اختارت مجلة "تايم" المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ ضمن نخبة المعلوماتية في العالم، ولأكثر من مرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة. ولعل السيرة السينمائية للمشغوف برواية أحلام الطفولة تبرر ذلك الخيار. يقول النقاد في تعريف أعمال المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ، أن أفلامه الأولى انتجت خلال مرحلة من عمر السينما الأميركية، كان المخرجون خلالها هم الفئة الأهم في هوليوود، ثم أسس شركة "دريم ووركز أس.كي.جي." Dream Works للإنتاج السينمائي، عندما صار الاعلان والترويج متحكمين بهذه الصناعة، ما جعله من صانعي الأفلام الذين يتمتعون بنفوذ كبير خلال المرحلتين، اضافة طبعاً الى موهبته ومرونته. لا يعطي هذا التعريف سبيلبرغ حقه في المرحلة الراهنة. فهو جمع معرفته بالسينما وشؤونها وتمكنه من تقنياتها، مع تضلعه من تكنولوجيا الكومبيوتر ومشهدياتها المتحكم بها رقمياً. ولعل من ثاقب النظرة استباق سبيلبرغ اثر التكنولوجيا الرقمية في السينما، وسيره في ركاب الطليعة في توظيف هذه المعرفة مبكراً في أشرطته. عرف سبيلبرغ كيف يحتل مساحات في صفحات النقد السينمائي، ويبدو أن عينه الآن على الصفحات المخصصة للتكنولوجيا والإنترنت. فقد اطلق مع شركة "رون انترتاينمنت" Ron Entertainment شركة وموقعاً الكترونياً هو: pop.com لانتاج أفلام خاصة بالانترنت، في بداية تشرين الثاني نوفمبر 1999. وأعلن وشركاءه عند اطلاق الموقع أنهم يريدونه تفاعلياً مباشراً حقيقياً، لذا يسعون الى فتح باب النقاش بعد عرض أي فيلم على الموقع. ومدة الفيلم الواحد لا تتعدى الدقائق الست، وتتنوع بين الكوميديا والدراما، وبين أفلام الحركة وأفلام الصور المحركة والفيديو والألعاب الألكترونية. الى عرض الأفلام التي تنتجها الشركة، تطالعنا صفحة الاستقبال في موقع pop.com بصور سبيلبرغ مع أخبار عنه، وصور أبطال أفلامه الروائية التقليدية. ويطلع زائريه على آخر اخبار انتاجات الشركة، ويسمح بمتابعة سبيلبرغ تحركاته مباشرة من خلال كاميرا ترصده. بين عام 1959، حين صوَّر فيلمه الأول كهاوٍ وانتاجاته الأخيرة، رحلة طويلة قطعها سبيلبرغ. اذ أعلن صغيراً جداً حبه للسينما، وفاز بجائزة وهو في الثالثة عشرة عام 1960 لإنجازه فيلماً حربياً من أربعين دقيقة. درس الإخراج السينمائي في جامعة كاليفورنيا، وعمل طويلاً مع شركة "يونيفرسال" مخرج مسلسلات تلفزيونية. بدايته في السينما، مخرجاً محترفاً كانت عام 1974 مع فيلم "شوغار لند اكسبرس" Sugar land Express. وفي رصيده الكثير من الأفلام الناجحة، منها "انقاذ الجندي رايان"، و"جوراسيك بارك"، و"أسنان البحر" وغيرها. ونجحت أفلام انتجها، آخرها American Beauty الذي حصد عدداً من جوائز الأوسكار. لا يمكن النظر الى سبيلبرغ مخرجاً سينمائياً أو منتجاً فحسب، بل كجزء أيضاً من "الحال الهوليوودية" اذا صح التعبير، واحد الرواد فيها. ويمكن ان نعرفه كأحد صانعي الانتاج السينمائي الأميركي. وهو أيضاً دليل الى نفوذ ما يسمى باللوبي اليهودي فيه، علماً ان الجامعة العبرية في اسرائيل تخصص أرشيفاً خاصاً بأفلامه عنوانه "أرشيف أفلام ستيفن سبيلبرغ اليهودية". يعود نجاح سبيلبرغ الى موهبته، إلا ان الحديث عن مدى ملاءمة آرائه مع التوجهات في هوليوود، أمر يترك للنقاد، وما اداه هذا الأمر في دعم مؤسسات انتاجية له. ويترك لهم أيضاً تقويم توجهات أفلامه السياسية، والسؤال عنها. وتلفت قدرة سبيلبرغ على استغلال ما يدور في العالم، وتنبهه الى ضرورة حجز مكان مناسب في مقدم القطار، في وقت تتجه وسائل الإعلام العالمية نحو تغييرات جوهرية، بفعل تطور التكنولوجيا الرقمية ما يسمح للمخرجين، والمنتجين بالطبع، تقديم أفلام المستقبل بتكاليف أقل. ولم يلغ فهم سبيلبرغ التطور التكنولوجي معرفته بالترويج. فعند اطلاق موقع "بوب دوت كوم" pop. com، طلب مؤسسوها سبيلبرغ وشركاؤه أن يصير متابعوه مجتمعاً واحداً ل"انسنة" مضمون ما يعرضه من خلال النقاشات. وشددوا على مجانية المواد المعروضة. bissan@alhayat. com