خالفت الاحكام في قضية "قصر المنتزه" التوقعات وخلت من أي حكم بالاعدام، وبرأت المحكمة العسكرية التي نظرت في القضية متهما واحداً في حين قضت بالاشغال الشاقة لمدد تراوح بين المؤبد و5 سنوات في حق المتهمين ال20 الآخرين. وتعد هذه اول قضية ل"الجماعة الاسلامية" تخلو فيها الاحكام من حكم بالاعدام منذ بدأ نظر قضايا للتنظيم امام محاكم عسكرية في 1992. أسدلت المحكمة العسكرية العليا في القاهرة أمس الستار على أحداث قضية "قصر المنتزه" التي اتهم فيها 21 من عناصر تنظيم "الجماعة الاسلامية" بالتخطيط لاقتحام القصر الذي يقع في مدينة الاسكندرية في صيف 1996، واغتيال مسؤولين كانوا داخله. وللمرة الأولى منذ بدء إحالة قضايا العنف الديني لعناصر "الجماعة الاسلامية" على القضاء العسكري في النصف الثاني من 1992، خلت الأحكام في القضية من أي حكم بالإعدام. وقضت المحكمة بالأشغال الشاقة المؤبدة في حق أربعة متهمين والأشغال الشاقة لمدة 15 سنة ضد سبعة متهمين و10 سنوات ضد ثلاثة و7 سنوات ضد اربعة و5 سنوات لمتهمين اثنين وبرأت المحكمة متهماً واحداً. وكان من المقرر أن تصدر الأحكام في القضية الاثنين الماضي، لكن المحكمة أجلت النطق بها الى جلسة الاربعاء الماضي، ثم عادت وأجلتها الى جلسة أمس. وخضعت الجلسة لإجراءات أمنية شديدة، وحضر المتهمون من السجن في شاحنة احاطت بها أعداد كبيرة من سيارات ودراجات نارية تابعة للشرطة ولم تسمح السلطات لأهالي المتهمين بدخول قاعة المحكمة تفادياً لردود أفعال غاضبة تصدر منهم عادة بعد الأحكام. وتحدثت "الحياة"، قبل بدء الجلسة، الى المتهم الرئيسي احمد اسماعيل الشيخ الذي نسبت اليه لائحة الاتهام، أنه وضع مخطط اقتحام القصر وعرضه على أربعة من قادة التنظيم كانوا معتقلين على ذمة قضايا فوافقوا عليه. وأعلن الشيخ مبايعته للرئيس حسني مبارك لفترة ولاية رابعة ونفى التهم التي وجهت اليه أو أن يكون ارتكب أفعالاً مخالفة للقانون. وأكد ان جميع المتهمين في القضية يؤيدون المبادرة السلمية التي اطلقها "القادة التاريخيون" للتنظيم الذين يقضون عقوبة السجن في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات. كما يؤازرون قادة الجماعة المقيمين في الخارج والذين أصدروا في آذار مارس الماضي، قراراً بوقف شامل للعمليات العسكرية داخل البلاد وخارجها. وأدلى المتهم الأول في القضية فوزي مصطفى الشريف ببيان قصير أعلن فيه تأييد المتهمين للتوجه السلمي ل"الجماعة الاسلامية" والتزامهم النداء الذي وجهه زعيمهم الروحي الدكتور عمر عبدالرحمن من داخل السجن، استجابة لمبادرة القادة التاريخيين. وأوضح أنه حريص على الأدلاء بالبيان قبل بداية الجلسة حتى لا يفهم ان المتهمين حددوا موافقتهم بناء على الأحكام، ثم بدأت الجلسة وتلا القاضي الاحكام على النحو التالي: الاشغال الشاقة المؤبدة لكل من: فوزي مصطفى الشريف وأحمد اسماعيل الشيخ وعاطف موسى موسى سعيد واحمد محمود همام عبدالله، والاشغال الشاقة، لمدة 15 سنة لكل من سامح موسى هلال ومحمود يوسف حامد واسامة علي خلاف ومحمد اسماعيل خليل ومحمد ابراهيم علي مرجان وسيد ابراهيم محمود عامر، ونبيل سعد خليفة، والاشغال الشاقة عشر سنوات لكل من: محمود محمد رمزي والسيد عبدالحميد عبدالوهاب ورأفت رمضان علي حسن، والاشغال الشاقة 7 سنوات لكل من: رمضان احمد فرج وعبدالغفار محمد عبدالغفار ومصطفى محمود قاسم محامٍ وعبدالعظيم محمد عبدالعظيم، والاشغال الشاقة خمس سنوات للمتهمين حسين يوسف محمد وأحمد فرغلي مبارك. وبرأت المحكمة المتهم أحمد عبدالقادر الكيلاني، وألقى رئيس المحكمة كلمة قصيرة أكد فيها ان المحكمة على ثقة من أن المتهمين يستحقون العقوبات التي نالوها وتأكدت من ثبوت الأدلة التي قدمت ضدهم، ووصف المتهمين بأنهم "فئة ضالة لا ترى التقدم الذي يحدث في مصر وتصر على العيش في ضلال وتخلف" وواجه "المتهمون الاحكام بالتكبير والهتاف": حسبنا الله ونعم الوكيل"، لكنهم لم يرددوا أي هتافات عدائية. وعلى رغم عدم تضمن الاحكام أي حكم بالإعدام إلا أن المحامي منتصر الزيات، والذي كان قاطع جلسات المحكمة، شدد على ضرورة وقف احالة المدنيين على المحاكم العسكرية، في حين اعتبر رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين في القضية السيد سعد حسب الله ان عدم صدور أحكام بالإعدام "يتفق مع الاجواء التي تعيشها مصر" من اطلاق مبادرة وقف العنف، لكن حسب الله اعتبر ان الحكم بالمؤبد في حق اربعة متهمين لم يكن متوقعاً. وقال ل"الحياة": "وقائع القضية خلت من إراقة الدماء أو إطلاق النار أو أي أسلحة، وبالتالي فإن الموقف القانوني لجميع المتهمين كان يستوجب عدم صدور أحكام بالإعدام والمؤبد"، وأعلن أنه سيقوم في غضون أيام بالطعن في الأحكام على أساس أن الاعترافات التي أدلى بها بعض المتهمين جاءت وليدة تعرضهم للتعذيب، مشيراً الى أن ملفات القضية اثبتت ان قرارات ضبط المتهمين جاءت مخالفة للأذون الصادرة من النيابة. ويكون الطعن على الأحكام الصادرة من محاكم عسكرية أمام إدارة القضاء العسكري ويحظر القانون المصري الطعن على تلك الأحكام أو استئنافها أمام هيئة قضائية أخرى. ويمنح القانون للمحكومين عسكرياً تقديم التماسات الى رئيس الجمهورية، خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة على الأحكام لطلب العفو أو تخفيف الأحكام أو إعادة المحاكمة أمام دائرة قضائية أخرى.