سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الأميركي" يركز على العقلية و"البريطاني" جاف ... و"الفرنسي" مجاني . الطلاب السوريون يشكون من تراجع الاهتمام الرسمي باللغات وارتفاع كلفة تعلمها في المراكز الأجنبية
يعاني الطلاب السوريون من قلة اهتمام المدارس الإعدادية والثانوية العامة بتعليم اللغات الأجنبية، إذ يبدأ تدريس اللغة الأجنبية الانكليزية أو الفرنسية في المدارس الحكومية بدءاً من المرحلة الاعدادية بمعدل ثماني ساعات اسبوعياً فقط. اما المدارس الخاصة مثل "معهد الحرية" و"دار السلام" التي تبدأ في تعليم اللغة من المرحلة الابتدائية فتعاني هي الأخرى من قلة عدد الساعات المخصصة وضعف امكانات الكوادر التعليمية، خصوصاً في العقدين الأخيرين، اضافة الى ارتفاع عدد الطلاب في قاعة الدرس الى أكثر من 50 طالباً ما يؤثر على درجة تركيز الطلاب. ويعتبر تعلم لغة أجنبية لأغلبية الشباب السوري مجهوداً شخصياً يقوم به الشاب بعد سن ال18 سنة. وتقول احدى الطالبات: "يتخرج الطالب من كلية الآداب وهو غير قادر على التحدث باللغة الفرنسية"، ويوضح آخر: "الشباب السوري اليوم متخلف عن باقي الدول العربية في موضوع اللغة وهو لهذا السبب غير قادر على الانفتاح على الثقافات الغربية". ويضيف صديقه: "نتعلم في المدارس مجموعة من قواعد اللغة الفرنسية ونحفظها عن ظهر قلب لكننا غير قادرين على القيام بمحادثة بهذه اللغة". ويرى المهتمون ان اعتماد المدرسين أسلوب التلقين والاستماع هو السبب في عدم قدرة الطالب على التكلم باللغة الأجنبية، ذلك لأنه لا يمارسها داخل قاعة الصف. وتبلغ موازنة وزارة التربية من الموازنة العامة للدولة نحو 10.2 في المئة أي حوالى 21.5 مليون ليرة سورية الدولار يساوي خمسين ليرة، ويصل عدد طلاب المدارس الى أربعة ملايين طالب موزعين على 16596 مدرسة. ويبلغ متوسط الكثافة المقررة للشعبة الواحدة 31 تلميذاً للمرحلة الابتدائية و36 للمرحلة الاعدادية لترتفع في المدارس الخاصة الى 50 طالباً، أما في المرحلة الثانوية فيعود لينخفض الى 45 طالباً. التعليم الأجنبي في سورية الغي في الستينات حين أممت الدولة المدارس الأجنبية، وأصبحت المدارس الخاصة تدار من مدير المدرسة ومدير منتدب من وزارة التربية تابع للدولة. وتتمتع هذه المدارس بحرية محدودة في تدريس اللغات، والمعادلة تختلف في المدارس التابعة لسفارات الدول الأجنبية التي لا يزيد عددها عن ثلاث مدارس هي "المدرسة الأميركية" و"المدرسة الفرنسية" و"المدرسة الباكستانية" حيث تدرس اللغة العربية كلغة أجنبية بحصص لا تتجاوز الساعة الواحدة في الاسبوع. ويصل القسط السنوي في المدرسة الأميركية الى عشرة آلاف دولار، ينخفض في الفرنسية الى ثلاثة آلاف. وبالطبع فإن عدداً قليلاً جداً من العائلات السورية تستطيع تحمل هذه التكاليف، والمدارس الثلاث مخصصة أصلاً لأبناء الجاليات الأجنبية في سورية. ويبقى تعلم اللغة الأجنبية للشباب السوري محصوراً في التسجيل في احدى دورات اللغة المتوفرة في المراكز الثقافية التابعة لسفارات الدول الأوروبية والأميركية مثل "المركز الثقافي الفرنسي" و"المركز الثقافي البريطاني" اضافة الى مركز تعلم اللغة الانكليزية التابع للسفارة الأميركية. وتتنافس هذه المراكز في جذب الشباب اليها. وتقول مديرة قسم التدريس في المركز الفرنسي السيدة ميشيل سان فلور "ان الفرنسية لا تزال اللغة الأجنبية الأولى في سورية على الرغم من منافسة الانكليزية". وترى سان فلور "ان زيادة العلاقات السياسية والثقافية وتطور العلاقات السورية - الفرنسية أديا الى ازدياد الطلب على تعلم الفرنسية"، غير أن المركز الثقافي الأميركي يؤكد على لسان أحد المدرسين ان "اللغة الانكليزية باللهجة الأميركية هي الغالبة على الشباب السوري، والجميع يفضل الطريقة الأميركية". ويستوعب المركز الثقافي الفرنسي 1400 طالب، وكان المركز انتقل الى المقر الجديد في عام 1985، ويعتبر انتقال المركز خطوة في نشر هذه اللغة بشكل أكبر في سورية، خصوصاً ان أقساط الدورات هي الأرخص بالنسبة لباقي المراكز حيث تبلغ 2800 ليرة سورية للدورة العادية التي تصل مدتها الى عشرة أسابيع، وترتفع الى أربعة آلاف ليرة للدورات التخصصية كالتجارية والترجمة وغيرها. ويحتل الشباب وطلاب الجامعات أكثر من 70 في المئة من نسبة الدارسين في المركز، ويحاول المركز استقطاب أكبر عدد من الطلاب عن طريق النشاطات الثقافية والفنية من معارض وأفلام ومسرحيات ورحلات. ويقول سكرتير التدريس السيد فراس قولي ان عدد الطلاب يزداد باستمرار بسبب نشاطات المركز، والطلاب هم من الراغبين بمتابعة دراستهم الاكاديمية في فرنسا اضافة الى طلاب الآداب الفرنسية والحقوق والتجارة في جامعة دمشق. وتوضح سان فلور ان هدف المركز "نشر الثقافة الفرنسية وهو بعيد عن الهدف المادي، والدليل ان فرنسا تتحمل نصف الاعباء المادية للمركز، اما المبلغ الذي يدفعه الطلاب فيعتبر رمزياً مقارنة بالخدمات المقدمة، حيث يقوم المركز بارسال الطلاب كل ربيع للدراسة في فرنسا ويتحدد عدد الطلاب المبعوثين حسب عدد المنح التي تمنحها فرنسا كل سنة للمركز، وتخصص المنح لطلاب المركز المتفوقين في الصفوف العالية والصفوف التخصصية". وأكدت ان المركز يحاول التوسع في نشر الفرنسية بين الفئات العاملة وذلك بالتعاقد مع "البنك المركزي" و"مشفى تشرين" و"الاذاعة والتلفزيون" لتهيئة الكوادر لغوياً، اضافة الى طلاب وموظفي المعهد العالي للفنون المسرحية ومديرية الآثار والمتاحف. ويعتبر المركز الفرنسي الوحيد الذي يقدم نشاطات ثقافية اضافة الى النشاط اللغوي، كما يتميز بضخامة برامجه، غير أن "المركز الثقافي الأميركي" لا يشعر بمنافسة باقي المراكز، فعلى الرغم من ارتفاع قسط الدورة الواحدة الى ستة آلاف ليرة سورية، فإن عدد طلاب فيه هو الأعلى نسبة الى باقي المراكز، حيث يبلغ عدد الطلاب للدورة الواحدة الفي طالب ضمن سبع مستويات. ويقول المسؤول الاداري ان "الاقبال الشديد دفع المركز الى عدم قبول الطلاب غير السوريين". ويرى بعض الشباب ان ارتفاع القسط هو محاولة من المركز لاجتذاب نوعية معينة "الشريحة الغنية من المجتمع السوري"، لكن ادارة المركز تدافع عن ارتفاع الأقساط بالقول: "ان تمويل المركز ذاتي بعكس الفرنسي الذي يتلقى معونات من الحكومة الفرنسية، بينما لا يتلقى الأميركي سوى أربعة في المئة من السفارة الأميركية". وتشير الى أن "هناك دورات متخصصة رخيصة ويستطيع الطالب التنويع أو التوقف لدورة واحدة ثم المتابعة في حال عدم تمكنه من دفع القسط للدورات العادية باستمرار". ويضيف مدير المكتب الاداري: "ان نفقات المركز كبيرة ورواتب المدرسين عالية جداً". ولا يشكل المدرسون السوريون نسبة كبيرة من الهيئة التدريسية في المركز الأميركي، ويشترط ان يكونوا قد عاشوا معظم حياتهم في أميركا، وليس هناك سوى خمسة مدرسين من أصل سوري، ويقدم المركز نحو 40 منحة تعليمية لبعض الجهات الرسمية كوزارة الخارجية ووزارة التعليم ومديرية الآثار والمتاحف. ويفضل الراغبون بتعلم الانكليزية "المركز الأميركي" أكثر من "البريطاني"، بسبب طغيان اللهجة الأميركية، اضافة الى الأسلوب الأميركي في التعليم. ويقول أحد الشبان: "تذكرنا طريقة التعليم في المركز البريطاني بمدارسنا، فهم يعتمدون القواعد ويستخدمون الأسلوب التعليمي الجاف بينما يركز الأميركيون على المحادثة بشكل أكبر".