قبل أن يأتي الدوري المغربي لكرة القدم على نهايته بجولة واحدة، حلق النسر الأخضر في العالي، ارتاد كل الآفاق، ودخل أبراج العيون، وأمسك بيد اللقب المجنون. اللقب الذي جعل من نادي الرجاء البيضاوي رسمياً بطلاً للمغرب للمرة الرابعة على التوالي والخامسة في تاريخه. انجاز هو الى الإعجاز أقرب من اي شيء آخر، فلم يحدث اطلاقاً في تاريخ الكرة المغربية وتحديداً مسابقة الدوري ان تمكن ناد من وضع اليد اربع مرات متتالية على اللقب. ومن غريب الصدف ان يكون صاحب هذه السابقة التاريخية هو نادي الرجاء البيضاوي، الذي يرجع تاريخ تأسيسه الى سنة 1947، امر غريب فعلاً، لأن الرجاء والى وقت قريب، اي قبل حوالى عشر سنوات، كان المحللون والنقاد في حيرة من امره، اذ كيف يكون الرجاء صانع الفرجة بامتياز، ومعبد النجوم والسحرة مخاصماً لالقاب البطولة؟ فالى حدود سنة 1988 أي بعد 41 سنة من تاريخ ميلاده، لم يكن هذا النادي الحالم كشعاره النسر الأخضر قد حقق أياً من ألقاب اللدوري، كل ما كان بحوزته، ثلاث كؤوس للعرش ظفر بها سنوات 1974 و1977 و1982. إلا ان سنة 1989 كانت هي السنة الفارقة بين زمنين، زمن المتعة والسحر اللذين لا ينتجان القاباً وزمن الواقعية الذي يحسب كل شيء فيه بالانجازات. في هذه السنة بالذات وقع الرجاويون بمداد من ذهب على صفحة مشرقة في تاريخهم الأخضر بعد ان حقق ناديهم اللقب الأول، وكان ذلك بحق فاتحة عهد جديد. بعد ذلك بعام اعتلي الرجاء أعلى منصات التتويج قارياً، بفوزه بكأس الاندية الافريقية الأبطال. ومع دخول عقد التسعينات، فجرت جداول الرجاء الخضراء ينابيع من السحر، روت سهول السنوات وأنبتت هنا وهناك القاباً من اللؤلؤ والمرجان. وصدر قرار على أعلى مستوى من الهيئات الرياضية قضى بحل اندية المؤسسات وتذويبها اما بدمجها مع أندية أخرى، واما بتغيير اسمائها وقلب هياكلها. وورث نادي الرجاء كعكة من ذهب بعد ان انضم الأولمبيك البيضاوي اليه. الرجاء اذن بكل هذه النيازك بدأ مواسم الحصاد فحصل على اللقب الثاني عام 1996، ثم توالت المعزوفة السحرية، فكان الثالث عام 1997 والرابع عام 1988 وأخيراً الخامس هذا الموسم. ولأن موجة العطر تسحر هنا كما تسحر هناك، فقد حقق الرجاء لقبه الافريقي الثاني سنة 1997، عندما توج بطلاً للاندية الافريقية الابطال في شكلها الجديد. وقد اعتمد نادي الرجاء هذا الموسم تحديداً على مخزون بشري مخضرم، يقوده النجم مصطفى خاليف الشاهد على ميلاد حقبة الاكتساح، فهو الوحيد بين كل اللاعبين الذي واكب اشتعال الومضة الأولى عام 1988 عند الفوز باللقب الأول، ويوجد في طليعة النجوم مصطفى مستودع، القرش المرعب، الذي يحتل مساحات كبيرة في قضاء التهديف، ثم عبداللطيف جويندو ومنارة الدفاع عبدالاله فهمي وربيعي الزيتوني والميمر من دون ان ننسى جيل الشباب من المبدعين امثال خربوش وسفري وزكرياء عبوب وناضر وجلال.