قبل ديربي حائل.. ماذا قدم الطائي والجبلين في دوري يلو؟    4 مواهب قدساوية إلى قائمة "أخضر الفتيات    الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على مدينة طوباس لليوم الثاني على التوالي    المملكة تقيم مخيمًا جديدًا لإيواء الأسر التي فقدت مُعيلها في قطاع غزة    بقيمة 3,8 مليار ريال دار وإعمار توسّع محفظتها التطويرية في الرياض عبر مشاريع سكنية جديدة واتفاقيات استثمارية خلال سيتي سكيب 2025    النفط ينخفض مع توقعات بوقف إطلاق النار في أوكرانيا وعودة الامدادات الروسية    «سلمان للإغاثة» يوزّع 750 كرتون تمر في مديريتي الضليعة وغيل بن يمين بمحافظة حضرموت    القبض على شخص لترويجه (17) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر بعسير    هيئة تنظيم الإعلام تحيل 6 أشخاص إلى النيابة العامة بسبب نشر محتوى يؤجج الرأي العام    حوارات تحت سقف واحد.. بين الفردية وشراكة الحياة الزوجية    "التخصصي" يستضيف قمّة التعاون في الجراحة الروبوتية بالرياض    الرياض تحتضن النسخة الثالثة من معرض التنقل السعودي 2025    العرض السعودي مزاد عاطفي يشارك في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    طالب من الطائف يشارك في المجلس الاستشاري للطفولة المبكرة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على روزنامة "مهرجان جازان 2026    تثبيت سعر الفائدة الرئيسية في كوريا الجنوبية    فوز كاتبة فرنسية بجائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة    علماء صينيون يطورون لسانا اصطناعيا لقياس مستوى الطعم الحار    وسط تحذيرات إسرائيلية من تصعيد محتمل.. اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص    وسط خلافات مستمرة حول بنود حساسة.. الكرملين يؤكد استلام النسخة الجديدة من «خطة السلام»    الجيش يطالب بانسحابها من المدن.. قوات الدعم السريع تنقض الهدنة    تقمص هيئة والدته «المتوفاة» لأخذ معاشها    «هيئة العقار»: تعديلات نظام التسجيل العيني تحفظ الحقوق    «المالية»: نظام الرقابة المالية نقلة نوعية    وزيرا داخلية البلدين يبحثان مكافحة الجريمة.. خطة سعودية – إسبانية مشتركة للتعاون الأمني    «الثقافة» تعزز الهوية الوطنية في المؤسسات التعليمية    أكد أن مؤتمر «حل الدولتين» حقق نجاحاً كبيراً.. الدوسري: توظيف العمل الإعلامي العربي لخدمة القضية الفلسطينية    تقليد إلفيس بريسلي ينهي مسيرة قاض    أبطال أوروبا.. ليفربول يسقط برباعية أمام آيندهوفن    استعرضا عدداً من المبادرات والمشروعات التطويرية.. أمير المدينة والربيعة يناقشان الارتقاء بتجربة الحجاج    عبر منظومة خدمات لضيوف الرحمن.. الحج: 13.9 مليون مرة أداء للعمرة خلال جمادى الأولى    في ربع نهائي كأس الملك.. الأهلي والاتحاد يواجهان القادسية والشباب    «مدينة القدية» تقدم ألعاباً عملاقة مبتكرة    خلال المؤتمر العالمي ال48 في جنيف.. السعودية تحرز 18 جائزة دولية عن تميز مستشفياتها    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح أوروبا    40% يضعون الطاقة الشمسية ضمن خياراتهم    مبابي يسجّل ثاني أسرع «هاتريك» في تاريخ دوري أبطال أوروبا    أمير قطر وتركي بن محمد يبحثان العلاقات الثنائية    نشر 500 عنصر إضافي من الحرس الوطني في واشنطن    أمير الرياض يلتقي "تنفيذي حقوق الإنسان" في منظمة التعاون الإسلامي    أمير تبوك يستقبل قنصل الفلبين    المملكة تحرز 18 جائزة دولية عن تميز مستشفياتها    بدء أعمال الدورة ال55 لمجلس وزراء الإعلام العرب    تصاعد الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن: جهود مكثفة لإنهاء حرب أوكرانيا    ملف الرفات وتحديات الهدنة: تبادل هش ومصير معلق في غزة    أمير قطر يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    محافظ الأحساء يطلع على جهود مركز عبدالله بن إدريس الثقافي    إتاحة التنزه بمحمية الطوقي    "دعوة خميس مشيط" تواصل برامجها الدعوية في سجن الخميس العام لشهر جمادى الآخرة    المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب يعقد أعمال دورته ال21    الأمن العام يدعو ضيوف الرحمن إلى الالتزام بالممرات المخصصة داخل الحرم    13.9 مليون إجمالي مرات أداء للعمرة خلال شهر جمادى الأولى    خالد بن سلمان يرأس وفد المملكة في اجتماع مجلس الدفاع الخليجي    موسكو تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال    تعديل بعض مواد نظام التسجيل العيني للعقار.. مجلس الوزراء: الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة المالية و«إستراتيجية التخصيص»    «الجوازات» تصدر 25,646 قراراً بحق مخالفين    أمير تبوك يستقبل سفير دولة الكويت لدى المملكة    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ المدن واجتماعها في ضوء أساليب البحث الحديثة
نشر في الحياة يوم 19 - 09 - 1998

الكتاب: المدينة العربية، حلب في الحقبة العثمانية القرن 16 - 18
الكاتب: أندرية ريمون
الناشر: المعهد الفرنسي للدراسات العربية - دمشق 1998
تشكل الحقبة العثمانية في تاريخ المدن السورية فترة مهمة تطور فيها الشكل العمراني بصور متفاوتة. وبرغم الاستقرار النسبي للتكوين الاجتماعي وثبات الحالة الثقافية الا أننا نستطيع تمييز فترات انتشار مدني، أو توسع عمراني حكمته ظروف القرنين الأخيرين من الوجود العثماني في المنطقة، وظلت طبيعة هذه التبدلات مهملة من قبل الباحثين لسببين أساسيين: الأول متعلق بالوجود العثماني ككل حيث ينظر اليه كمعطل لتطور الطبيعة، والثاني مناهج البحث التي اعتمدت في الغالب المخطوطات الموضوعة والمنشورات الرسمية في استنبول. وهذه المراجع تفتقد في كثير من الأحيان الى التفاصيل الدقيقة التي تعطي صورة أوضح عن الحياة داخل المدن. وتنقل تجربة أندريه ريمون في هذا المجال محاولة منهجية جديدة للنظر الى تلك الحقبة. فهو قدم دراسات كثيرة حول المدن العربية عموماً وذلك بقراءة وثائق المحاكم الشرعية، حيث منحته مساحة بحث أوسع بكثير وذلك بإطلاعه على حركة الحياة التي تجسدها المحاكم سواء تعلق الأمر بأشكال الملكية، أو بنزاعات الأرث وتوزع العائلات على الأحياء أو حتى بالخلافات الصغيرة التي تنشأ بين الناس، لكن هذه تقدم معلومات كثيرة حول التوزع الاجتماعي واهتمامات الناس وتوزع حركتهم داخل المدن، وأندريه ريمون الذي كان مديراً للمعهد الفرنسي للدراسات العربية في دمشق نشر أول بحث له في هذا المجال قبل 25 عاماً تقريباً، وكان بعنوان عمال وتجار في القاهرة في القرن الثامن عشر، ويعيد المعهد اليوم نشر مجموعة أبحاث له بالفرنسية تستخدم نفس المنهج ولكنها متعلقة بمدينة حلب.
ان التعرف على نشاطات أندرية ريمون يمكنها الاضاءة على طبيعة الأسلوب الذي انتهجه في أبحاثه المنشورة، فهو اهتم بطبيعة المنشورات التي يصدرها المعهد الفرنسي بدمشق وتزامنت إدارته مع استحداث الدراسات العليا في جامعة دمشق، فاستطاع ان يقيم تعاوناً مثمراً مع قسم التاريخ الذي بدأ يمنح شهادة الدكتوراة، وخلال عمله كأستاذ لطرق البحث في التاريخ الاقتصادي كان يصر على الدراسة الدقيقة لأرشيف المحاكم الشرعية، لأنها تعطي الباحثين معرفة مميزة وخاصة لتاريخ المدن في العالم العربي عموماً. وكان النموذج الذي قدمه هو دراسته عن مدينة القاهرة "عمال وتجار في القاهرة" والذي نشر أثناء إقامته في دمشق، وافتتح هذا العمل طريقة جديدة في البحث عبر المزج بين دراسة أرشيف المحاكم والمصادر الأخرى، فقدم إضاءات أساسية في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لواحدة من أكبر المدن العربية خلال الحقبة العثمانية المهملة. فهو بحث في بنية تجمعات المهن واضعاً بعين الاعتبار أهمية التجارة العالمية في تكوين ثروات كبار التجار. والأبحاث التي يعاد نشرها اليوم ضمن كتاب واحد انتقاها أندرية ريمون بنفسه، لتكون تطبيقاً لمنهجه على مدينة حلب خلال الحقبة العثمانية، مضافاً اليها بحث غير منشور عن مسيحيي المدينة وتأثيرهم بالمجتمع الحلبي.
يضم الكتاب 19 بحثاً تحاول استقراء نموذج عام للمدينة الإسلامية والعربية فتبدأ ببحث حول الأساطير المنسوجة عنها، وتدرس الأبحاث الجديدة عن المدن وما تقدمه من آفاق لفهم الشكل المديني الذي نشأ في المرحلة العثمانية، وتعطي بانوراما عن حياة المدينة وأوضاعها التاريخية والظروف التي أثرت بتطورها، ويدرس بحث آخر البناء العمراني للمدينة والمساحات الخاصة والعامة في المدن العربية التقليدية، وتظهر كافة المقالات حياة السكان وتصرفاتهم الاجتماعية وتستنتج أن تطور حلب الذي اعتبر فوضوياً كان على العكس منطقياً جداً.
ويخصص أندريه ريمون مقالاً عن ديموغرافية المجموعات السكانية في حلب، ويدرس في مقال آخر الأسباب الاجتماعية - الاقتصادية للمشكلات التي أنتجت التناقض بين الأشراف والانكشارية، وتبين قراءاته أمكنة توضّع النشاطات الاقتصادية في المباني العامة والخاصة مثل الخانات والأسواق، وتعرف أيضاً على مكان إقامة الفئات الاجتماعية وتفسر بالتالي سقوط التجارة العالمية والإقليمية والمحلية، وتأثيرها على توزع النشاطات التجارية كما تعطي فكرة عن الطبيعة المعقدة للمبادلات الاقتصادية بين المدينة والريف.
يركز أندرية ريمون في أبحاثه على الصلة بين الغنى التجاري للمدينة وامتدادها خارج الأسوار، ويعطي مثالاً عن ذلك تغير أمكنة المدابغ التي تنتشر عادة حول المدن. وتعطي هذه الظاهرة مثالاً معبراً عن طبيعة الغنى في دمشق وحلب ما بين القرنين السادس عشر والعشرين. فكان لطبيعة انتقال هذه النشاطات مع التطور العمراني خارج السور دور في تكوين المدينة خلال تلك المرحلة. ونجد في دراسات أخرى دور الأوقاف في بناء المدينة العربية. فهذه الأبنية المرتبطة بالنشاطات الدينية والثقافية والخيرية داخل المدن وخارجها، أدت الى تشكيل مساحات خاصة بالنشاطات التجارية خلال المواسم الخاصة كالحج أو في الأوقات العادية، ومن جهة أخرى فإن معظم الخانات كانت أوقافاً يعود مردودها الى النشاطات الدينية والثقافية وهي أثرت بالتالي على التكوين الاقتصادي والنشاط الاجتماعي، فلعبت الخانات دوراً مهماً في تطور المدن وأدى الى تركيز الثروات في يد فئة معينة، كما أدت تلك التجمعات الى تطوير الصناعات المحلية اليدوية وخصوصاً النسيج، وانتشرت عبر الخانات الى أسواق متعددة في الامبراطورية العثمانية.
تشكل النتائج التي توصل اليها أندريه ريمون في دراسة المدن تعبيراً عن منهجه في الدراسة، حيث استند اضافة للوثائق الى دراسة الشكل المعماري وتطوره وتأثير خطوط التجارة لتصبح المدينة عبر أبحاثه شكلاً متكاملاً، يضم كافة أشكال الحياة ويعطي دلالات أساسية في فهم آلية التطور التي سارت عليها تلك المدن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.