يعود تاريخ النظام المصرفي في المغرب إلى مطلع القرن الجاري عندما أجاز مؤتمر الجزيرة الخضراء اسبانيا عام 1906 للدول الكبرى فتح فروع مصارف أجنبية في بعض المدن المغربية، خصوصاً طنجة والدار البيضاء وغيرهما بهدف التجارة والمبادلات. ولعبت المصارف الكبرى التي كانت تساند الشركات الاستعمارية الأم في شمال افريقيا مثل باريبا بنك باريس والأراضي المنخفضة دوراً في تمهيد فرض الحماية الفرنسية على "المملكة الشريفة" عام 1912 بعتد عجز المخزن الخزينة عن تسديد الديون الخارجية المستحقة وصعوبة تمويل التجارة والمشتريات الأوروبية. وطوال هذه الفترة ارتبطت المغرب بنظام الصرف الفرنسي، وتأسست مصارف أجنبية عدة بعد الحرب الأولى وخصوصاً بعد الثانية. ويعتبر البنك التجاري المغربي الأقدم في المغرب، إذ أسس عام 1911 على يد عائلات يهودية في الدار البيضاء وكانت له تحالفات قوية. كما أسست فروع مصارف أجنبية مثل "بنك اف اميركا" و"بانكو اسبانيول" و"كريديه ليوني" و"الجمانينك" الهولندي و"ورمس" و"البنك العربي" الذي جاء يعزز الانتماء القومي في تلك الحقبة في وجه المصارف الأوروبية المستعمرة. وانتشر نشاط محلات الصرافة بكثافة في بعض المدن المفتوحة مثل طنجة التي كانت تتمتع بنظام دولي خاص جعلها منطقة حرة وميناء عبور إلى أوروبا. وأضحت المدينة التي كانت تضم أكبر جالية أجنبية بمن فيها الآسيويون والأميركيون واليهود الشرقيون النازحون من وسط أوروبا والسرفاديون الأندلسيون، مركزاً مالياً وملاذاً روفيج لنقل مدخرات عائلات يهودية كانت تفكر بالهجرة إلى الولاياتالمتحدة وكندا في الأربعينات والخمسينات ومطلع الستينات. وكانت زوجة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان عاشت حياتها الأولى في مدينة البوغاز التي كانت لا تتوقف فيها حركة البواخر في الخمسينات، وكان والدها قاضياً دولياً في النزاعات التجارية والمالية بين الشركات التي كانت في طنجة. غداة الاستقلال عام 1956 انشئ بنك المغرب المركزي ومعهد الاصدار، وسُنت قوانين جديدة للنشاط المالي والمصرفي طالت مناطق شمال البلاد على البحر الأبيض المتوسط التي كانت تحت النفوذ الاسباني أو الحماية الدولية. ورأى بعض المصارف في هذه الاجراءات الصادرة عن الرباط تضييقاً على نشاطه وفضل توقيف نشاط الفروع أو نقلها إلى الخارج، إذ انتقل بعضها إلى جبل طارق وهونغ كونغ وسبتة التي بقيت تحت الاحتلال. أدت عملية اخراج الأموال والعملات الأجنبية والذهب التي تمت في السنوات الأولى لاستقلال المغرب انسحاب أو تصفية شركات أجنبية ورحيل معمرين بعد بيع ممتلكاتهم إلى تدخل الدولة لفرض رقابة على النظام المصرفي المحلي بما في ذلك المصارف الأجنبية التي حافظت على حرية أوسع من مثيلاتها المحلية. وقام المغرب بطبع عملة جديدة وطنية قيمتها الأعلى كانت من فئة مئة درهم تضم صورة الملك الراحل محمد الخامس بالزي التقليدي، وكان المغاربة يسمونها "الزربية" لجمال زركشتها وكبر حجمها. وتبع ذلك قرار بالانسحاب من نادي الفرنك الفرنسي الذي كان يضم المستعمرات الافريقية التي بقيت تتعامل بالفرنك الافريقي. ومنذ ذلك الحين أصبحت قيمة الدرهم الائراية في نظام الصرف الجديد تحدد من قبل المصرف المركزي على أساس سلة من العملات الأوروبية والدولار الأميركي تعكس حجم التجارة والمبادلات الخارجية. واعتبر التحكم المالي والنقدي استقلالاً عن التبعيات التي فرضها الاستعمار. اعتبر ظهور قانون 30 حزيران يونيو 1959 بمثابة ولادة جديدة للنظام المصرفي والمالي في المغرب، وقام على فلسفة تطوير الاقتصاد الوطني، وصيانة العملة المحلية، وحماية المودعين والدائنين. ووضعت الدولة عبر المصرف المركزي مؤسسات القرض المصارف تحت الاشراف المباشر لوزارة المال بما فيها التراخيص وحجم رؤوس الأموال ونظام الايداع والفائدة وشروط الاقتراض ونظام الصرف واذونات الخزينة. مصارف مغربية جديدة انشأ المغرب بين 1959 و1960 أربع مؤسسات مالية كبيرة لتمويل مشاريع الاقتصاد في كافة المجالات والقيام بالمجهود التنموي الذي كان يحتاجه بلد خارج لتوه من الاستعمار. وهكذا جاء ميلاد صندوق الايداع والتدبير CDG لإدارة المحافظ المالية لخزينة الدولة مثل المدخرات والتأمينات وصناديق التقاعد والاحتياط الاجتماعي. واسندت إلى الصندوق الوطني للقرض الزراعي CNCA مهمة تمويل نشاط المزارعين والري والاكتفاء الغذائي، في حين ظهر البنك الوطني للانماء الاقتصادي BNDE كمؤسسة لتمويل مشاريع الانتاج والصناعات التحويلية ومشاريع القطاع الخاص، وتوجه القرض العقاري والسياحي CIH لتمويل البنايات والمساكن والاستثمارات السياحية والفندقية. وانضم إلى مجموعة المصارف التي انشأها المغرب في نهاية الخمسينات كل من البنك المغربي للتجارة الخارجية BMCE واعطي دور تنمية المبادلات الخارجية ودعم الصادرات عبر شبكة من الفروع الخارجية. في حين انيطت بالبنك الشعبي CPM مهمة تمويل قطاع الصناعات اليدوية والحرفية وتحويلات المهاجرين، وهو عبارة عن اتحاد لمجموعة من المصارف الجهوية ويخضع لقانون خاص. وعلى عكس مصارف الأعمال الأربعة التي كانت موجهة لدعم مشاريع القطاع العام والمؤسسات العمومية، صنفت المصارف الأخرى على أساس النظام التجاري. وظل هذا التمييز قائماً إلى حين تغيير النظام المصرفي عام 1993 وتحرير القطاع وبداية برنامج تخصيص الصناعة المصرفية الذي شمل المغربي للتجارة الخارجية ليصبح أكبر مصرف قطاع خاص ابتداء من عام 1995. وكانت مصارف أجنبية عدة غادرت المغرب أثناء تطبيق قانون المغربة في 2 آذار مارس 1973 الذي كان يشير إلى أنه "تعتبر مغربية كل مؤسسة مقرها في المغرب على أن يكون نصف رأس مال المؤسسة لأطراف محلية، وأن يكون الرئيس مغربياً وجل كبار المديرين...". وحتى عام 1975 انتقل معظم الحصص الأجنبية في المصارف الموجودة في المغرب إلى جهات مغربية بنسبة خمسين في المئة على الأقل. وشمل تغيير تركيبة رأس مال المصارف كلاً من البنك التجاري المغربي الذي تقلصت المساهمات الأجنبية فيه فرنسية خصوصاً من 7،50 في المئة إلى 35 في المئة، وكذلك بالنسبة لمصرف "فايس" الذي زادت الحصص المحلية فيه من 32 إلى 68 في المئة، وتحول مصرف "افريقيا والشرق" إلى مؤسسة مغربية ب 80 في المئة من رأس المال، وتخلى "البنك العربي" عن نصف أسهمه إلى مصارف محلية البنك الشعبي وكذلك فعل "الجمان بنك" الهولندي و"سيتي بنك" الأميركي، و"سويتيه جنرال" الفرنسي الذي أضحى مغربياً بنسبة 50 في المئة على الأقل، فيما تقلصت مساهمات "بنك ناسيونال دي باري" إلى دون 50 في المئة من رأس مال البنك المغربي للتجارة والصناعة. وفضلت مصارف أخرى، على رأسها "بنك اف اميركا" الانسحاب من السوق المغربية. وطوال الفترة التي طبق فيها المغرب برنامج التقويم الهيكلي مع البنك العالمي وصندوق النقد الدولي بين 1983 و1993 لم يطرأ تغيير كبير على تركيبة النظام المصرفي المغربي، ولم تؤسس مصارف جديدة ولم تسلم رخص جديدة، واعتبرت الفترة ذهبية للمصارف المغربية التي استفادت من انغلاق الأسواق وتوسع الاقتصاد وتمتعها بدرجة عالية من الحماية لتحقيق أرباح كانت تفوق في المعدل 25 في المئة. وبدأ التحول مع اطلاق قانون مصرفي جديد عام 1993 وتخصيص بعض المصارف التي انتقلت إلى القطاع الخاص وإستعادة المصارف الأم حصصها السابقة، وهو ما اعتبره المراقبون تراجعاً عن "المغربة" ودعوة الشركات الأجنبية إلى مراقبة فروعها في المغرب. يتكون النظام المصرفي المغربي حالياً من 20 مؤسسة قرض لا تزال تملك الدولة حصصاً متفاوتة في رأسمالها مثل "البنك الشعبي" وثلاثة مصارف أعمال، والباقي قطاع خاص. كما توجد ثلاثة مصارف أجنبية في المنطقة الحرة اوفشور طنجة هي "المؤسسة المصرفية العربية" مقرها البحرين، و"البنك التجاري والصناعي" و"كريدي المغرب". وغالبية حصص هذه الفروع تابعة لأطراف فرنسية مثل بنك "ناسيونال دي باري" و"كريديه ليونيه". ومنذ بداية مسلسل التخصيص عام 1993 استعادت فروع أجنبية حصصها السابقة التي كانت في ملكية مغربية منذ قانون المغربة في السبعينات. وأصبحت الفروع تابعة كاملاً للمؤسسات الأم مثل البنك العربي الأردن، و"سيتي بنك" نيويورك، ما أضفى عليها صفة مصارف أجنبية. وفي المقابل، تمكنت مصارف محلية كبرى من شراء حصص أجنبية وأدمجتها في نشاطها، كما فعل التجاري المغربي مع شركة الايداع والقرض وبنك "الوفاء" الذي ابتلع "يونيبان" التابع لمجموعة "بي بي في" الاسبانية. الموجودات والودائع يقدر مجموع موجودات المصارف المغربية في السوق المحلية بنحو 273 بليون درهم نحو 30 بليون دولار أي 63 في المئة من اجمالي الناتج القومي، وهي تفوق حجم المديونية الخارجية المقدرة ب 19 بليون دولار. وتعتبر تلك المبالغ في معظمها ودائع مؤسسات وأفراد ذاتيين وحسابات بالعملات الأجنبية. ولا تتصرف الحكومة إلا في هامش ضيق من أموال المصارف بعد أن تم إلغاء القانون إلزامية تملك اذونات الخزينة التي تلتجئ إليها المالية العامة سنوياً لتمويل عجز الموازنة. التكتلات المصرفية تسيطر أربعة مصارف على 70 في المئة من النشاط التجاري المصرفي المغربي وهي على التوالي: البنك الشعبي المركزي والبنك المغربي للتجارة الخارجية والبنك التجاري المغربي وبنك الوفاء. ويمكن ادراج بدرجات أقل كل من مصرف المغرب والبنك المغربي للتجارة الخارجية والشركة العامة للابناك. ويعتقد الخبراء أنه في حال المغرب تظل حرية المصارف في المبادرات واسعة باعتبارها مؤسسات مالية خاصة، ما يجعلها تقيم نوعاً من تقسيم العمل غير المعلن القائم على المنافسة وتنويع الخدمات. 1- البنك الشعبي المركزي، وهو أول مؤسسة مصرفية في المغرب لجهة الحجم والنشاط ورأس المال والوكالات والزبائن والودائع والبطاقات المغناطيسية. وهو عضو في الفيديرالية الدولية لمصارف القرض الشعبي ومقرها باريس، ويحتل المرتبة 16 في ترتيب المصارف العربية الكبرى. إذ يأتي بعد "بنك الخليج الدولي" في البحرين وقبل "بنك أبو ظبي الوطني". يقدر رأس مال البنك الشعبي، الذي هو تجمع لمصارف جهوية عدة، بنحو 570 مليون دولار احصاءات عام 1997، في حين زاد نشاطه التجاري عن 5،6 بليون دولار، جزء مهم منها بالعملات الصعبة بتعامله مع تحويلات المهاجرين وصادرات الصناعة التقليدية. وينمو حجم الأعمال سنوياً بنحو 8،14 في المئة وعائد الأسهم بنحو 9 في المئة. لكن المصرف مع ذلك يبدو متواضعاً عندما يتعلق الأمر بالأرباح ولم يحقق سوى 50 مليون دولار عام 1996. ويعتقد خبراء شركات الوساطة أن "الشعبي"، بحكم وظيفته، يتعامل مع فئات مختلفة يجعله أقل ميلاً إلى فرض رسوم اضافية على الخدمات، كما أن وضعه داخل القطاع العام يحد من فرص الربح التي تحققها المصارف الخاصة المدرجة في البورصة. وينتظر ان تعمد الحكومة قبل سنة 2000 إلى تخصيص البنك الشعبي الذي يحتاج إلى تغيير قانونه الأساسي واخضاعه للأوديت الحسابية لتقييم الاصول وقيمة الأسهم السوقية. وكان المصرف شكل خلافاً بين المدافعين عن التخصيص والرافضين له اعتباراً لحجمه في الاقتصاد المغربي. 2- البنك المغربي للتجارة الخارجية، انشئ عام 1959 وخصص عام 1995، وهو ثاني أكبر مصرف في المملكة وأكبر مؤسسة قطاع خاص مالية. ويسيطر على 5،14 في المئة من اجمالي حجم السوق و3،17 في المئة من حجم الودائع، وله 117 شبكة داخل المغرب و14 فرعاً خارجياً أهمها في باريسومدريد وفرانكفورت وهي مصارف مستقلة، وأخيراً فرع بكين. ويحقق المصرف 35 في المئة من حجم التجارة الخارجية ويتوقع زيادة الأرباح ب 23 في المئة عام 1998 ونحو 20 في المئة سنة 1999. وتتقاسم رأس مال "المغربي للتجارة الخارجية" مؤسسات مغربية يقدر مجموع حصصها ب 43،40 في المئة، منها شركات "تأمين الملكية" 32 في المئة و"الصندوق المهني المغربي للتقاعد" 8،7 في المئة، و"شركة الامان للتأمين" 7،0 في المئة. وبدورها تملك المصارف الأوروبية والآسيوية نحو 25 في المئة من رأس المال منها "كومرتس بنك" الألماني الذي نقل حصصه من ثلاثة إلى عشرة في المئة، و"نومورا" الياباني فرع لندن وفرانكفورت ومصرف شنغهاي وهونغ كونغ 97،3 في المئة. وسبق للمصرف ان طرح نسبة 3،12 في المئة للاكتتاب الدولي على صيغة "جي دي آر" وتبقى 22 في المئة من الأسهم متداولة في بورصة الدار البيضاء. ويقول عثمان بنجلون رئيس المصرف ورئيس التجمع المهني للابناك ان نشاط المصرف بلغ العام الماضي 8،3 بليون دولار، وزادت الأرباح الصافية إلى 8،43 مليون دولار. ووزع المصرف بليوني دولار من القروض، وتلقى 7،2 بليون دولار من الودائع، وقدرت العائدات الصافية ب 6،173 مليون دولار ما يجعل منه أكبر مصرف لجهة الأرباح والنتيجة الصافية. ويكشف بنجلون، الذي يتبنى تقليص الفائدة المصرفية لرفع استثمارات القطاع الخاص، وجود خطة لتوسيع البنك في أسواق مالية مهمة وفتح فروع قريباً في كل من لندن وميلانو والصين ونيويورك وتعزيز التحالفات مع مصارف كبرى في أوروبا وآسيا والولاياتالمتحدة، وتقوية حضور المصرف في مدريد باعتباره مصرفاً دولياً. وتقضي الخطة، التي يطلق عليها اسم "ريادة 2000"، أن يقود البنك قافلة التجارة الخارجية وجذب الاستثمارات الأجنبية نحو المغرب في القرن الواحد والعشرين. 3- البنك التجاري المغربي: إذا جاز القول إن للأغنياء مصارف، فيمكن اطلاق الصفة على التجاري المغربي، أقدم المصارف في المغرب وأكثرها عصرية ومردودية، وهو بحكم تحالفه التاريخي مع مجموعة "أونا" العملاقة التي تملك 35 في المئة من أسهمه يكاد يسيطر على تمويلات الشركات الصناعية الكبرى والمتوسطة. وقد تعزز وجوده المالي في السوق المغربية بعد حيازته 7،10 في المئة في رأس مال الشركة الوطنية للاستثمار غداة تخصيصها عام 1994، وهي ثاني أكبر مجموعة اقتصادية وتتحكم في إدارة نحو 27 شركة في مجالات مختلفة تتراوح بين انتاج السيارات وانتاج الجعة وما بينهما. وتملك مجموعات دولية حصصاً في التجاري المغربي من بينها "كريديتو ايطاليانو". ويحتل التجاري المغربي المرتبة 27 عربياً، وهو يمثل 8،16 في المئة من مجموع الودائع و9،18 في المئة من القروض. وكانت أرباحه بلغت عام 1997 نحو 61 مليون دولار ما يجعله في مقدم أرباح المصارف المغربية، وبلغ حجم نشاطه 5،3 بليون دولار وقدر العائد على رأس المال بنحو 8،14 في المئة. ويقول رئيس مجلس الإدارة عبدالعزيز العلمي إن التجاري المغربي بوسعه تجميع مبلغ 200 مليون دولار في دقائق معدودة بفضل علاقاته الدولية الواسعة وحجم نشاطه. ويعتبر ان مهنة المصرف تحتاج إلى حكمة وتبصر لإدراك المخاطر وتوجهات السوق، لذلك فعندما ينتهي من إدارة المصرف يتحول إلى قرض الشعر والتحسر على سقوط الأندلس. 4- بنك الوفاء، هو رابع المصارف الكبرى، لكنه الأكثر ديناميكية وتوسعاً في الأعوام القليلة الماضية بفعلب انفتاحه على جمهور متنوع من الزبائن، واقتراح خدمات جديدة لفئات واسعة من المتعاملين. لذلك توسع المصرف بشكل مدهش في الأعوام العشرة الأخيرة التي تلت تغيير وتركيبة رأس المال. ويعتبر "الوفاء" أكثر المصارف الكبرى مغربيةً لجهة رأس المال إذا استثنينا البنك الشعبي، وهو يتفرع إلى 16 مؤسسة تهتم إلى جانب البنك بالبورصة والتأمين وإدارة المحافظ المالية والسلفات والقرض العقاري وغيرها. كما يساهم في تمويل البرامج الاجتماعية من خلال مؤسسة الوفاء لدعم الرياضة واشعاع الثقافة والفن. استفاد مصرف الوفاء من خطوط الاقتراض التي منحتها مؤسسات مالية دولية للنظام المصرفي المغربي مثل البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية ومصرف بروباركو التابع لوكالة التنمية الفرنسية ووكالة التنمية الكندية. ومكنت تلك التمويلات من رفع حصة المصرف في السوق المحلية وتوسيع التدخلات إلى درجة ان الوفاء من المصارف الحاضرة بقوة في كل المجالات تقريباً، إذ تحالف أخيراً مع "فرانس تلكوم" لشراء حصص في تخصيص برنامج الاتصالات في المغرب وبقية القارة الافريقية. ودخل العام الماضي في مشاريع مشتركة مع مجموعة "ارسيال اوسين" الاسبانية بتحالف مع سندها الفرنسي "اندو سويس" للمساهمة في انجاز تخصيص شركة "سوناسيد" لانتاج الألياف الحديدية شرق المغرب. وحقق مصرف الوفاء ارباحاً مركزة صافية قدرت في مجموعها عام 1997 ب 321 مليون درهم 35 مليون دولار، وبلغت الودائع 7،17 بليون درهم والقروض 7،15 بليون درهم، في حين قدر حجم النشاط بنحو ثلاثة بلايين دولار. وهو من بين ثلاثة مصارف مغربية حصلت على شهادة الترتيب الدولي لجهة المخاطر، وصنفت الودائع طويلة المدى في درجة ب 2. ويقول رئيس المصرف عبدالحق بناني إن الفروع عبر العالم ارتفعت إلى 200 بعد أن تم دمج "يونيبان" والاستفادة من شبكته الدولية، وفتح تمثيليات في كل من بروكسيلوباريسومدريد وميلانو، كما يجري البحث لفتح فرع له في مدينة جدة السعودية.