سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
من كتاب "مانديلا : السيرة المأذونة" . مانديلا في خطابه أمام المحكمة العليا في بريتوريا عام 1963 : أعيش وأموت ان اقتضت الضرورة من أجل مجتمع ديموقراطي حرّ للجميع 2 من 4
يتضمن الفصل الرابع عشر من كتاب "مانديلا: السيرة المأذونة" للمؤلف انتوني سامبسون، وعنوانه "الجريمة والعقاب" وصفاً لمراحل القضية التي أدت إلى إصدار المحكمة العليا في بريتوريا في نهاية العام 1963 حكماً بالسجن مدى الحياة على نلسون مانديلا وبعض رفاقه. وقد ألقى مانديلا خلال المحاكمة خطاباً من قفص الاتهام استمر أربع ساعات اعتبر أبلغ خطاباته وأدى إلى توطيد صورته كقائد ليس فقط للمؤتمر الوطني الافريقي، وإنما أيضاً للمعارضة المتعددة الأعراق للتفرقة العنصرية. كان نلسون مانديلا قد حوكم وصدر بحقه حكمان بالسجن مجموعهما خمس سنوات في 27 تشرين الثاني نوفمبر 1962 بتهمتي التحريض على العنف ومغادرة البلاد من دون جواز سفر. وقد اعتبر ذلك الحكم قاسياً كونه قد صدر في قضية سياسية. وكان الكفاح المسلح الذي قاده لا يزال في طوره الأول، لكنه توقع ان يخرج من السجن في غضون خمس سنوات على الأكثر. ولم يخطر في باله انه سيبقى في السجن لأكثر من ربع قرن من الزمن. بدأ مانديلا فترة الحبس في سجن بريتوريا الذي كان قد عرفه من قبل، لكن الأحوال فيه صارت أشد وأقسى كثيراً من ذي قبل. وقد غضب لكرامته عندما أرغم على ارتداء بنطلون قصير، وعندما اشتكى خُير بين ذلك اللباس والسجن الانفرادي. وقد عانى الحبس في زنزانة وحده بضعة أسابيع الى ان قرر انه يفضل صحبة الآخرين على البنطلون، فسمح له بالانضمام الى السجناء السياسيين الآخرين في النهار. كان بين أولئك السجناء منافسه القديم من مؤتمر عموم افريقيا، روبرت سوبكوي الذي كان مسجوناً منذ مذبحة شاربفيل، والذي وجد نفسه مقزماً بشخصية مانديلا البطولية. وكانا يجلسان احياناً جنباً الى جنب يخيطان أكياس بريد قذرة وينادي كل منهما الآخر باسم عشيرته "ماديبا" و"هلاثي" ويتجادلان في كل شيء. بما في ذلك ان كان شو كاتب مسرحيات أفضل من شكسبير. وانتقد مانديلا سوبكوي لمناداته بالحرية عام 1963، الأمر الذي ما كان يمكن تحقيقه، ولإساءته تقدير مدى قوة الافريكانا. بعد ستة أشهر في بريتوريا طلب من مانديلا ان يحزم حقيبته بسرعة لأنه سينقل الى سجن جزيرة روبن. وقد أخذ الى هناك ليلاً مكبل اليدين مربوطاً بثلاثة سجناء سياسيين آخرين. وكان مانديلا، بمعرفته لتاريخ ترانسكاي، واعياً بأن الجزيرة كانت سجناً لجنرالات اكسوسا الذين أسرهم البريطانيون في القرن التاسع عشر. وكانت هذه الصلة المستمرة قوية، وكثيراً ما أشار في ما بعد الى أسلاف مثل ماكنّا الأعسر الذي مات في الجزيرة بعدما كاد ان يهزم البريطانيين في غريهامزتاون عام 1819. في أوائل تموز يوليو سمع مانديلا ان هارولد وولب، أحد محامي المؤتمر الوطني الافريقي قد اعتقل. ثم صادف في ممر السجن توماس ماشيفين الذي كان رئيساً للعمال في مزرعة ليليزليف. وبعد بضعة أيام وجد نفسه في مكتب السجن وجهاً لوجه مع قادة المؤتمر الوطني الافريقي الذين كانوا مختبئين في ريفونيا. وكانت حكومة فيروود قد بدأت، خلال الشهور الثمانية التي مرت على وجود مانديلا في السجن، تضييق الخناق بفاعلية أقوى بكثير على المعارضين السود، خصوصاً بعد ان بدأت مجموعة بوكو السرية الارهابية المتفرعة عن مؤتمر عموم أفريقيا اغتيال البيض أولاً في ترانسكاي ثم في بارل، قرب كيب تاون. وفي الأول من أيار مايو 1963 مررت الحكومة أقسى تشريعاتها حتى ذلك الحين مدعومة مرة أخرى بالحزب المتحد. وشملت تلك التشريعات "قانون التسعين يوماً" السيئ الصيت الذي مكن الشرطة من اعتقال أي شخص لثلاثة اشهر معزولاً من دون محاكمة، مما أطلق يد شرطة الأمن في الاستجواب والتعذيب. ولم يكن القانون موجهاً ضد مجموعة بوكو بقدر ما كان هدفه اكتشاف مكان وجود زعماء المؤتمر الوطني الافريقي المختبئين، بمن في ذلك سيسولو، وكاثرادا وغوفان امبيكي، الذين فروا جميعاً من الاعتقال المنزلي واختفوا. كان زعماء المؤتمر الوطني الافريقي ما يزالون يدخلون ريفونيا ويخرجون منها متنكرين، ويناقشون خططاً للتخريب وحرب العصابات التي ستشن بمساعدة مجندين مختارين من قوات "رمح الأمة" ام. كيه الذين كان قد تم تهريبهم الى خارج البلاد ليتدربوا في الجزائر أو اثيوبيا أو الاتحاد السوفياتي. وبقيت قيادة "ام. كيه" متحدية، وفي 26 حزيران يونيو وجه سيسولو أول كلمة عبر "إذاعة الحرية" من مخبأ سري، واعداً المستمعين بأنه سيبقى مختباً في جنوب افريقيا، متحدياً بذلك الشرطة ان تعثر عليه. وقد وصف برونو متولو، وهو أحد المخربين من ديربان، وقد خان زملاءه كيف أعد سيسولو وامبيكي خطة طموحة جداً سموها "عملية مايبويي" التي وضع مسودتها جوسلوفو وامبيكي. وجاء في بداية الوثيقة: "لقد تخلت دولة البيض هذه عن كل تظاهر بالحكم من خلال العملية الديموقراطية. وقد فرضت على الشعب، وهي مدججة بالسلاح، خياراً واحداً هو إطاحتها بالقوة والعنف". ومضت فاقترحت إقامة مجموعات من العصابات في كل أنحاء جنوب افريقيا، لتتلقى في نهاية الأمر دعماً من غزو مسلح تشارك فيه قوات أجنبية تصل بغواصات وطائرات. كانت خطة متهورة وغير واقعية. وكان مؤيدوها الرئيسيون في القيادة العليا للجناح العسكري "ام. كيه" امبيكي وسلوفو وآثار غولدريتش، وكانت لدى سيسولو وآخرين تحفظات قوية، وكانت الخطة ما تزال موضع جدل في تموز يوليو. في حلول أوائل تموز 1963، كشفت تحقيقات الشرطة ان سيسولو واصدقاءه كانوا يختبئون احياناً في ريفونيا. وقد حدد ضابط التحقيق الشاب البارع اللفتنانت فان ويك مكان وجودهم في مزرعة ليليزليف حيث اعتقلهم يوم 11 تموز يوليو. واخذت الشرطة من مخبأهم مئات الوثائق، بما في ذلك أوراق عن "عملية مايبويي". كان ذلك هو النبأ الذي سمعه مانديلا من زملائه في سجن بريتوريا. ولم يكن هو نفسه قد ذهب الى ريفونيا منذ العام السابق، قبيل اعتقاله، ولذا فإن من غير الممكن ان يكون قد اجاز "عملية مايبويي". ولكنه كان قائد "ام. كيه" وكان قد ترك عشرات الوثائق المكتوبة بخط يده في ليليزليف، اذ شعر مثل عشرات الثوريين الآخرين بأن عليه ان يدون أفكاره. وكان قد طلب من جو سلوفو عن طريق سيسولو ان يتلف تلك الأوراق، لكنها كانت لا تزال هناك تنتظر ان تجرّمه. وكان لا بد ان يكون هدفاً أساسياً للمدعي العام، وكان يمكن ان يواجه، بموجب قانون التخريب الصادر في تموز يوليو 1962، عقوبة الإعدام. وصار مانديلا المتهم الأول. المحاكمة افتتحت المحاكمة في بريتوريا في تشرين الأول اكتوبر 1963 وسط اهتمام عام ألهبته الصحف التي كتبت عن مؤامرات الثوريين التي سربتها الشرطة. وكانت المحكمة العليا محاطة من الداخل والخارج برجال الشرطة المرتدين البزات الرسمية أو ملابس مدنية. عندما ظهر مانديلا في قاعة المحكمة من الزنازين الموجودة تحتها، صعق بعض اصدقائه القدامى. عندما رأوا كم صار أنحف وأكثر شحوباً. لكنه أشع ابتسامته وشد قبضته اليمنى وصاح قائلاً: "أماندلا!"، فرد السود الحاضرون "نغاويثو!" - مما أثار الذعر في صفوف شرطة الأمن. كان القاضي كوارتوس دي فيت افريكانيا محترماً متشدداً في اتباع أصول مهنته، لكن المدعي العام، بيرسي يوتار، وهو رجل قصير ذو أسلوب مسرحي مبالغ فيه، فكان محامياً يهودياً يمينياً قريباً من الحكومة التي كان يسرها ان تضع اعداءها اليهود والسود في مواجهة بعضهم بعضاً. وقد أدعى في ما بعد انه رفض توجيه تهمة الخيانة العظمى الى مانديلا، وقال: "لقد مارست صلاحياتي واتهمته بالتخريب فقط". لكنه كان مدعياً عاماً لا يعرف الرحمة. كان فريق الدفاع مقتنعاً منذ البداية بأن "لب هذه القضية وجوهرها"، كما قال جويل جوفي، "ليس في قاعة المحكمة هذه، وانما في العالم الخارجي". ومن المؤكد ان الحكومات الغربية كانت تتابع المحاكمة باهتمام بالغ. وقد صارت الآن اكثر وعياً بزعامة مانديلا واكثر قلقاً في شأن العواقب المحتملة لحكم بالاعدام. لكنها ظلت مقيدة بصلاتها الديبلوماسية واستثماراتها. الادعاء فشل المدعي العام، بيرسي يوتار، في تعزير لائحة اتهاماته الأولى التي اسقطها القاضي من دون صبر، ولم تبدأ المحاكمة الكاملة الا في 3 كانون الأول ديسمبر في بريتوريا. وبقي مانديلا متحدياً، اذ عندما سئل ان كان سيقر بالذنب أو يعلن انه بريء رد قائلاً: "لست أنا ولكن الحكومة هي التي يجب ان تكون في قفص الاتهام. أنني أعلن انني غير مذنب". ثم قدم المدعي يوتار لائحة الاتهام المعدلة التي تضمنت التهمة المركزية المثيرة: "لقد تآمر المتهمون عمداً وبنية سيئة وهيأوا لإصدار أوامر بارتكاب أعمال عنف وتدمير في كل أنحاء البلاد، موجهة ضد مكاتب ومنازل موظفي البلديات وكذلك ضد كل أنواع وخطوط الاتصالات. كان الهدف المخطط له من وراء ذلك إحداث فوضى وخلل في النظام وغليان في جمهورية جنوب افريقيا يفاقم منه، وفقاً لخطتهم تشغيل آلاف من الوحدات المدربة على حرب العصابات في كل أنحاء البلاد وفي نقاط حساسة متنوعة". واختتم يوتار بصورة دراماتيكية بالقول: "إنهم خططوا حملتهم على أساس ان تكون السنة الحالية - 1963 - سنة تحررهم مما يسمى نير سيطرة الرجل الأبيض". وقد استدعى يوتار سلسلة من الشهود الذين روضوا خلال استجوابهم. والأسوأ من ذلك انه كان في وسعه ان يشير الى مئات الوثائق التي التقطتها الشرطة في ليليزليف وأماكن أخرى، وتضمنت تفاصيل عن العمليات السرية للمؤتمر الوطني الافريقي. كان بعض اكثر الوثائق مجلبة للضرر بخط يد مانديلا. وتذكر جورج بيزوز انه "ترك كل قطعة ورق يمكن ان تجرمه في ريفونيا... كانت تلك غلطة فظيعة، قدموها الى المدعي العام على طبق. لم يوح ابداً بأنها غلطة أي شخص آخر. وقد كان حليماً". كان نجم شهود الادعاء متولو الذي كان قوي الذاكرة وأول من ربط مانديلا بقوات "رمح الأمة" ام. كيه بتقديمه وصفاً لما قاله مانديلا للمخربين في اجتماعهم في ديربان: كيف وعد الزعماء الافريقيون بتقديم تدريب عسكري وأموال، وكيف ستمتد الحملة في جنوب افريقيا لتصبح حرب عصابات، وكيف يجب ان يخفي الشيوعيون معتقداتهم لعدم وجود تأييد شعبي لهم في افريقيا. وأصر متولو على ان المؤتمر الوطني الافريقي يسيطر عليه الشيوعيون. اعتبر جويل جوفي ان مانديلا وسيسولو كانا الأكثر تعرضاً للخطر وان احتمال اعدامهما وارد بنسبة خمسين في المئة. لكنه وجد ان شجاعة مانديلا لم تهتز ابداً: "كانت شجاعة مختلفة عن الشجاعة في ميدان القتال عندما يمكنك ان تكون جريئاً من دون تفكير". ورأى جوفي ان "مانديلا برز بصورة طبيعية تماماً كزعيم. وهو يملك من وجهة نظري، كل صفات الزعيم - الشخصية الجذابة، والقدرة، والهيبة، والهدوء، والديبلوماسية، واللطف والاقتناع. عندما قابلته للمرة الأولى، وجدته جذاباً مثيراً للاهتمام. وبحلول نهاية القضية اعتبرته رجلاً عظيماً بالفعل. وبدأت ألاحظ كيف تركت شخصيته وهيبته اثرهما ليس فقط على مجموعة المتهمين، وانما ايضاً على السجن وموظفي السجن انفسهم". خلال المحاكمة أصر غوفان امبيكي، اكبر المتهمين سناً واكثرهم عناداً، على ان "عملية مايبوبي" شكلت أساس كل نشاطات ال"إم. كيه". وكان يمكن لإصراره على ذلك ان يؤدي به وبأصدقائه الى حبل المشنقة. ولو ثبتت تلك التهمة، كما قال جوفي في ما بعد "لكان من الصعب بموجب قانون التخريب الا ان يحكم القاضي عليهما بالإعدام". لكن مانديلا صار مشغولاً بحجته السياسية. وكان مصمماً، كما فعل في محاكمته السابقة، على إلقاء خطاب نهائي عن مثله السياسية، وهو ما لم يكن في وسعه ان يفعله الا من خلال بيان يلقيه من قفص الاتهام. خطاب مانديلا بدأت مرافعة الدفاع بخطاب مانديلا الطويل من قفص الاتهام، وهو خطاب لم يكن في الامكان مقاطعته، الأمر الذي اغاظ يوتار الذي استعد لأيام لفحص أقواله. لساعات أربع شرح مانديلا معتقداته وأفكاره السياسية، عائداً الى خلفيته القبلية، وقوميته المبكرة، وتحوله الى فكرة تعايش الاعراق المتعددة. أقر بأنه كان قائد ال"إم. كيه" وانه خطط لأعمال تخريب، لكنه أصر مرة اخرى على انه ثبت ان اللاعنف عاجز عن منع البلاد من الانجراف نحو حرب أهلية. وادعى ان التخريب يوفر أفضل أمل لمستقبل العلاقات بين الاعراق. قارن تعاونه مع الشيوعيين بتعاون تشرتشل مع ستالين، لكنه قدم ايضاً تفسيراً شخصياً الى حد أكبر، معيداً الى الأذهان ان الشيوعيين كانوا المجموعة السياسية الوحيدة المستعدة لمعاملة الافريقيين كآدميين ومتساوين. أقر أنه تأثر بالفكر الماركسي، لكنه نفى ان يكون شيوعياً، واثنى على النظامين البرلمانيين البريطاني والاميركي، اللذين اعتبرهما الشيوعيون رجعيين. وقد شدد على افتقار الافريقيين الى الكرامة الانسانية والحقوق، وتدمير الحياة العائلية للسود، مما يؤدي الى تفسخ المعايير الاخلاقية وإذكاء العنف: "ان الافريقيين يريدون مجرد نصيب في كل جنوب افريقيا. انهم يريدون الأمن ونصيباً في المجتمع". وقال: "ان المؤتمر الوطني الافريقي يخوض كفاحاً من أجل حق الحياة". واختتم بالقول: "خلال حياتي. نذرت نفسي لكفاح الشعب الافريقي هذا. لقد كافحت ضد سيطرة البيض، وكافحت ضد سيطرة السود. واعتززت دوماً بمثال مجتمع ديموقراطي وحر يعيش فيه كل الناس معاً في انسجام وفرص متساوية". صمت ونظر الى القاضي: "إنه مثال آمل أن أعيش من أجله وأحققه". ثم أخفض صوته وختم قائلاً: "ولكنه، اذا اقتضت الضرورة، مثال أنا على استعداد للموت من أجله". وساد صمت لثلاثين ثانية، بدا لمانديلا كأنه امتد لدقائق كثيرة. وبدا ذلك في نظر جويل جوفي كالصمت الذي يتبع نهاية مسرحية، قبل اندلاع التصفيق المدوي - ولكن دون تصفيق". كان الخطاب الأعمق وقعاً في حياة مانديلا السياسية كلها. وقد أبرزه بوضوح كزعيم ليس فقط للمؤتمر الوطني الافريقي، وانما للمعارضة المتعددة الأعراق للتفرقة العنصرية. لقد تلاشت القوالب اللفظية المناوئة للاستعمار التي كانت ترد في خطبه الباكرة مفسحة في المجال لتحليل أكثر عمقاً وذاتية. وترددت أصداء كلماته في انحاء العالم مشكلة إعلاناً للمكافحين ضد التفرقة العنصرية في كل مكان. كان مانديلا، وامبيكي وسيسولا قد قرروا جميعاً في مرحلة مبكرة من المحاكمة انهم لن يطلبوا الرأفة مهما كان الحكم الصادر بحقهم. فبالنظر الى ان تلك كانت محاكمة سياسية، فإن طلب الرأفة سيكون مخيباً للآمال. وقال مانديلا انهم يريدون ان يبعثوا برسالة مفادها انه "ما من تضحية يمكن ان تكون أكبر مما ينبغي في الكفاح من أجل الحرية". عندما حضر القاضي دي فيت للنطق بالحكم، شعر مانديلا بالارتياح "لأن توتر الأعصاب الواضح لم يكن بادياً على المتهمين الموجودين في القفص وانما على القاضي نفسه". قال القاضي انه قرر ألا يحكم عليهم بالعقوبة القصوى، ثم حكم على ثمانيتهم بالسجن مدى الحياة. ابتسم مانديلا في الواقع، وتنفس سيسولو الصعداء كما لو كان قد بريء. غداً حلقة ثالثة الكتاب: مانديلا: السيرة المأذونة. المؤلف: انتوني سامبسون. الناشر: هاربركولينز، لندن. ثمن النسخة: 24 جنيهاً و99 بنساً.