قد يكون الامين العام للاتحاد اللبناني لكرة القدم رهيف علامة أشد اللبنانيين قلقاً على الاطلاق على مصير كأس آسيا الثانية عشرة، التي تستضيفها بلاده في تشرين الاول أكتوبر المقبل، لسبب بديهي هو أنه هو بالذات عراب هذه المسابقة من ألفها الى يائها. بالتالي لا نستغرب أبداً أن يكون علامة هو الذي "دفش"، ربما، نائب رئيس الاتحاد الآسيوي أسد تقي الى القول خلال كلمة ألقاها في مناسبة الكشف عن تعويذة المسابقة وأمام جمهور حاشد تقدمه رئيس اللجنة العليا المنظمة وزير التربية والرياضة محمد يوسف بيضون: "لن نحوّل هذا الاحتفال بإطلاق التعويذة الى مسرح للشكوى من تأخير في إنجاز العمل" مناشداً الدولة اللبنانية ورئيسها اميل لحود انقاذ البطولة مما يعترضها من صعوبات، لا سيما على صعيد الملاعب. وبعدما ألقى الوزير بيضون كلمته، ارتجل فقرات للرد على أسد تقي، فرأى أن اللبناني قادر على تحقيق المعجزات، ووعد بأن يكون كل شيء جاهزاً عند الساعة الصفر. والضرائب في لبنان طاولت كل شيء باستثناء الكلام، الذي لا يزال مجانياً. العمل المطلوب لإنجاح المسابقة يسير على خطين: خط سلحفاتي في وتيرته وخط معطل لأن المسؤولين الحكوميين لا يعرفون عنه شيئاً، بسبب النقص في خبرة تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى، هذا إذا لم تكن منعدمة. ومشكلة كثيرين من اللبنانيين أنهم يدّعون معرفة كل شيء بالبديهة والفطرة والفهلوة وهم لم يتعلموا شيئاً كثيراً من النواقص التي طفت على السطح في الدورة الرياضية العربية صيف 1997... كل هذا ولم يعد يفصلهم عن الاستحقاق الآسيوي سوى بضعة أشهر. نقاط رئيسية خمس والهم بين رهيف علامة والاتحاد الآسيوي وكذلك شركة "آسيا سبورت" التي تسوق المسابقة مشترك. فسمعة الاتحاد الآسيوي على المحك خصوصاً الاعضاء العرب في لجنته التنفيذية، الذين لم يبخلوا بأي جهد ليفوز لبنان أواخر 1996 في أبو ظبي بشرف تنظيم المسابقة على حساب الصين مع أن الاخيرة قادرة على المهمة وإنجاحها في كل ساعة ودقيقة. أما شركة التسويق فإنها تدفع الملايين للاتحاد الآسيوي لترعى مسابقاته وتُدفع لها الملايين لبث المباريات تلفزيونياً والترويج للسلع الخاصة بشركات عالمية كبرى. وعندما يطل المال برأسه يصبح الخطأ ممنوعاً لأن اعناق البشر "في الدق"... الى ذلك فإن أي خلل قد يصيب مسابقة 2000 سيؤثر بالتأكيد سلباً على سعيها الى تجديد عقدها مع الاتحاد الآسيوي لاربع سنوات جديدة. الكأس ال12 هي أول بطولة آسيوية في القرن الجديد، وأول بطولة تطل عليها منتخبات السعودية وايران وكوريا الجنوبية واليابان بعد مونديال 1998، وآخر بطولة لليابان وكوريا قبل أن تنظما مونديال 2002 ، وعليه فإن الانظار مسلطة على مسابقة لبنان الذي يفترض أن يكون على قدر الحدث، وهو ليس كذلك على حد قول مدير مكتب شركة التسويق الآسيوية في لبنان بيار كيخيا الذي يضيف: "حتى لو كان كل شيء جاهزاً، لا سيما الملاعب، قبل 3 أو 4 أشهر من المسابقة فإنها فترة غير كافية لتمكين اللبنانيين من اختبار انفسهم". ويربط كيخيا نجاح اي بطولة بخمسة عناصر: 1- التلفزيون والاعلام: لبنان جاهز تلفزيونياً وستؤمن المؤسسة اللبنانية للارسال تغطية المباريات من ملاعب المدينة الرياضية وبيروت البلدي وطرابلس وصيدا ونقلها الى الاقمار الاصطناعية، وقد اشترت شبكة تلفزيون وراديو العرب حقوق بث المسابقة وجميع المسابقات الآسيوية حتى 2004 بمبلغ 32 مليون دولار على حد قول رئيسها الشيخ صالح كامل. وسهلت الدولة العمل للمؤسسة اللبنانية فسمحت بارسال الصورة من الملاعب مباشرة لضمان عدم انقطاع الصورة والسيطرة على الموقف لمدة 3 أسابيع. وسيكون ملعب المدينة الرياضية قاعدة مع 12 كاميرا، وستكون هناك ثلاث عربات للنقل في الملاعب الاخرى، وقد تم تأمين واحدة وستؤمن الاثنتان الاخريان من تلفزيونات خليجية. 2- المنتخب: نتائجه ستكون بمثابة البارومتر لحضور الجمهور المحلي، وتواجده على المدرجات على مرأى من العالم ترجمة لنجاح المسابقة، والعكس صحيح. وهناك أمل كبير بأن يرتقي مستوى المنتخب بوجود المدرب الكرواتي الجديد جوزيب سكوبلار. 3- المنشآت: العمل يجري فيها حالياً بوتيرة يتمنى الجميع لو تتسارع مع ملاحظات على ارضية ملاعب صيدا والمدينة وبيروت البلدي، وليس في الملعبين الاخيرين غرف خاصة للتعليق التلفزيوني والاذاعي أو تجهيزات هاتفية في الاماكن المخصصة للصحافيين الذين سيكونون بالآلاف. ويقول كيخيا: "قد ترسل اليابان نحو 400 صحافي لكن هذا العدد سينخفض الى نحو 50 مثلاً إذا لم يتدارك المسؤولون الموقف". وحتى الساعة فإن المراكز الاعلامية غير مجهزة لانها غير موجودة أساساً، ولم يصدر شيء يعفي المعدات الخاصة بالاعلام الاجنبي المرئي والمقروء والمسموع من ضريبة الجمارك. أما بالنسبة الى الفنادق فهي كافية لكن لا يوجد فندق في طرابلس التي لن تستفيد من فرصة التنشط اقتصادياً مع منطقة الشمال كلها. ويبقى أن 100 الف دولار خصصت لكل من ملاعب التدريب الخمسة حتى تصبح صالحة، والمبلغ غير كاف ولا عدد الملاعب. 4- الدعاية: لا يزال لبنان غائباً في الصحافة الرياضية العالمية والوزارات المختصة كالسياحة، والخارجية لم تفعل شيئاً لتحقيق هذا الهدف الحيوي وهو الترويج للبنان عن طريق المنشورات والمطبوعات وتزويد السفارات الاجنبيه بها أو السفارات اللبنانية في الخارج. ولن يتحقق الهدف لان الحكوميين لم يفكروا به ولأن الوقت داهم الجميع. 5- التنظيم: شكلت لجنة عليا قبل أشهر عدة ولم تجتمع سوى مرة واحدة قبل أيام قليلة للتعارف ووضع خطة العمل، وكان يفترض أن تكون عقدت عشرات الاجتماعات حتى اليوم أي منذ فاز لبنان بشرف تنظيم المسابقة اواخر 1996. ثم أين اللجان الفرعية وتشكيلاتها وصلاحياتها وموازناتها؟ الاتحاد اللبناني لكرة القدم يكاد يحترق من شدة الغيظ والقهر، ولا نستبعد أن يكون هو الذي دفع الكويتي أسد تقي الى اطلاق نداء الاستغاثة لإنقاذ ما يمكن انقاذه وليتخلى أصحاب القرار عن الفهلوة ويعتمدوا الناحيتين العلمية والعملانية. فضيوف المسابقة لن يكونوا من العرب وحدهم، ولن يجاملوا ويسكتوا عن اي خطأ مهما كان حجمه!