يستمتع محمد خير مامسر، وزير الشباب والرياضة الأردني السابق، بهواء لبنان وببحر بيروت وهو يقضي اجازة بعيداً عن الاعصار الذي خلفه في عمان لدى تقديمه استقالته المفاجئة من منصبه، قبل نحو ستة أسابيع من افتتاح الدورة الرياضية العربية التاسعة "دورة الحسين" في 15 آب اغسطس. "الحياة" سألت الوزير المستقيل هاتفياً امس عن امكانية رفض استقالته، فاستبعد الفكرة وقال مازحاً: "لقد نمت اثنتي عشرة ساعة كاملة الليلة الماضية، وهو أمر لم يكن يتوافر لي خلال اسبوع كامل"... لكنه لم يتمكن في المقابل من مداراة اهتمامه حينما استفسر عن طبيعة ونتائج تحرك الأندية الرياضية. وفي الواقع يمكن القول إن المؤسسات الأهلية لعبت لأول مرة دوراً كانت تمارسه العشائرية الأردنية لدى التعبير عن عدم رضاها على قرار يتعلق بأحد أبناء العشيرة! فقد تداعت الأندية الرياضية الى اجتماع عقد في النادي الأهلي واصدرت في نهايته بياناً ناشدت فيه عبدالرؤوف الروابدة رئيس الحكومة ثني مامسر عن الاستقالة، كما ناشد البيان الوزير المستقيل بالعدول عن الاستقالة. بيان الأندية الرياضية وتالياً نص البيان الذي وزع على الصحف: "اجتمع رؤساء ومندوبون عن مجالس ادارات الأندية الرياضية، وبحثوا موضوع استقالة الدكتور محمد خير مامسر وزير الشباب والرياضة واتفقوا على ما يلي: انطلاقاً من قناعة الرياضيين في أردننا الغالي بضرورة الوقوف يداً واحدة من أجل إنجاح الدورة الرياضية العربية التاسعة "دورة الحسين"، وتجسيداً للجهود الكبيرة التي بذلت لاستكمال كافة التجهيزات ادارياً وفنياً لهذه الدورة، وتأكيداً على استمرار المسيرة الرياضية الرائدة التي تحتاج الى تكاتف الجهود، فإننا نناشد رئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة، السند الكبير للرياضة والرياضيين والذي عاصر همومنا من خلال رئاسته لاتحاد كرة القدم، على ثني الدكتور محمد خير مامسر وزير الشباب والرياضة من الاستقالة وحثه على مواصلة المسيرة سعياً الى تحقيق طموحات الشباب والرياضيين في أردننا الغالي. ونناشد الأخ الدكتور محمد خير مامسر رفيق الدرب ونصير الشباب والرياضيين بالعدول عن الاستقالة إكراماً للاسم الغالي الذي تحمله هذه الدورة وللجهود المخلصة التي يقودها مع المخلصين في هذا الوطن العزيز من أجل الاستمرار في تحقيق ما تم التخطيط له وتمت مباركته من قيادتنا الشابة للفارس الهاشمي الملك عبدالله الثاني بن الحسين". في السياق ذاته، شكل رؤساء وممثلو الأندية لجنتين اوكل لاحداهما مقابلة الروابدة والأخرى مقابلة مامسر وزارت الثانية الوزير المستقيل في منزله عند منتصف الليلة قبل الماضية وقبيل توجهه الى المطار للسفر الى لبنان. كما ان النادي الأهلي ونادي شباب الحسين نشرا اعلانين مدفوعي الأجر يناشدان فيهما مامسر بالعدول عن الاستقالة. ورغم ان الروابدة اعلن موافقة الحكومة على استقالة مامسر، إلا أن هذه الموافقة يجب أن تقترن بمرسوم ملكي لتصبح سارية حسب قواعد الدستور الأردني. والمعروف ان الملك عبدالله الثاني يتواجد حالياً خارج البلاد ويتوقع ان يعود الى عمان في الاسبوع المقبل. وألمحت صحيفة "الوحدات الرياضي"، التي يصدرها نادي الوحدات أكثر الأندية الأردنية شعبية ،الى انها حصلت على معلومات عن الأسباب الحقيقية لاستقالة مامسر لكنها تمسك عن نشرها "خدمة لمساعي رؤساء وممثلي الأندية" في محاولتهم للابقاء على مامسر وزيراً للشباب والرياضة. وأفردت الصحيفة التي تصدر بالحجم العادي صفحتها الأخيرة لصورة نصفيةملونة لمامسر وبعنوان "أيها الكبير". ولم يسبق لوزير أردني ان نال شعبية مماثلة لدى القطاعات الأهلية اللهم الا ليلى شرف وزيرة الاعلام السابقة التي قدمت هي الأخرى استقالتها فنالت تعاطف الأسرة الصحافية الأردنية. ويرفض مامسر حتى الآن الادلاء بتصريحات صحافية للافصاح عن أسباب ودوافع تقديم استقالته في هذا الوقت بالذات، رغم ان نص الاستقالة نشر في الصحف الأردنية "لست أنا الذي سرب نص الاستقالة للصحف، لقد كتبتها بخط اليد وسلمتها باليد لرئيس الوزراء"، حسب ما صرح به مامسر الذي أبدى دهشته لنشر نص الاستقالة. وقد اشارت الاستقالة الى رموز سياسية يكن لها مامسر كل احترام. وتستطيع "الحياة" ان تؤكد بأن المعنيين هم أمراء، وليسوا من اعضاء الحكومة، لهم علاقة بالحركة الرياضية الأردنية ومن بينهم الأمير فيصل بن الحسين نائب الملك الذي يتولى رئاسة اللجنة المنظمة العليا لدورة الحسين، والأمير علي بن الحسين رئيس اتحاد كرة القدم، الذي اختلف معه مامسر على قرار اتخذه الاتحاد بحق لاعب نادي الوحدات هيثم سمرين وقرر شطبه من المنتخب الأولمبي وايقافه من النادي. وما زال مامسر يرفض ربط استقالته بزيارة كان يزمع القيام بها الى بغداد، مع ان مقربين منه أكدوا انه تلقى بالفعل توجيهات بعدم السفر الى بغداد. وأقر مامسر انه اجتمع مع الروابدة وعبدالكريم الكباريتي رئيس الديوان الملكي وعبدالهادي المجالي رئيس مجلس النواب بحضور مدير المخابرات العامة، وانه بعد نقاش مطول أبدى رغبته في تقديم استقالته "فلم أجد أية اشارة لثنيي عنها" حسبما قال مامسر. واضاف: "لذلك فهمت انني شخص غير مرغوب به. بل انني اكتشفت انه كانت هناك محاولة مبيتة لعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لاجراء تعديل وزاري يخرجني من الحكومة، فآثرت تقديم استقالتي". الطريف ان مامسر هو من بين وزراء قلائل لا يتعرضون للهجوم من قبل اعضاء مجلس النواب، بل لعله الوحيد الذي يحظى باطرائهم