في البيضة نحن نعيش في بيضة. خدشنا غلافها الداخلي بتخطيطات غير مهذبة وبالاسماء الأولى لأعدائنا. نحن سوف نفقَّس. من سيفقسنا، سيفقس معنا أقلامنا الرصاص. وعند تحررنا، ذات يوم، سنرسم في مخيلتنا صورة من فقّسنا. لنُزعم أننا فقّسنا ونحسب أننا من صنف الدواجن الطيبين، نكتب نصوصاً مدرسية حول لون وجنس الديكة التي فقّستنا. متى سنكسر البيضة؟ اولياؤنا الذين في داخلها يتشاجرون حول الاجر المتوسط وحول فترة التفقيس. افترضوا يوماً سموه "اكس"! من الملل والحاجة الملحة، اخترعنا اجهزة التفقيس. نحن نعتني كثيراً بنمونا داخل البيضة. يسرّنا جداً ان ننصح باختراعنا كل من يريد العناية بنا. لكن لدينا سقفاً فوق الرأس. فراخاً هرمة، أجنة بمعارف لغوية تتحدث طيلة اليوم، وتناقش حتى أحلامها. وماذا لو أننا لن نفقّس، ولا تتصدع هذه القشرة اطلاقاً؟ ماذا لو ان أفقنا يبقى حسب ذلك الأفق المحدد بخدوشنا؟ نحن لا نرجو إلا أن نفقّس. ولكن حتى لو أننا لا نتحدث سوى عن التفقيس، يبقى، رغم ذلك، رُعب ان يأتي من يشعر بالجوع خارج قشرتنا، فيهوي بنا محطماً في مقلاة، عندئذ، ما الذي سنفعله يا اخوتي داخل البيضة؟ موسيقى نحاسية في تلك الأيام كنا ننام في بوق. وكان الصمت المطبق يرين على المكان، لم نحلم بثمة صوت، مضطجعين كالحجّة، بفم مفتوح، في حفرة. في تلك الأيام، وقبل أن ننطلق. كان طفلاً على رأسه خوذة من جريدة مستعملة، كان من سلاح الفرسان المضللين، يظهر من خلال الصورة حالماً يُؤمر، في تلك الأيام، حيث الموت الذي يتنفس على ختمه المطاطي رائحته المعروفة. واليوم لا أدري من ذا الذي ايقظنا ملفحاً كالأزهار في الاصص، أو في علبة سكر، مهدداً بكل من يريد تناول القهوة وهو يحدث نفسه: قطعة، قطعتان، أم ثلاث؟ نحن الآن في الهروب ومعنا حقائبنا كل الأكياس الورقية نصف المملوءة، كل حفرة قنبلة، معاطف شبه منسية، ساعات متوقفة الزمن، قبور مدفوعة الثمن نساء لا يملكن إلا القليل من الوقت، ملأناه لهن الى حين. في ادراج الخزانات فيض من ملابس الغسيل والحب، في موقد يقول لا ولا يدفئ الا وجهة نظره، في تليفون تتراجع خلفه آذاننا، وتسمع بوداعة اشارة "مشغول" الجديدة. في تلك الأيام كنا ننام في بوق. كنا نحلم دائماً، شوارع ذات أشجار متسقة، استلقينا، بظهور هادئة، لا نهاية لها على ذلك القوس لا نحلم بأي اشارة أو صوت. حب انه: التبادل غير التجاري. اللحاف القصير دوماً التماس المتقطع. الباحث ما وراء الأفق الحفيف الذي تحدثه الأحذية الأربعة بين أوراق الأشجار. الموحي للذاكرة بدلك الأقدام العارية المؤجر والمستأجر للقلوب. أو في الحجرة عند الاستحمام والمرآة. في سيارة مستأجرة سطحها يواجه القمر. حيث البراءة تترجل تحرق برنامجها وتصفّر الكلمة في كل مرة، بشكل مختلف وجديد. اليوم، امام شباك تذاكر لم يفتح بعد يتهامس عجوزان، ويد كل منهما في يد الآخر. الفيلم يعد بقصة حب أرق انفاسي أضلّت خرم الإبرة، الآن عليَّ ان أعدّ وأنزل درجات السلّم صوب البيت. لكن المسالك الملتوية تنتهي بالحفر المائية، حيث تكثر صغار الضفادع... عدّ، اذن، مرة أخرى. عجلة عمري تهدر بعقدها الثالث السرير يغادر في رحلة. وفي كل مكان تمد الجمارك يدها: ما الذي في حقائبك؟ ثلاث جوارب، خمسة أحذية وماكنة ضباب... بلغات مختلفة سيكررون العد: النجوم، الخراف، الدبابات، الأصوات... انها احصائية مؤقتة فحسب. ترجمة: نامق كامل