لم يكن خيار الحرب ودق طبولها هو الخيار الوحيد الذي كان يعتمل في صدور الشعوب الغاضبة والجماهير الثائرة في الاراضي المحتلةوالقاهرة وعمان وصنعاء ودمشق والمنامة وغيرها من العواصم والمدن العربية والاسلامية، بل كانت هناك أيضاً الرغبة في التصدي للمطامع الصهيونية والأميركية كوسيلة ضغط يمارسونها!! الشعوب العربية أرادت أن تسمع من قادتها أننا قادرون على المواجهة فكرياً وسياسياً واقتصادياً، وحتى عسكرياً اذا فرضت علينا الحرب. ومن ثم جاء البون واسعاً بين رغبات الشعوب أن تعود لهويتها وبين اتخاذ القادة العرب لقرارات محبطة وصفت ظلماً بأنها معتدلة باعتبارهم اعضاء في نظام العولمة!! إن إدارة أزمة انتفاضة الأقصى وثورة الجماهير الغاضبة يحتاج منا حُسن التوجيه والمعالجة، فلسنا نتصور أن نقتصر في إدارتنا لتلك الانتفاضة على المشاعر الحماسية وحدها والشعارات البراقة. ومن الضروري استمرار تدفق تلك الحماسة بشكل متوازن يضمن لنا القدرة على الاستمرار في طريق الانتفاضة بشكل أفقي عربياً، ورأسي دولياً. وعلى هذا ينبغي أن نسمي الأمور بأسمائها. إن الصراع العربي - الإسرائيلي هو صراع عقائدي في المقام الأول. لا نقصد بذلك إخراج القوى السياسية الأخرى من خندق المواجهة وتصدر الإسلاميين وحدهم، بقدر ما يهمنا حشد كل القوى والطاقات التي تؤمن بتراث الأمة وحضارتها الإسلامية التي عرفت السماحة في تعاملها مع المخالفين لها في العقيدة، وأن كل المحاور التي ترتبط بهذه القضية تنتهي إلى أن اليهود غاصبون لأراضٍ عربية وإسلامية، وأنهم يديرون صراعهم معنا وفق رؤية دينية متعصبة تهدف الى تحقيق دولتهم الكبرى من النيل إلى الفرات وأنهم يعملون على تنفيذ بروتوكولات صهيون وفق مراحلها التاريخية المعتمدة. وعلى ذلك كان من الغريب حقاً أن تدير وسائل الاعلام المعالجة الإعلامية لأحداث الانتفاضة واجتماعات شرم الشيخ والقمة العربية في القاهرة بمنطق معكوس حجب كل الرموز الاسلامية من الحركات الإسلامية المختلفة في الأقطار العربية المختلفة من التعليق وإبداء الرأي وإعطاء المجال واسعاً للقوميين والعلمانيين وحدهم بينما الشعوب تهتف "الله أكبر والجهاد غايتنا ولا إله إلا الله". وعلى هذا فلا بد أن تكون هناك مصالحة تاريخية حقيقية بين الشعوب العربية وقيادتها تكرس لتسوية الصفوف نحو استكمال الإعداد الجيد للمواجهة مع إسرائيل العنصرية، وهذا يقتضي بالضرورة وقف التضييق الذي يمارسه بعض الحكومات العربية على الحركات الإسلامية باعتبار أنها في طليعة القوى التي يقع على عاتقها دور مهم في الإعداد للمواجهة مع العدو الصهيوني، ترتبط بذلك ضرورة تنقية المناهج التعليمية من كل ما شابها من حذف متعمد لمقررات دراسية كانت تهتم بتنمية الشعور الديني لدى الطلاب في مراحل التعليم المختلفة، والتوعية بفقه الجهاد. * محامٍ مصري.