«هيئة النقل» تؤكد منع عمل الشاحنات الأجنبية المخالفة للنقل بين مدن المملكة    نزاهة تتسلم مواطناً مطلوباً دولياً في قضايا فساد من روسيا    خطيب المسجد النبوي: السجود ملجأ إلى الله وعلاج للقلوب وتفريج للهموم    والد الأديب سهم الدعجاني في ذمة الله    «الأونروا»: أعنف قصف على غزة منذ الحرب العالمية الثانية    الشؤون الإسلامية تطلق الدورة التأهلية لمنسوبي المساجد    تشكيل النصر المتوقع أمام ضمك    وكيل إمارة جازان للشؤون الأمنية يفتتح البرنامج الدعوي "المخدرات عدو التنمية"    خطيب المسجد الحرام: أعظمِ أعمالِ البِرِّ أن يترُكَ العبدُ خلفَه ذُرّيَّة صالحة مباركة    وزارة الرياضة تُعلن تفاصيل النسخة السادسة من رالي داكار السعودية 2025    المياه الوطنية و sirar by stcيتفقان على تعزيز شبكة التكنولوجيا التشغيلية في البنية التحتية لقطاع المياه    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    مطربة «مغمورة» تستعين بعصابة لخطف زوجها!    مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يوقع عددًا من مذكرات التفاهم    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    «كورونا» يُحارب السرطان.. أبحاث تكشف علاجاً واعداً    ساعتك البيولوجية.. كيف يتأقلم جسمك مع تغير الوقت؟    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    في عهد الرؤية.. المرأة السعودية تأخذ نصيبها من التنمية    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    قيمة الهلال السوقية ضعف قيمة الأندية العربية المشاركة في المونديال    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    المغرد الهلالي محمد العبدالله: لا مكان لنيمار والمترو الأفضل وحلمي رئاسة «الزعيم»    هيئة الترفيه وأحداثها الرياضية.. والقوة الناعمة    الرياض يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    مملكة العطاء تكافح الفقر عالمياً    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    نائب وزير الموارد البشرية يزور فرع الوزارة والغرفة التجارية بالمدينه المنورة    إنصاف الهيئات الدولية للمسلمين وقاية من الإرهاب    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    بالله نحسدك على ايش؟!    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    كابوس نيشيمورا !    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعقد اللقاء السابع عشر    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوقعات الاقتصادية للمنطقة العربية لعام 2000 : تأثير السلام الشامل في النمو للدول العربية ذات الاقتصاديات الأكثر تنوعاً 2 من 2
نشر في الحياة يوم 04 - 03 - 2000

إن إستئناف مفاوضات السلام بين اسرائيل من جهة وسورية ولبنان من جهة أخرى أعطى آمالاً لإمكانية الوصول الى اتفاقية سلام شامل في القريب العاجل، وسيعزز هذا التطور الاستقرار في المنطقة وسيقلل من مخاطر الاستثمار ويشجع على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية ويخفض الانفاق العسكري ويحفز قطاع السياحة. وسيؤدي هذا كله بالتالي الى تحسين ظروف النمو الاقتصادي لدول غرب آسيا.
واذا تحقق السلام الشامل، سيرتفع عندها الاستثمار في العديد من القطاعات الاقتصادية خصوصاً في دول المنطقة التي تتميز ببيئة إستثمارية مواتية. وسيقتنص المستثمرون المحليون والدوليون فرص الاستثمار في أسواق الأسهم ذات الأسعار المغرية في كل من لبنان والاردن ومصر وفلسطين، وتعتبر الأسهم المصرية والاردنية مقيمة بأقل من قيمتها إذ أن مكرر سعر السهم الى عائده في عام 2000 لا يتوقع أن يزيد عن 10 للأسهم المصرية و13 للأسهم الأردنية.
وسيكون قطاع السياحة من أكثر القطاعات استفادة من السلام الشامل إذ أنه يتأثر بشكل كبير بالاستقرار السياسي في المنطقة. فدول الشرق الأوسط تزخر بالعديد من الأماكن التاريخية والدينية والطبيعية ذات الجذب السياحي والتي يمكن أن تصبح واحدة من أعظم المناطق السياحية في العالم شريطة توفر السلام الشامل والدائم وتعاون دول المنطقة في هذا المجال وتقديم التسهيلات اللازمة لضمان سهولة التنقل عبر الحدود. فمحاولات التعاون السياحي التي تمت حتى الآن بين دول المنطقة فشلت على أرض الواقع وما يزال النشاط السياحي الاقليمي يعاني من الصعوبات. وفيما يتعلق بلبنان فإن الإنسحاب الاسرائيلي من الجنوب سيُعيد للقطاع السياحي عافيته بسرعة وسيندفع بقوة لإستعادة حصته في الاقتصاد اللبناني التي كانت قبل الحرب.
وتعتبر دول الشرق الاوسط من أكبر أسواق السلاح في العالم سواء بالأرقام المطلقة أو كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول. فالنزاع العربي الاسرائيلي أدى الى توجيه جزء كبير من دخل المنطقة لأمور التسليح بدلاً من صرفها على متطلبات التنمية الاقتصادية. فإذا ما استتب السلام، ستستطيع عندها كافة دول المنطقة من تخفيض الانفاق العسكري وتحويل الموارد الضخمة التي كانت تصرف على السلاح لصالح متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي تحقيق معدلات نمو اقتصادي أعلى من تلك التي يمكن تحقيقها في ظل حالة العداء.
إن الوصول الى السلام الشامل في الشرق الأوسط سيشجع المجتمع الدولي على تقديم الدعم الاقتصادي لدول المنطقة وزيادة المساعدات المالية خلال الفترة الانتقالية سواء عن طريق تخفيض الديون الخارجية أوتقديم الاعانات المباشرة وزيادة التمويل المقدم من قبل مؤسسات التنمية الاقليمية، كذلك توفير الدعم للقطاع الخاص ليأخذ دوره الريادي في عملية النمو الاقتصادي. وقد يكون احد شروط توقيع اتفاقية سلام شامل حصول الأطراف المعنية على مساعدات مالية ضخمة من الدول الكبرى.
دول غرب آسيا وشمال أفريقيا
في مصر تشير التقديرات الاولية الى نموالناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة بنسبة 5.7$ في عام 1999 وهو ثاني أعلى معدل نمو في المنطقة العربية بعد تونس، ويعادل حوالي ثلاثة أضعاف معدل النمو السكاني البالغ 2.1$. ولقد كانت معدلات النمو بالأسعار الثابتة قد وصلت الى 5.3$ في عام 1998 و 4.9$ في عام 1997. ويعود الفضل في هذا الاداء الجيد لبرنامج التصحيح الاقتصادي الذي تم تنفيذه بنجاح منذ عام 1991 برعاية صندوق النقد الدولي. وسجل الحساب الجاري منذ بداية التسعينات فائضاً مما أدى الى زيادة الاحتياطات من العملات الأجنبية لأكثر من 20 بليون دولار في عام 1998. وبدأت المشاكل خلال السنة المالية 1998/1999 اذ ظهر العجز من جديد في الحساب الجاري ووصل الى أكثر من 3$ من الناتج المحلي الاجمالي بسبب تراجع الدخل من السياحة وهبوط أسعار النفط والارتفاع الكبير الذي سجل في المستوردات، الأمر الذي أدى الى ارتفاع الطلب على الدولار في أسواق الصرف وظهور بعض الضغوطات على سعر صرف الجنيه المصري المرتبط بالدولار.
وكان أمام السلطات المصرية عدد من الخيارات لمعالجة هذا الوضع مثل إستخدام الاحتياطيات الأجنبية، ورفع أسعار الفائدة على الجنيه المصري، والاقتراض من الاسواق الدولية، والاسراع في برنامج الخصخصة لجذب رؤوس الاموال من الخارج، أو تخفيض سعر صرف الجنيه المصري لاستعادة التوازن بين العرض والطلب في سوق الصرف. غير أن السلطات اختارت اتباع سياسة الحد من الاستيراد والضغط على الصيارفة لتقليص الطلب على العملات الاجنبية، الأمر الذي خلق بلبلة ونقصاً في المعروض من العملات الأجنبية وجعل المستثمرين الأجانب والمحليين يتساءلون حول مدى التزام السلطات بالإصلاحات الداعية الى تحرير الاسواق.
غير أنه مع ارتفاع أسعار النفط في الفصل الثاني من عام 1999 والموسم السياحي الجيد الذي شهدته البلاد العام الماضي والنجاح في ضبط المستوردات وقيام البنك المركزي ولو متأخراً ببيع الدولار في سوق الصرف إضافة إلى تشكيل حكومة جديدة، كل هذا أدى الى تخفيض الضغط على الجنيه المصري. ومع وتراجع معدل التضخم الى أقل من 4$ وتحسن الثقة لدى القطاع الخاص، عاد الاستثمار الى السوق المصري وانعكس ذلك ايجابياً على سوق الأسهم. غير أن ارتفاع أسعار الفائدة على الجنيه والتي وصلت مؤخراً الى 17$ قد تحد من الارتفاع في معدلات النمو هذا العام اذ لا يتوقع للناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة أن ينمو بأكثر من 4.5$ لعام 2000. ومع أن احتياطيات العملات الاجنبية قد تراجعت العام الماضي الا أنها ما زالت مرتفعة عند حدود 16.4 بليون دولار وهي تغطي مستوردات لأحد عشر شهراً. ويتوقع ارتفاع الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة التي ستوفر دعماً إضافياً للنمو الاقتصادي وتساعد على دعم الجنيه المصري في سوق الصرف.
وفي الأردن، أدت الظروف الخارجية غير المؤاتية التي واجهتها البلاد مثل استمرار الحصار المفروض على العراق وصعوبة التصدير الى السوق الفلسطيني وحالة الجفاف التي شهدتها المنطقة، الى نمو الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة بنسبة تقدر ب1$ لعام 1999 بعد أن كان في حدود 2,2$ لعام 1998 و1.3$ لعام 1997، وهذه النسب هي أقل من معدل النمو السكاني البالغ 3.5$. وسجل العام الماضي ارتفاعاً ملحوظاً للاستثمار في قطاع السياحة، ويسير الاردن قدماً في الاصلاحات الاقتصادية لتلبية متطلبات منظمة التجارة العالمية WTO التي إنضم إليها رسمياً في بداية هذا العام. غير أن الانخفاض الذي سجل في الانتاج الزراعي بسبب حالة الجفاف، ووجود فائض العرض في قطاع العقارات أدى الى ضعف النمو العام الماضي. ولقد قام البنك المركزي، الذي ارتفعت احتياطاته من العملات الأجنبية الى 2 بليون دولار في نهاية عام 1999، بتخفيض أسعار الفائدة على ودائع الدينار بمقدار 3$ وذلك لاعطاء قوة دفع إضافية للنشاط الاقتصادي في البلاد.
ويعقد الأردن آمالاً كبيرة على الاستقرار المرتبط بالسلام الاقليمي لتحقيق الازدهار الاقتصادي. ومع أن النمو المتوقع في المستقبل القريب يبدو محدوداً الا أنه على المدى المتوسط الأوضاع تبدو أفضل. ويتوقع أن يسجل الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة نسبة نمو في حدود 2$ لعام 2000 و3.5$ للسنة اللاحقة مع تحسن الظروف الإقليمية. وسيؤدي الوصول الى إتفاقية سلام في المنطقة الى تحسن أداء قطاع السياحة وزيادة التصدير للسوق الفلسطيني الذي يقدر حجمه بثلاثة بليونات دولار، وهذا السوق يُعتبر إمتداداً طبيعياً للسوق الاردني، غير أن اسرائيل تحتكر معظم التصدير له. وسيصبح الاردن أحد المستفيدين الرئيسيين من تدفق الاستثمار الأجنبي بسبب توفرالقوى العاملة المؤهلة والمناخ الاستثماري الجذاب.
وفي لبنان، سجل الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة انكماشاً نسبته 1$ في العام الماضي بسبب ارتفاع الضرائب وانخفاض الاستثمارات الاجنبية وضعف الطلب المحلي، مقابل نمو بلغ 2,2$ في عام 1998 و4$ في عام 1997. ويعاني لبنان من عجز كبير ومتواصل في الموازنة العامة أدى الى إرتفاع مديونية الداخلية والخارجية. ولقد وصلت نسبة عجز الموازنة الى النفقات العامة إلى 42$ في عام 1999 وهي أعلى من النسبة المستهدفة والبالغة 40.6$. وارتفع الدين العام بنسبة 16$ ليصل الى 20 بليون دولار أو ما يعادل 120$ من الناتج المحلي الإجمالي، كذلك نمت المديونية الخارجية بنسبة 30$ لتصل الى 5,5 بليون دولار. وتهدف خطة التصحيح الاقتصادي والمالي الخمسية الى تخفيض نسبة العجز الى النفقات في موازنة عام 2000 الى 36$، وتقليص نسبة العجز الى الناتج المحلي الاجمالي الى حدود 5$ في عام 2003 مقارنة مع 12$ العام الماضي، وذلك من خلال تطبيق مجموعة من البرامج لتعزيز الايرادات تشمل الخصخصة اضافة الى سياسة خفض النفقات العامة للدولة. إن عقد اتفاقية سلام بين أسرائيل من جهة وبين سورية ولبنان من جهة أخرى والإنسحاب الاسرائيلي من الشريط المحتل في الجنوب اللبناني سيساعد على تحسين مناخ الاستثمار في لبنان ويشجع على زيادة التدفقات الرأسمالية من الخارج. ويتوقع أن يكون قطاع السياحة أكثر المستفيدين من عملية السلام، اذ أن الاستقرار سيرفع من عدد السياح الى 1.2 مليون سائح خلال عام أو عامين مقارنة مع 700 ألف سائح في عام 1999. وسيستفيد أيضاً قطاع العقارات الذي عانى من الركود خلال العامين الماضيين مع ارتفاع الطلب على الشقق الجديدة من قبل العرب واللبنانيين غير المقيمين. ويتوقع نمو الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة بنسبة 2$ لعام 2000 وقد يرتفع الى 4$ في ظل ظروف إقليمية مؤاتية وسياسات نقدية توسعية.
وفي سورية، تشير التقديرات الاولية الى نموالناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة بنسبة 1.4$ في عام 1999 مقابل تراجع نسبته 1.5$ في عام 1998، حيث أدت حالة الجفاف وعدم تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية المطلوبة وضعف الاستثمار الخاص الى تباطؤ النمو خلال السنوات القليلة الماضية. فالانتاج الزراعي انخفض بنسبة 30$ في عام 1999، أما النفط الخام الذي يشكل 60$ من الصادرات السورية وثلث الناتج المحلي الاجمالي فقد سجل تراجعاً في الانتاج ليصل الى 550 ألف برميل يومياً في عام 1999 مقارنة مع أعلى مستوى وصل اليه وهو 612 ألف برميل يومياً في عام 1996. ويقدر نمو الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة بنسبة 2$ لعام 2000 بسبب توقع موسم زراعي جيد وارتفاع انتاج الغاز وتوقعات السلام في المنطقة وارتفاع النمو الاقتصادي في منطقة الخليج العربي.
وفي اليمن، وصل معدل نموالناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة الى 4.2$ في عام 1999 مقارنة مع 3.2$ عام 1998، ويعود ذلك بشكل رئيسي الى زيادة انتاج النفط بنسبة 5$، كما أن الارتفاع الكبير في اسعار النفط والايرادات النفطية أدى الى زيادة الانفاق العام مما ساعد في تسريع نمو كافة القطاعات الاقتصادية. في حين أثرت الهجمات على السياح التي قام بها بعض الجماعات بشكل سلبي على قطاع السياحة وعلى تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة وأضعفت توقعات النمو الاقتصادي لعام 2000.
وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، قدّر نموالناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة بنسبة 3$ في عام 1998 و 3.5$ في عام 1999 وهي أقل من معدل نمو السكان البالغ 4$. واستفاد الاقتصاد الفلسطيني في عام 1999 من افتتاح المطار الدولي في غزة ومن تحسن قطاع الانشاءات وارتفاع حجم الاستثمار وزيادة عدد المشاريع الجديدة. غير أن الجزء الاكبر من التحسن الاقتصادي يعود الى النمو الذي سجله قطاع السياحة وعدم قيام الإسرائيليين بإغلاق الضفة الغربية والقطاع خلال عام 1999 مقارنة بأكثر من 180 يوم إغلاق خلال عام 1997 و15 يوم إغلاق في عام 1998. هذا ويتوقع أن يصل النمو الاقتصادي في عام 2000 الى 4$.
وفي شمال أفريقيا، يقدر أن يرتفع معدل نموالناتج المحلي الاجمالي لدول المغرب العربي بالاسعار الثابتة من 2.5$ في عام 1999 الى 4.6$ لعام 2000، وسوف يؤدي ارتفاع الطلب الخارجي خاصة من دول الاتحاد الاوروبي التي تشكل السوق الرئيسي لصادرات المغرب وتونس، والتوقعات بتحسن اسواق النفط والغاز للجزائر، الى تحسين النمو الاقتصادي لعام 2000.
في المغرب، قدّر نموالناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة بنسبة 0.2$ في عام 1999 مقارنة مع 6.3$ لعام 1998، ويعود ذلك الى حالة الجفاف التي سادت البلاد العام الماضي وتراجع الاستثمارات الاجنبية، ويقدر أن يبلغ النمو الحقيقي 4$ هذا العام بسبب توقع موسم زراعي جيد وتحسن النشاط الاقتصادي في القطاعات الاخرى.
وفي تونس، سجل الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة أكبر معدل نمو في المنطقة بلغ 6.2$ في العام الماضي مقابل 5$ في عام 1998، ويعود هذا الاداء الجيد الى الاستقرار الاقتصادي الذي تتمتع به تونس، بعد الانتهاء من تنفيذ برنامج التصحيح الذي أشرف عليه صندوق النقد الدولي. ويتوقع أن يصل النمو هذا العام الى 6$ وأن تتابع قطاعات السياحة والصناعة تحسنها المضطرد.
وفي الجزائر، قدّر نمو الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة بنسبة 2.8$ في عام 1999 مقارنة مع 4$ لعام 1998، ويتوقع أن يصل معدل النمو هذا العام الى 4$ عاكساً ارتفاع أسعار وانتاج النفط وتحسن الاوضاع الاجتماعية والسياسية والأمنية في البلاد والتي ستجذب المزيد من التدفقات الرأسمالية.
خاتمة
تقف دول منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا اليوم على أعتاب ألفية جديدة لتواجه تحديات إقتصادية كبيرة على المستويين الاقليمي والوطني. ويتوقع أن تتابع دول مجلس التعاون الخليجي نموها المضطرد في عام 2000، ولكن لا بد لهذه الدول من معالجة الاختلالات المالية القائمة وتنويع مصادر الدخل لديها والسير قدماً في الاصلاحات الاقتصادية. لقد تم التركيز في السنوات القليلة الماضية على ضبط الانفاق العام عن طريق الحد من المصروفات على المشاريع بدلاً من تخفيض بنود الانفاق الجاري مثل الاجور وفوائد الدين العام ومخصصات الانفاق العسكري. وبإستثناء بعض الحالات ما زالت الخصخصة في المنطقة تسير بشكل بطيء بسبب عدم وجود أسواق رأسمالية متطورة إضافة الى التوجهات السياسية التي مازال بعضها رافضاً للتغيير ولقد أصبح ضرورياً اليوم اعادة رسم خريطة جديدة لمستقبل الاقتصاد الخليجي.
واذا تحقق السلام الشامل والعادل هذا العام فإنه سيشجع على تنفيذ العديد من الاصلاحات الاقتصادية التي طال إنتظارها في سورية وسيتم تسريع عملية اعادة هيكلة الاقتصاد التي بدأت في كل من لبنان ومصر والاردن. وسيساعد الاستقرار السياسي في المنطقة في إنطلاق عملية التنمية بشكل قوي ولكن لابد من دعم هذه العملية عن طريق تطوير الهيكل الاقتصادي، وتحرير التجارة الخارجية، وخلق بيئة قانونية مستقرة وشفافة، وتقوية القطاع المالي وتغيير دور الحكومة من "لاعب" مهيمن على الاقتصاد إلى "حكم" منظم في سوق تنافسي حر. وعلى الدول العربية إدخال بعض الإصلاحات السياسية ووضع الضوابط والموازين التي تتوافق مع التوجهات الاجتماعية والدينية والثقافية لهذه الدول، وإذا دُعي القطاع الخاص ليقوم بدور أكبر في تحمل المسؤولية الاقتصادية فإنه يجب أن يمتلك الحق في المشاركة في القرار السياسي وأن تؤخذ آراؤه ومصالحه بعين الاعتبار.
* كبير الاقتصاديين العضو المنتدب في مجموعة الشرق الاوسط للاستثمار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.