يعتبر القطاع الزراعي في اليمن حجر الزاوية في التنمية الاقتصادية على مدار العقود الثلاثة الماضية. وتؤكد الاحصاءات الرسمية ان الزراعة تمثل مصدر الدخل الوحيد لنحو 72 في المئة تقريباً من السكان وتسهم بنحو 13.9 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. ويعمل في الزراعة حوالى 2.3 مليون شخص يعادلون ما نسبته 58 في المئة من اجمالي القوى العاملة اليمنية. وتشكل الصادرات الزراعية 1.6 في المئة من اجمالي الصادرات الكلية عام 98، وأهم الصادرات الزراعية القطن والبن والتبغ والعسل وبعض الفواكه والخضر. وتقدر مساحة الاراضي الصالحة للزراعة في اليمن بنحو 1.6 مليون هكتار يزرع منها 1.2 مليون هكتار تمثل اثنين في المئة من مساحة البلاد الكلية. وقال وزير الزراعة والري احمد سالم الجبلي ل"الحياة" انه على رغم الصعوبات التي تواجه الانتاج الزراعي واهمها اعتماده على الري بالامطار وما يتبع ذلك من تذبذب في الكميات مما يؤثر على المساحات والنوعية فإن الانتاج الزراعي شهد تطوراً كبيراً خلال العقود الثلاثة الماضية. واضاف: "زاد انتاج الخضر من 74 الف طن عام 70 الى 747 الفاً عام 98 وارتفع انتاج الفواكه من 105 آلاف طن الى 554 الفاً خلال الفترة نفسها. اما الحبوب فشهدت ارتفاعاً من 873 الف طن الى 911 الفاً وارتفع انتاج القمح من 25 الف طن عام 70 الى 167 الفاً عام 98 كما ارتفع انتاج المحاصيل النقدية من 32 الف طن عام 89 الى 63 الفاً عام 98. وجاءت اكبر زيادة في انتاج السمسم والقطن والتبع والبن". ومن اجل تنشيط الاهتمام بالزراعة انشأت الحكومة صندوقاً خاصاً لتشجيع الانتاج الزراعي والسمكي تأسس وفقاً للقانون الرقم 6 لعام 93. لكنه لم يبدأ فعلياً في ممارسة نشاطه الا عام 96، وهو يهدف الى المساهمة في خفض تكاليف المستلزمات والمدخلات اللازمة لعملية الانتاج الزراعي والسمكي وتوفير المدخلات والمستلزمات ووسائل وعدد الاصطياد والسلالات الجيدة للانتاج الحيواني بأسعار مناسبة ودعم وتشجيع اقامة مزارع الابقار والاغنام والتسمين ومشتقات الانتاج الحيواني بما في ذلك تشجيع انتاج اللحوم الحمراء والبيضاء وتوفير القروض الميسرة للتوسع في العملية الانتاجية وادخال وسائل الري الحديثة والمساهمة في اقامة السدود والمنشآت المائية وتحسين طرق التداول والحفظ وزيادة القدرة التخزينية ودعم المشاريع الاستثمارية والعمل على تطويرها في ضوء دراسات الجدوى المعدّة والمقدّمة من الجهات المختصة ودعم وتشجيع اقامة البنية الاساسية للصناعات اللازمة لمختلف جوانب الانتاج الزراعي والسمكي والتي تعتمد على الخامات المحلية والمساهمة في تحمل نسبة من رسوم الخدمة على القروض الزراعية والسمكية ودعم وتشجيع تسويق وتصدير المنتجات الزراعية والسمكية. وقال المدير العام التنفيذي للصندوق عصام لقمان ل"الحياة" ان الصندوق حقق معظم اهدافه التنموية التي أُنشئ من اجلها والارقام وحدها يمكن ان تؤكذ ذلك. فعلى سبيل المثال في مجال الري والمنشآت المائية بلغ عدد المنشآت التي تم التعاقد على تمويلها حتى نهاية عام 1999 نحو 425 منشأة بكلفة اجمالية تبلغ نحو 3.7 بليون ريال يتم تمويلها عن طريق المقاولة عبر وزارة الزراعة والري وبمشاركة الجهود الشعبية في تمويل وتنفيذ هذه المشاريع وهي تمثل 54 في المئة من اجمالي حجم التمويلات للصندوق. وبلغ عدد المشاريع المنجزة حتى نهاية العام الماضي نحو 305 منشآت منها 138 منشأة العام الماضي. ويبلغ عدد المشاريع التي سيتم استكمال تنفيذها سنة 2000 نحو 219 منشأة فيما بلغت الالتزامات المتبقية على الصندوق لتنفيذ مشاريع المنشآت المائية المتعاقد عليها قيد التنفيذ 1.5 بليون ريال. وبلغ عدد السدود والمنشآت المائية التي تم تقديمها من قبل وزارة الزراعة والري بهدف الحصول على التمويل اللازم لتنفيذها عن طريق المقاولات 50 مشروعاً تقدر كلفتها بنحو 1.5 بليون ريال اذا وافق الصندوق على تمويلها بعد مراجعتها وتقويمها بالاضافة الى اكثر من 200 مشروع بمشاركة الجهود الشعبية ومن المتوقع تنفيذها خلال السنة الجارية. واكد لقمان ان الصندوق ساهم في دعم المجال الزراعي من خلال برامج التوسعة في زراعة النخيل وتشجيع التربية المنزلية للاغنام والابقار وتخفيف اعباء رسوم خدمة القروض الزراعية وتوفير المدخلات والمستلزمات الانتاجية. وبلغت الكلفة الاجمالية اكثر من بليوني ريال تشكل 29 في المئة من حجم التمويلات. وفي المجال نفسه تم التعاقد على تمويل وتنفيذ برنامج تشجيع التربية المنزلية للابقار والاغنام في مختلف محافظات الجمهورية بكلفة اجمالية تزيد على 269.7 مليون ريال وهو حالياً في المراحل النهائية من التنفيذ. كما تم التعاقد على برنامج تشجيع زراعة النخيل بكلفة 52 مليون ريال في سيئون والمكلا وشبوة وأبين ولحج والحديد،ة ويجري حالياً تنفيذه في كافة المناطق باستثاء محافظة الحديدة. وموّل الصندوق عدداً من المشاريع الاستثمارية في مجال الانتاج النباتي والحيواني وتوفير الناقلات المبردة ومراكز التسويق والخزن بكلفة اجمالية قدرها 159 مليون ريال. وأبرم صندوق تشجيع الانتاج الزراعي والسمكي مذكرة تفاهم مع بنك التسليف التعاوني الزراعي يدفع الصندوق بموجبها مبلغاً سنوياً مقطوعاً قدره 40 مليون ريال مقابل قيام البنك بتخفيف نسبة الفوائد التي يتقاضاها على كافة القروض الزراعية والسمكية. وفي المجال السمكي - والحديث لا يزال لعصام لقمان - وفرّ الصندوق مستلزمات وأدوات الصيد والقوارب والمحركات البحرية الساحلية وساهم في إقامة البنى الأساسية للتسويق السمكي بكلفة حوالى 8.1 بليون ريال. وحول خطة الصندوق للسنة الجارية، قال المدير العام التنفيذي: "سنعمل على التوسع في هذه البرامج وتعزيزها ولدينا خطة طموحة ومتنوعة تلبي الاحتياجات وقامت على دراسات شاملة لكافة المناطق، ولا شك ان تنفيذها بالكامل يعتمد على حصول الصندوق على موارده المتوقعة والمستحقة من مبيعات الديزل بشكل عام ودخول الصندوق في مفاوضات مع الجهات المانحة الأجنبية لتقديم بعض المساهمات الخارجية لتنفيذ بعض أهدافه وخططه، خصوصاً تلك المتعلقة بمشاريع المساهمات الشعبية والتنمية الريفية وتوفير الدراسات الفنية والاقتصادية اللازمة للمشاريع الاستثمارية المنبثقة من برامج استثمارية لقطاعي الزراعة والأسماك". وذكر لقمان ان خطة سنة 2000 في مجال الري والمنشآت المائية تشمل انفاق حوالى بليوني ريال لتشجيع انشاء السدود بالجهد الشعبي وعن طريق المقاولات. وفي المجال الزراعي سيتم انفاق أكثر من بليون ريال لتخفيف أعباء القروض على المزارعين وانشاء مراكز الخزن والتسويق وتشجيع الانتاج الحيواني والنباتي وتسويق المنتجات في ما يتم انفاق 4.1 بليون ريال في مجال دعم النشاط السمكي، أي أن المجموع يصل إلى 5.4 بليون ريال يتضمن دعماً بنسب مختلفة للمشاريع. ويعبر لقمان عن ارتياحه للدور الايجابي الذي يقوم به الصندوق ويشدد على ضرورة تفعيل نشاطه وزيادة انتاجيته واستغلال الموارد المتاحة وتحسين البنى التحتية للأنشطة الزراعية والسمكية، وتطوير ما هو قائم من أنشطة انتاجية ومدها بالمتطلبات الاضافية لتحسين مستويات الانتاج وتقليل الفاقد منه والاستغلال الأمثل لموارد المياه. وبدأت وزارة الزراعة والري تنفيذ استراتيجية طموحة للنهوض بالزراعة تهدف بصورة رئيسية إلى رفع مستوى الدخل الزراعي عن طريق رفع مستوى الانتاج وتحسين النوع واستخدام التقنيات الحديثة في الانتاج وترشيد استخدام المياه. ويدعو وزير الزراعة اليمني المستثمرين المحليين والأجانب إلى الدخول في مشاريع زراعية ذات جدوى كبيرة وواعدة. وقال إن الحكومة مستعدة لتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدة للقطاع الخاص ورجال الأعمال الراغبين في الاستثمار في القطاع الزراعي، إذ تتوافر فرص ممتازة لهم وللاقتصاد الوطني عموماً. وفي هذا الإطار أعلن ان مساحة الأراضي الزراعية المستثمرة خلال العام الماضي بلغت 279.1 مليون هكتار بالمقارنة مع 156.1 مليون هكتار عام 1995 شملت الحبوب والمحاصيل النقدية والفواكه والخضروات والبقوليات والأعلاف. وأبدى الجبلي اهتماماً بقضية تطوير آليات التسويق على مستوى الداخل والخارج والذي يمثل شريان الحياة للمنتجات الزراعية وضمان الاستمرار الصاعد للاستثمار في القطاع الزراعي. ولفت إلى أن وزارة الزراعة تركز نشاطها في هذا الجانب على الاشراف والرقابة على الأنشطة التسويقية القائمة بصورتها الحالية بهدف تذليل الصعوبات والمعوقات التي يواجهها القطاعان الخاص والتعاوني وتنظيم دورات متخصصة والمشاركة في اللجان النوعية لإعداد مقترحات لمسودات عدد من القوانين والأنظمة والمشاركة في إعداد دراسة حول تحديد انشاء أسواق الجملة في بعض المحافظات بالتعاون مع الاتحاد التعاوني الزراعي. ويخلص الجبلي إلى ان قطاع الزراعة في اليمن واعد، لكنه يشدد على أن النجاح في هذا القطاع الاقتصادي والحيوي المهم يعتمد بصورة أساسية ليس على جهود الوزارة فحسب، وإنما بدعم ومساندة كافة الجهات ذات العلاقة وفي مقدمها الجهد الشعبي الذي يرتقي الآن إلى مرتبة الشراكة الكاملة والفاعلة مع برامج الدولة في تحقيق نهضة وتنمية زراعية منشودة.