حذر الاتحاد العام للعمل في الجزائر الحكومة من عواقب "انفجار اجتماعي معمم لا يمكن التحكم في نتائجه في مجال الاستقرار الوطني والانسجام الاجتماعي"، وذلك رداً على خطة تخصص عدد كبير من المؤسسات في البلاد. وطالب الاتحاد، في بيان أصدره عقب اجتماع أمانته الوطنية من 26 إلى 28 آذار مارس الجاري، "بأن تتم استشارته بانتظام في كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية، سيما تلك المتعلقة بخصخصة المؤسسة والدفاع عن الشغل والقدرة الشرائية ونظام الضمان الاجتماعي ومستقبل الوظيفة العمومية"، معلناً عزمه "أكثر من أي وقت مضى لاسماع صوت العمال والدفاع بصرامة وبكل الوسائل التي يخولها القانون عن حقوقه المشروعة في أن تتم استشارته وأن يعبر عن رأيه واقتراحاته حول كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة الخاصة بمستقبل الأمة". وبحسب اتحاد العمال، فإن "أي مسعى اقتصادي يرمي إلى الخروج من الأزمة يجب أن يأخذ في الاعتبار إرادة وآمال العمال والطبقة المتوسطة والفئات المحرومة"، داعياً "العمال والإطارات النقابية إلى تجنيد أكبر في أماكن عملهم" وإلى "تدعيم وحدتهم وتضامنهم". ويتوقع أن تعقد الأمانة التنفيذية للاتحاد في 25 نيسان ابريل المقبل دورتها الثانية منذ تولي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة مقاليد الحكم. ويتوقع أن تتركز الدورة على البحث في آليات الضغط على الحكومة. ولا يستبعد ان تعمد إلى تنظيم تظاهرات احتجاجية وبدرجة أقل توجيه عريضة مطالب إلى الحكومة تتضمن آجال تنفيذها. وكان لافتاً أنها للمرة الثانية التي تتحرك فيها المركزية النقابية، الهيئة الوحيدة الممثلة للعمال، في ظرف شهر ضد الحكومة. إذ اضطرت النقابة بعد تصريحات وزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل، والتي أعلن فيها خصخصة شركة المحروقات الجزائرية "سونطراك"، إلى تنظيم تجمع احتجاجي في قاعة ابن خلدون حضرها عمال قطاع المحروقات، وتم تهديد الحكومة باتخاذ الاجراءات الملائمة التي تحفظ لهم حقوقهم كعمال، الأمر الذي دفع الحكومة تحت ضغط تهديدات النقابة إلى الإعلان، عبر وزير الطاقة والمناجم، عن نيتها في انشاء شركة مسيرة لآبار المحروقات بمعنى التخلي بصفة نهائية عن فكرة الخصخصة. كما أعلنت نقابة عمال المراقبة الجوية اضراباً احتجاجياً بدءاً من 3 نيسان ابريل المقبل بسبب تدني الوضع الاجتماعي للعمال وتخلي وزارة النقل عن التزاماتها التي قدمتها خلال الاضراب الذي شنته السنة الماضية. كما اضطرت النقابة الوطنية للجمارك في 22 من الشهر الجاري إلى إعلان اضراب غير محدد الاجل بدءاً من أول من أمس قبل أن يتم التخلي عنه بعد التزام الحكومة تسوية عدد من المشاكل الاجتماعية في الأيام القليلة المقبلة. ورأت أوساط مراقبة ان الحكومة ستجد نفسها خلال الأشهر الستة المقبلة في مواجهة الغليان الاجتماعي بشكل لم يسبق له نظير. فقد تجاوزت البطالة نسبة ال30 في المئة في وقت تقلصت فيه فرص العمل. وفي هذا الإطار أعلن السيد عبدالحميد طمار، وزير مساهمات الدولة وتنسيق الاصلاحات، الاثنين، في نية الحكومة خصخصة أربع من أكبر المؤسسات الجزائرية وهي شركة السيارات الصناعية 12 ألف عامل، وشركة الحديد الفاسيد في عنابة 10 آلاف عامل، وشركة ايني للالكترونيك في سيدي بلعباس 5 آلاف عامل، ما يعني امكان تسريح ما لا يقل عن 6 آلاف عامل بحسب ما تشير إليه مخططات النجاعة التي عرضتها الشركات القاضبة الهولدينغ على مسؤولي هذه المؤسسات قبل أشهر. كما أشار المسؤول الأول عن سياسة الاصلاحات الاقتصادية في الحكومة ان المخطط الجديد للنجاعة الاقتصادية يتطلب خصخصة نحو ألف مؤسسة تم تحديد بطاقات تقنية لحوالى 500 منها ستعرض قريباً على الخصخصة. وبحسب السيد عبدالمجيد سيدي السعيد، الأمين العام لنقابة العمال، سرحت الحكومة منذ مباشرتها سياسة الاصلاحات الاقتصادية في 1996، أكثر من 350 ألف عامل تطبيقاً للاتفاق الثاني مع صندوق النقد الدولي الذي حدد شروط، وصفت بالقاسية، لتحرير الحكومة من عبء المؤسسات العمومية المفلسة. وكانت الحكومة باشرت قبل أسابيع مساعي لدى بعض المعاهد ومراكز البحث لدراسة الآليات التي استعملتها الدول الشرقية مثل المجر ورومانيا لنجاح تجربتها في التحول من الاقتصاد الاشتراكي إلى الاقتصاد الحر.