تساءل الكاتب عبدالله أبو السمح قبل أسبوعين في مقاله الشهير عما سماه «خضرواتنا وفواكهنا»، التي شجعت الدولة بعض رجال الأعمال لإنتاجها في الدول الإفريقية، حتى تتمكن المملكة من تحقيق اكتفاء ذاتي من تلك المنتجات الحيوية، إضافة إلى المساهمة المفترضة في خفض الأسعار على المستهلك النهائي في المملكة، الذي يعاني بصدق من ارتفاعات متتالية وغير عادلة في أسعار «الخضراوات والفواكه»، وهي بمثابة رغيف الخبز الذي تتناوله العائلة في المملكة. ولعلي أضيف على سؤال أبو السمح سؤالاً آخر وهو أين الأموال التي أمر بها الملك كقروض لتلك الشركات، التي وصلت لمئات الملايين لكل شركة، على أن تقوم بزراعة ملايين الهكتارات خارج المملكة، حرصاً على المستهلك المحلي وتحقيق اكتفائه الذاتي من منتجاته الزراعية المستهلكة يومياً. إضافة إلى كيف أنفقت، ولماذا لم نسمع من أي مصدر عنها شيئاً حتى الآن؟ فما سمعنا عنه لم يكن سوى «شوية» خضراوات وفواكه صدرت من «الحبشة» لم تطفئ سعراً ولم تشبع سوقاً، وهي لا تعدو أن تكون إنتاجاً ضئيلاً لإحدى الشركات العاملة في إثيوبيا، كما أنه إنتاج لا يوازي حجم المبالغ الذي تم رصدها لمصلحة تلك الشركات. وأين تلك الوعود التي أطلقت من وزارات ورجال أعمال كبار عن تبني استراتيجيات للأمن الغذائي، والحد من تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية، وتلك الخرائط، والعناوين البراقة عن أمننا الغذائي الذي سيتحقق، والأسعار التي ستنخفض، والاكتفاء الذاتي، وغيرها من «يافطات براقة»، يبدو أنها لا تزال حبيسة أوراق الصحف التي نشرت فيها حتى الآن. نأمل من وزارة الزراعة التي تشرف على هذه المشاريع أن تنشر تقريراً مفصلاً عن تلك المبادرة الحكومية الضخمة، التي كان الهدف منها حماية الوطن وأهله من تقلبات الأسواق العالمية، تبدأ من الساعة التالية لصرف الأموال وحتى الآن، تؤكد فيها أنها تتابعها وتحاسب من استثمرها، وفي ما أنفقها، لأن «السعوديين» مستعجلون جداً لأكل فواكههم وخضرواتهم التي وعد هؤلاء التجار بزراعتها نيابة عنهم، وتصديرها لسوقهم المحلية سريعاً، وبأسعار معقولة. ولأن سؤال أبو السمح محق، فلا تلك المنتجات رأيناها ولا أسعارها انخفضت في السوق المحلية، فكل التقارير التي تنشرها الصحف المحلية تؤكد أن حريق أسعار شب في «أسواق الخضار» ولم يطفئه أحد حتى الآن. لأن تلك المبادرة إذا لم تثمر عن حلول حقيقية، فالواجب مراجعتها من جديد، ومعرفة لماذا لم تسهم في زيادة ضخ المنتجات داخل أسواق المملكة، ولماذا استمرت أسعارها بقيم الأسعار العالمية نفسها. ولأن وزارة التجارة والصناعة كشفت أيضاً في تصريحات صحافية «عن وضع آلية للخزن الاستراتيجي للسلع الرئيسة والأساسية، للاستفادة منها في التعامل مع الأزمات وتقلبات الأسعار، وأكد أنه سيتم التعاقد مع شركة استشارية لإعداد إستراتيجية الاحتياط الغذائي للسلع الغذائية، وسترفع للمقام السامي قريباً». فالأمل معقود أن تكشف «التجارة» عن تلك الاستراتيجية، وأين وصلت، وإلى ماذا انتهت؟ لأن الأسعار تقلبت على نار «حاجة الناس»، فلا الاستراتيجية أعلنت، ولا الاحتياطي الغذائي وصل! [email protected] twitter |@dad6176