الكومبيوتر أدق من الأطباء مرتين تقريباً في توقع فرص الحياة لمرضى السرطان. كشفت ذلك تجارب طبية استهدفت دراسة 212 حالة للاصابة بسرطان المثانة بين مرضى من الجنسين. أشرف على الأبحاث العالم العربي رؤوف نجيب استاذ الحوسبة الطبية في جامعة كوفنتري. واعتبرت الصحافة البريطانية انجاز العالم المصري الأصل فتحاً علمياً في تطوير شبكة كومبيوتر عصبية تماثل في عملها الدماغ البشري. ويتوقع أن تصبح تقنية الحوسبة الطبية جزءا من الممارسة الطبية الروتينية في التشخيص والعلاج. لكن الدكتور رؤوف نجيب نفى أن يحل الكومبيوتر محل الأطباء. وذكر في حديث ل"الحياة" أن الكومبيوتر ليس بديلاً للطبيب بل عون له في الحصول على تقدير دقيق لفرص حياة المريض. ويساعد الكومبيوتر الطبيب في توجيه عملية شفاء المريض ويختصر الجهود والنفقات المبذولة في تحديد نوع العلاج المطلوب. تعتبر الحوسبة الطبية medical computing من أحدث فروع علوم الطب. وذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية في تقرير لها حول إنجاز العالم العربي أن هذه هي المرة الأولى التي يقارن فيها عمل هذه التقنية بتشخيص الأطباء الاستشاريين لتطور مرض السرطان. وقد قارنت التجارب التي أجراها الفريق الطبي البريطاني الذي يرأسه العالم العربي ما بين تنبؤات الكومبيوتر لسير المرض وتوقعات الأطباء الاستشاريين. واعتمدت التقنية في ذلك على 15 مؤشراً، كعمر المريض وجنسه وعادات التدخين ووضع الورم السرطاني وغير ذلك من العوامل المتصلة بتطور المرض. وظهر من التجارب أن توقعات الكومبيوتر كانت صحيحة في 82 في المئة من الحالات التي توقع فيها فرص بقاء المرضى، في حين بلغت صحة توقعات الطبيب المعالج 65 في المئة. وبلغت صحة توقعات الكومبيوتر ضعفي توقعات الأطباء في حالات الاصابات الوسطية intermediate بسرطان المثانة. الشبكات "العصبية" وذكر العالم العربي أن تنبؤ الأطباء بسير مرض السرطان يخضع كثيراً للتخمين والحدس، ويعتمد على التجربة المتراكمة لديهم. وقد طور البروفيسور نجيب برامج كومبيوتر تضاهي الحدس الطبي. تستخدم هذه البرامج "الذكية" تقنية "الشبكة العصبية" الاصطناعية neural networks التي تحاكي عمل الدماغ البشري. وتتفوق هذه التقنية التي تستخدم الرياضيات "اللامستقيمة" nonelinear على وسائل الإحصاء الرياضي الطبي. وعلى رغم أن تقنية "الشبكة العصبية" ما تزال في مراحلها الأولية فإنها كما بيّنت التجارب فعالة في تقديم توقعات دقيقة لسير المرض. ونقلت صحيفة "إندبندنت" عن خبراء بريطانيين أن استخدام التقنية الجديدة يمكن أن يحقق اقتصاداً كبيراً في نفقات العلاج التي يتحملها الضمان الصحي الحكومي في بريطانيا. فهي تقدم استشارة أصح عمّا إذا كان المريض يحتاج الى عملية جراحية عاجلة أم لا. كما تساعد التقنية الأطباء على توصيف نوع العلاج المطلوب للحالات المتقدمة وتقليل الجهد المبذول على الحالات الخفيفة. ويتوقع الخبراء البريطانيون أن تكون التقنية الجديدة نافعة بصورة خاصة في علاج مرضى سرطان المثانة المصابين بحالات "وسطية". وتحسن التقنية توقعات الطبيب لسير المرض وبالتالي تشخيص الحالات التي تحتاج الى تدخل طبي عاجل. ورداً على سؤال "الحياة" لا يتوقع البروفيسور نجيب أن تدخل التقنية الجديدة العيادات الطبية قبل إجراء مزيد من التجارب. فهي تحتاج الى تجارب تشمل حالات "مستقبلية" للمرض وليس مجرد استقراء سير إصابات تمت في الماضي. كما تحتاج الى تطوير شبكة علاج واسعة. صحيح أن الكومبيوتر قادر على تشخيص سير المرض وتطوراته اللاحقة خلال ثوان إلاّ أنه يحتاج الى تطوير مهارات طبية قادرة على استخدام التقنية الجديدة. ورحبت الدكتورة ليسلي ووكر، التي ترأس قسم المعلومات في "مركز أبحاث السرطان" في بريطانيا بالتقنية الجديدة وقالت أنها جزء من اتجاه عام في علوم الطب يشمل التوصيف الجيني للأمراض بهدف توقع سير المرض. والبروفيسور نجيب خريج جامعة القاهرة عام 1986 ونال شهادتي الماجستير والدكتوراه في الهندسة الكهربائية من "أمبريال كوليج" في لندن. ويعتبر تحول العالم المصري من الهندسة الى الطب نموذجاً للتداخلات التي تحدث حالياً بين العلوم المختلفة. كما يشير انجازه العلمي الى إغناء تكنولوجيا الكومبيوتر للعلوم المختلفة النظرية والعملية. تفاصيل انجاز وحياة العالم المصري موجودة في موقعه على الشبكة: www.mis.coventry.ac.uk/research/biocore/naguib-home.html كلام الصورة رؤوف نجيب