عندما ينكسر حلم الانسان هل يبحث عن حلم جديد؟ ام يندحر الى انكساراته وحيداً الا من الخيبة؟ هذه الفكرة الاساسية يعالجها المسلسل السوري "احلام لا تموت" من إخراج وتأليف غسان باخوس وتمثيل نخبة من الممثلين السوريين ومنهم: نبيلة النابلسي، جهاد سعد، عصام عبه جي، فارس الحلو، سلاف فواخرجي، عبدالمنعم عمايري، سليم كلاس، سوسن ميخائيل، وائل رمضان، جيهان عبدالعظيم، كمال البني، رافي وهبة، وأخرين. المسلسل يعالج حياة الطلبة الجامعيين وأحلامهم وطموحاتهم ويؤكد ان على الانسان البحث الدائم عن حلم جديد يعيش من اجله ويعالج التغيرات المادية التي تطرأ على بعض الافراد وتؤثر على سلوكهم إذ يتضح الصراع بين فئات حافظت على قيمها النبيلة وفئات دخلت عالم القيم المادية والانتهازية. المخرج غسان باخوس يعتبر ان العمل المعاصر اصعب بكثير من الاعمال التاريخية والفانتازية لأن الاعمال التاريخية الفانتازية تحتمل خيارات فنية عدة. اما في الاعمال المعاصرة فلا يمكن تقديم خيارات فنية غير حقيقية لأن الناس تراقب العمل المعاصر كونها تعيش الاحداث نفسها وهنا مكمن الصعوبة. شخصيات العمل جاءت إنسانية وشفافة وتمتلك إمكانية عالية من الذكاء والوعي بما يجعلها شخصيات إيجابية وقادرة على تخطي المستحيل. ومن الشخصيات المحورية في العمل تجسد الفنانة نبيلة النابلسي دور ام منعتها الظروف من استكمال علمها فعاشت طوال حياتها من خلال هذا الحلم المكسور وأرادت ان تعوض بناتها عما فاتها لذلك تسعى الى مساعدتهن والوقوف الى جانبهن في كل ما أوتيت من قوة. شاب رومانسيّ اما الفنان عبدالمنعم عمايري فيؤدي شخصية شاب رومانسي شفاف يحب فتاة لا تبادله المشاعر نفسها فيحيا في عذاب مر لأن شخصيته حالمة وشاعرية الى درجة الانفصال عن الواقع. وتؤدي الفنانة سلاف فواخرجي دور فتاة جامعية تسعى الى تحقيق حلمها الخاص لنفسها وللمرأة وللجيل الجديد وتحمل قدراً كبيراً من المبادئ التي لا تتغير على رغم الظروف المحيطة. وعلى رغم الشاعرية التي تميز الشخصية الا ان ما يسيرها هو العقل والمنطق. هناك شخصيات اخرى تلعب دوراً مهماً في العمل مثل شخصية استاذ الجامعة ماجد والتي يجسدها وائل رمضان إذ تنشأ علاقة حب بينه وبين غالية سلاف فواخرجي ولكن حب ماجد للسفر يقف عائقاً امام إتمام مشروع خطبتهما، ايضاً شخصية فادية المرأة المضطهدة من زوجها والتي تسعى للطلاق منه لأنها لا ترضى بالظلم والدور مركب وفيه تنويع في الأداء وتجسده جيهان عبدالعظيم، اما الفنانة قمر فتقوم بتجسيد دور فتاة جامعية مخطوبة رسمياً لوليد الذي تنفصل عنه بعد ان تكتشف خداعه وتتزوج من رجل عجوز. على أية حال فالمسلسل لا يخرج عن نطاق الدراما الاجتماعية السائدة في الوطن العربي وفي سورية والتي تطرح على الدوام إشكالية البقاء من خلال الصراع المتنامي بين الخير والشر ضمن خط درامي متصاعد للأحداث ينتهي غالباً بانتصار الخير على الشر عبر حبكة تقليدية ومعروفة وإن حاول المخرج والمؤلف فمن المعروف ان غسان باخوس يقوم بكتابة اغلب اعماله التلفزيونية ان يلقي الضوء على التفاصيل الصغيرة والحساسة لمشكلات الشباب ليخرجها من شكلها التقليدي المتعارف عليه. ينتمي هذا المسلسل الى المدرسة الجديدة التي انطلقت في دمشق وباتت تسمى بالدراما السورية. فهو يجمع بين الكتابة المتينة والمعالة الدرامية العميقة فضلاً عن الاعتناء بما يسمى فن ادارة الممثل والاخراج الذي استحال لغة قائمة بذاتها. ولعلّ أهميته أنه يطرح اسئلة معاصرة ومثيرة تشغل المجتمع السوري والعربي عموماً، ويحاول ان يجيب عنها إجابات عفوية وحقيقية وغير مصطنعة ونابعة من عمق المجتمع والأزمات التي يجتازها. إنه مسلسل آخر يُضاف الى تجربة الدراما السورية.