} أدى الرئيس المصري حسني مبارك امس اليمين القانونية وبدأ رسمياً ولايته الرابعة، وهنا ملامح السياسة الاقتصادية منذ وصوله الى السلطة عام 1981 . كانت حرب تشرين الاول اكتوبر عام 1973 نقطة تحول للاقتصاد المصري. واتخذت الحكومة عقب الحرب سياسات عدة للنهوض بالبلاد، في مقدمها اتباع منهج الانفتاح الاقتصادي وعودة رأس المال العربي والأجنبي، وإنشاء مصانع جديدة وإعطاء دفعة للإحلال والتجديد في المصانع القائمة، والتخطيط لبناء المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة. وعندما تولى الرئيس حسني مبارك مسؤولية الحكم في البلاد في تشرين الأول عام 1981، كانت التركة ضخمة، فالبنية متهالكة والاقتصاد متدنٍ بعد أربع حروب خاضتها البلاد 1948، 1956، 1967، 1973 استنزفت كل الطاقات، ومن ثم رأى مبارك ضرورة ترتيب البيت من الداخل ودعم الاستقرار والامن والانحياز الى محدودي الدخل ومراعاة البُعد الاجتماعي في أي اصلاح يتم ومن ثم كان شاغله الاول المشاكل الاقتصادية. فمصر حتى عام 1981 كانت تعيش على ثلاثة في المئة من المساحة في ما يمثل العمران حاليا 6،5 في المئة من اجمالي تلك المساحة، وعند اكتمال المشاريع المقرر تنفيذها حالياً في مراحلها الاولى تصل النسبة إلى 12 في المئة، وبعد انجاز المراحل نهائياً ستصل الى 25 في المئة. ما يُعد في حد ذاته تغييراً جوهرياً في السياسة العامة للدولة. واستعدت الحكومة للجوء إلى الترميم والاصلاح الجزئي واتجهت إلى اصلاح جذري يعالج اصول المشاكل التي ورثتها الأجيال منذ عشرات السنين ولم تحل بسبب ظروف فرضها الواقع السياسي على مصر. واللافت ان المؤسسات الاقتصادية الدولية أقرت نجاح مصر في السنوات الاخيرة في انجاز برنامج اقتصادي مميز، كما قدمت المساعدات لتنشيط الاقتصاد. وأرسى مبارك على امتداد فترات حكمه الاساس الصحيح الذي يضمن الارتفاع المتواصل لمعدلات التنمية. وفي الفترة الاولى من عام 1982 ارتفعت معدلات العجز الى حدود 20 في المئة، ووصل التضخم في بعض الأحيان الى 27 في المئة، وتراكمت ديون القطاع العام ووصلت البلاد إلى حافة الافلاس. واليوم يبلغ معدل التضخم 4 في المئة، وعجز الموازنة اقل من واحد في المئة، فيما بلغ الاحتياط النقدي من العملات الحرة 19 بليون دولار. وزاد الناتج المحلي من حدود 22 بليون جنيه عام 1983 الى 302 بليوني جنيه عام 1998، في الوقت الذي تضاعف فيه الانفاق على الخدمات والصحة والتعليم من 5،1 بليون لكليهما عام 1982 حتى بلغ الآن 5،23 بليون عام 1998. وعادت البورصة المصرية لتمارس عملها، ويصل حجم التداول فيها الى ما يزيد على 90 بليون جنيه في السنة. كما انخفض حجم الدين الخارجي الى 28 بليون دولار، ومن المتوقع ان يصل الى 18 بليوناً في سنة 2001، فيما زاد في الثمانينات على 50 بليون دولار. ترقيات ورصدت الدولة للبُعد الاجتماعي 6،38 بليون جنيه بنسبة 39 في المئة من الموازنة الجديدة لتغطي المشاريع الصحية والتعليمية والمرافق، وايضا اصلاح احوال العاملين في الدولة لتكون العلاوات الدورية اعلى من معدلات التضخم. وشهد عصر مبارك اكبر حركة ترقيات يستفيد منها 5،2 مليون موظف لإلغاء الرسوب الوظيفي، اضافة الى دعم حوافز العاملين وفتح باب الترقيات. وخلال الفترة المذكورة ارتفع متوسط الفرد من الدخل القومي الى 4978 جنيهاً بزيادة تتجاوز عشرة اضعاف ما كان عليه عام 1981 الذي كان لا يتجاوز 483 جنيهاً، وفي الوقت نفسه اتيحت نحو 5،6 مليون فرصة عمل جديدة ليرتفع عدد العاملين خلال هذه السنوات من 5،10 مليون مشتغل عام 1981 إلى نحو 17 مليوناً حالياً. وزادت الأجور والمرتبات، وبدءاً من عام 1987 تقررت علاوات اجتماعية لمدة ست سنوات متتالية بين 20 و15 في المئة، ثم الى خمس سنوات اخرى بنسبة 10 في المئة للعاملين في القطاعين العام والخاص وكذلك الحكومة. وامتدت مظلة التأمينات الاجتماعية لتشمل جميع العاملين عام وخاص وحكومي وبلغ عدد المؤمن عليهم نحو 2،17 مليون فرد، بزيادة اكثر من 10 ملايين عما كانت عليه عام 1981. استثمارات وعلى صعيد الاستثمار شهد المناخ الاستثماري انتعاشاً ووضعت المؤسسات العالمية مصر في مقدم الاسواق الجاذبة، ووصلت نسبة الاستثمارات الأجنبية الى 18 في المئة من حجم الناتج القومي حاليا. ونتيجة للتيسيرات التي منحتها الدولة الى المستثمرين اتسعت المساحة التي يمارس فيها المستثمر نشاطه، وبعدما كانت الحكومة مهيمنة على المستثمر اصبح هو اللاعب الأساسي بإعطائه فرصاً اكثر وتشجيعاً مستمراً، والدليل على نجاح تلك السياسات استبدال تدفق رؤوس الاموال الاجنبية بدلاً من القروض الخارجية. وشهد حجم الاستثمارات طفرة كبيرة، إذ تدفقت الاستثمارات العربية والاجنبية بدءاً من الثمانينات، وشهدت ال18 عاماً الماضية تأسيس 8656 شركة استثمارية جديدة برؤوس اموال مصدرة بلغت اكثر من 923،103 بليون جنيه، علماً أن إجمالي الشركات الاستثمارية التي تم تأسيسها منذ اول قانون للاستثمار في مصر عام 1956 وحتى عام 1980 بلغ 744 شركة رؤوس اموالها المصدرة 13 بليون جنيه. وتستوعب أنشطة القطاع الخاص أكثر من عشرة ملايين عامل يمثلون ثلثي قوة العمل المصري. وإذا كان يؤخذ على القطاع الخاص انه لم يستطع على رغم نموه المتزايد، ان يزيد نصيب مصر من الصادرات، فإن الطفرة التي حدثت في مجالات الانتاج الوطني بسبب دخول القطاع الخاص شريكاًَ اساسياً في عملية التنمية غطت حاجات سوق محلية يزداد استهلاكها بمعدل نمو سنوي نحو 15 في المئة. القطاع العام وانفقت الدولة على القطاع العام البلايين من اجل إحلال وتجديد الآلة القديمة وتحريره من قيود البيروقراطية المكتبية والتعقيدات الإدارية وخفض عدد الشركات الخاسرة، وأزيل الكثير من المعوقات. وبلغت استثمارات قطاع الصناعة والتعدين نحو 59 بليون جنيه، تركزت في اعمال الاحلال والتجديد وإعادة تأهيل المصانع القائمة والارتفاع بالتكنولوجيا لمواجهة الحاجات المحلية والتصديرية. كما بلغ عدد المصانع التي تم تحديثها وإحلالها 935 مصنعاً، بإجمالي كلفة بلغت 5،43 بليون، وبلغ عدد مصانع القطاع العام، التي انشئت خلال الفترة من 1983 إلى 1995 748، كما انشئت 33 منطقة صناعية، و18 مدينة عمرانية غالبتها مدن صناعية. وبلغ حجم الاستثمار منذ عام 1981 وحتى الآن 587 بليون جنيه، أُنفقت على امتداد أربع خطط خمسية للتنمية وسترتفع الى 600 بليون سنة 2002. وتكلفت البنية التحتية 375 بليون جنيه، حققت نهضة في قطاعات النقل والمواصلات والكهرباء والصرف الصحي وغيرها من قطاعات الدولة، واصبح لمصر قاعدة انتاج قوية قوامها أكثر من خمسة آلاف مصنع تزيد كلفة بعضها على بليون جنيه. وفي مجال الكهرباء زادت الطاقة الكهربائية من 18 بليون كيلوواط في الساعة عام 1981 الى 103 بلايين عام 1999 بزيادة تتجاوز 6 أضعاف. ولم تتجاوز مياه الشرب في مصر كلها عام 1983 خمسة ملايين متر مكعب يوميا، والآن تصل الطاقة الاجمالية الى 20 مليون متر مكعب يومياً. مدارس ومنذ عام 1982 تم إنشاء عشرات الآلاف من المدارس، إذ كان عددها آنذاك 17244 مدرسة، وكان عدد التلاميذ 743،7 مليون تلميذ، ووصل العدد حالياً إلى 728،14 مليون. وشملت الطفرة التعليمية الجامعات، ففي عام 1981 كان في مصر 13 جامعة فقط، وارتفع العدد الآن إلى 21 جامعة منها 8 جامعات خاصة، وتضاعف تقريبا عدد الكليات من 330 الى 450 كلية، وارتفع عدد طلاب الجامعات من 700 ألف طالب الى 7،1 مليون طالب. وبلغت الاستثمارات في المرفق في الفترة المذكورة 85 بليون جنيه، وارتفع إجمالي أطوال شبكة الطرق المرصوفة إلى 43 ألف كيلومتر في مقابل 7،17 ألف عام 1981. وامتدت خطوط الهاتف الى معظم القرى المصرية، فزادت من 534 ألف خط عام 1981 الى 9،5 مليون عام 1998. وفي المجال الزراعي قادت الحكومة أكبر خطة للتنمية الزراعية، وبعدما كانت الرقعة الزراعية في البلاد لا تتجاوز 3،6 مليون فدان، أصبحت ثمانية ملايين فدان. وترمي الحكومة إلى زيادة معدل النمو السنوي للانتاج الزراعي من 4،3 سنويا إلى 8،3 خلال سنوات الخطة الخمسية الرابعة، ثم إلى 1،4 سنويا حتى سنة 2017 عن طريق التوسع الزراعي والنباتي والحيواني أفقياً ورأسياً. وقطع قطاع التعمير والمجتمعات الجديدة شوطاً طويلاً لتحقيق أهدافه من خلال الاستثمارات التي نفذت في مشاريع البنية التحتية خلال 18 عاما ويبلغ اجمالها نحو 8،15 بليون جنيه منها 8،6 بليون لمناطق التعمير وتسعة بلايين للمدن والمجتمعات الجديدة. السياحة وشهدت السياحة في ال18 عاماً الماضية طفرات تمثلت في ارتفاع عدد السياح من نحو مليون سائح في 1982 الى ما يقرب من 3 ملايين سائح عام 1998، وزيادة عدد الليالي السياحية من حوالى 9 ملايين ليلة عام 1982 الى اكثر من 5،19 مليون ليلة عام 98، وزاد الدخل السياحي من 300 مليون دولار عام 1982 الى 8،3 بليون عام 1997. كما تطورت الطاقة الفندقية المتاحة من نحو 18 الف غرفة الى 5،70 الف غرفة حالياً. وفي قطاع البترول بلغ عدد الشركات التي تعمل في المجال 54 شركة متعددة الجنسية باستثمارات تصل الى 5 بلايين دولار.