والأعمال الشاقة الأخرى. ويعتقد البعض أن ثمة سلالة ثالثة في الجزر البريطانية كانت أصل سلالات مختلفة من الخيول القزمة الحديثة في جزر شتلاند وشمال اسكوتلندا. منذ القرون الميلادية الاولى حتى قرابة القرن السابع عشر، كانت الخيول القوية في معظم البلدان الأوروبية تستعمل للركوب في الحروب ونقل الأحمال الثقيلة. وفي هذه الأثناء، أصّل العرب سلالات أصغر حجماً وأسرع عدواً، تم إدخالها إلى إسبانيا بعد الفتح الإسلامي في القرن الثامن. واشتهرت الخيول المستولدة في إسبانيا بسرعتها وقوة تحملها، وتم استيراد الكثير منها إلى بريطانيا وأوروبا في مطلع القرن الثاني عشر. ولكن لم تحصل محاولات منتظمة لتحسين السلالات إلا منذ نهاية القرن السابع عشر، عندما تم استيراد فحول عربية إلى بريطانيا وفرنسا لتزاوج إناثاً من سلالات محلية. الخيول الأولى المروضة التي دخلت القارة الاميركية كانت من النوع العربي الذي جلبه القادمون الاسبان في القرن السادس عشر. ويعتقد أن هرنان كورتيز فاتح المكسيك الإسباني وهرناندو دي سوتو المكتشف الإسباني لنهر الميسيسبي أضاعا أو تركا بعض جيادهما، التي ربما كانت مصدر قطعان الخيول البرية الموجودة في أجزاء متفرقة من غرب أميركا الشمالية. والخيول التي تركها الأسبان تحولت أيضاً خيولاً برية في السهول المعشوشبة المترامية الأطراف في أميركا الجنوبية حول مصب الريو دي لا بلاتا. أنواع الخيول هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الخيول: خيول الجر التي تستعمل في الحراثة كالحصان البريطاني، وخيول السباق الخفيفة كالجواد العربي، والخيول القزمة كخيول جزر شتلاند وشمال اسكوتلندا. وهناك خيول مهجّنة، كالبغل المتولد من فرس وحمار، والبغل المتولد من حصان وأتان أنثى الحمار. وفي بعض البلدان ما زالت الخيول والبغال تستعمل في النقل بدلاً من السيارات وفي المزارع لحراثة الحقول ونقل الإنتاج الزراعي إلى السوق. وتصنف الخيول العربية أحياناً في ثلاثة فروع هي: الخيول التركية، والخيول العربية في المنطقة الواقعة بين دمشق ونهر الفرات، والخيول البربرية من شمال أفريقيا. وهي عموماً صغيرة الحجم نسبياً، يراوح علوها بين 147 و152 سنتيمتراً عند الكتف، علماً أن أكبر الخيول يعلو نحو 183 سنتميتراً وهو حصان نهر شيري الإفريقي في حين يبلغ علو حصان شتلاند 120 سنتميتراً. وللخيول العربية قوة تحمل لافتة، وهي سريعة العدو وخفيفة القفز، ونشأت غالبية جياد الركوب من أصل عربي. من الخيول المرغوبة اليوم نوع اسمه "هافلينر" تحوّل من حصان قزم جبلي قوي كان يستعمل في النقل والجر إلى حصان عائلي ترفيهي ازداد الطلب عليه عالمياً لقوته وشدة تحمله وخطوه المديد وطبيعته الهادئة ومظهره الجميل. وتم استيلاده بنجاح، وهو يستعمل اليوم لأغراض متعددة في أكثر من 40 بلداً. وتعتبر منطقة تيرول النمسوية مركز استيلاده الرئيسي، ويقف وراء نجاحها نحو 2000 مرب و3000 فرس و40 فحلاً. وتبرز الصور الظاهرة هنا جمال هذا الحصان الأشقر. الصور: كريستو بارس * ينشر في وقت واحد مع مجلة "البيئة والتنمية"، عدد ايار مايو 2000