تدخل صناعة النفط ومعها اقتصادات دول الخليج في نفق مظلم لا سبيل للخروج منه سوى من خلال خفض اسعار النفط الخام لحفز الطلب اوضخ استثمارات ضخمة في صناعة الغاز وذلك لمواجهة اثار ضريبة الكربون التي تفرضها الدول الغربية. واتفق خبراء على ان هذه الضرائب تشكل كارثة على صناعة النفط ما لم يتم مواجهتها من خلال خفض الاسعار للابقاء على معدلات نمو مقبولة في الطلب على النفط مع التركيز اكثر على تطوير قطاع الغاز. واشارت دراسات قدمت الى مؤتمر نفطي عقد في لندن الى ان الدول الغربية حددت السنة 2000 لحل جميع المشاكل التي تؤخر اتفاقاً جماعياً لفرض ضرائب موحدة على استهلاك النفط بدعوى ان ذلك سيؤدي الى خفض معدلات انبعاث ثاني اكسيد الكربون الذي يتسبب في رفع حرارة الارض. وذكرت ان هذه الضرائب ستخفض استهلاك النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الى 33.3 مليون برميل يوميا في السنة 2010 من 52.5 مليون برميل يومياً وهو المستوى المتوقع بلوغه في حال عدم فرض ضرائب جديدة. وقدرت ان نسبة استهلاك النفط في حال فرض الضريبة ستنخفض الى 37 في المئة من اجمالي الطلب على الطاقة من 40 في المئة في حال عدم فرض ضرائب. وسيكون هذا الانخفاض لصالح الطلب على الغاز الذي يعتبر مصدراً نظيف للطاقة، اذ سترتفع نسبته الى 30 في المئة من 20 في المئة في حين ستنخفض نسبة استهلاك الفحم الى 10 في المئة من 21 في المئة وسترتفع نسبة الطلب على الطاقة النووية الى 14 في المئة من 12 في المئة ونسبة استهلاك الطاقة المائية وغيرها الى تسعة في المئة من سبعة في المئة. وقدرت دراستان لمركز دراسات الطاقة العالمية في لندن و شركة "برتيش بتروليوم - اموكو" نسبة استهلاك النفط العام الماضي بنحو 41 في المئة مقابل 40 في المئة عام 1990 ما يشير الى بطء نمو الطلب على النفط. وقال ليو درولاس من مركز دراسات الطاقة العالمية ان سيناريو انخفاض الطلب على النفط في الدول الغربية سيتحقق في حال ارتفاع اسعار النفط بالاسعار الحقيقية بما يراوح بين خمسة وتسعة في المئة سنويا. واضاف: "قد لا يكون ذلك قابلا للتحقيق ولكنه خطر حقيقي...واعتقد ان على صناعة النفط ان تستيقظ قبل ان تصبح شائعات موتها حقيقة اكيدة". وحسب خبراء في المؤتمر الذي انتهى الجمعة الماضي، فان دول الخليج العربية ستعاني اكثر من منتجي النفط الاخرين من ضريبة الكربون نظراً لاعتمادها المكثف على صادرات النفط التي تشكل اكثر من ثلثي اجمالي ايراداتها. ولفتوا الى ان هذه الدول التي تسيطر على اكثر من 60 في المئة من احيتاط النفط العالمي تعاني في الوقت الحاضر من نقص في العملة الصعبة بسبب انخفاض اسعار النفط اضافة الى تآكل حصتها من السوق نتيجة بروز منتجين جدد وارتفاع انتاج دول اخرى تمكنت من استقطاب شركات اجنبية تملك الموارد المالية الهائلة والخبرة والتكنولوجيا. وقال خبير: "على دول الخليج ان تفكر بشكل جدي في وسائل فعالة لمواجهة هذا الوضع من خلال تكثيف الجهود لتقليل الاعتماد على النفط والتركيز اكثر على تطوير قطاع الغاز لان المستقبل هو للغاز وليس للنفط". واشار الى مشاريع تسييل الغاز التي تنفذها قطر وسلطنة عمان ومشاريع التوسعة في مصانع التسييل في الامارات والتي قال انها "ستمكن هذه الدول من دخول القرن المقبل باضرار اقل اذ ستوفر لها دخلا ثابتا وان لفترة محدودة". وبعكس هذه السيناريوهات المتشائمة، افترضت دراسات اخرى حدوث خلافات بين الدول الغربية في شان الضريبة ما يعيق تنفيذها بشكل كامل. وعلى هذا الاساس، توقعت ان ينمو الطلب الدولي على النفط بمعدل اثنين في المئة سنويا ليرتفع من 74 مليون برميل يوميا عام 1998 الى نحو 85 مليون برميل يوميا في السنة 2005 و 92 مليون برميل يومياً في السنة 2010. وقدرت دراسة لوكالة الطاقة الدولية ان تساهم السعودية ودول الخليج الاخرى بنحو 43.8 مليون برميل يومياً من هذه الامدادات اي بنسبة 47.6 في المئة في السنة 2010 مقابل 26 في المئة في الوقت الحاضر.