صرح المخرج المغربي حميد باسكيط ل "الحياة" بأن الفيلم الوثائقي الذي أعده حول "ابن بطوطة" من خلال "تحفة النظار في غرائب البلدان وعجائب الابصار" يعتبر مزيجاً من تقنيات الفيلم الوثائقي التسجيلي والشهادات الحيّة والتخيّل السينمائي التشخيصي. وقال ان الفضل في انتاج هذا العمل المتميز الذي هو اقتباس سينمائي لرحلة ابن بطولة الشهيرة يعود الى المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة والمركز الايطالي للسينما والاعلام بالتعاون مع التلفزة المغربية والقناة الاسبانية "كنال سور" والتلفزة الايطالية والتلفزة الموريتانية. وبعد ان سبق للجمهور العربي ان شاهد رحلات واقعية شهيرة مقتبسة سينمائياً مثل رحلة "ماركو بولو" و"كريستوفر كولمبوس" و"ماجلان" وشاهد ايضاً رحلات متخيلة مثل "رحلات غوليفر" و"رحلات السندباد". يراهن حميد باسكيط المسكون بجرأة وحماس نادرين على ان يرفع شعار التحدي بإمكانات محدودة، ليقوم بكتابة سيناريو فيلم "ابن بطوطة" فضلاً عن الاخراج واداء الدور الرئيسي الى جاب نخبة من الممثلين المغاربة، وذلك من خلال الفيلم الوثائقي الذي تتلاءم احداثه وفق ايقاع سردي مسترسل لتقدم المسار التاريخي والزمني والمكاني لرحلة ابن بطولة عبر ثلاثة ابعاد: الرحلة الى المشرق العربي وآسيا، والرحلة الى مالي، والرحلة الى الاندلس. واستطاع باسكيط ان يضفي على شخصية ابن بطوطة روح الانسان المغامر المحفز بالرغبة في ادراك حقائق العالم وطبيعة المجتمعات. وينفتح فيلم ابن بطوطة في بعده الشمولي على موضوعات كبرى مثل التسامح والتعايش بين الاديان الثلاثة، وابراز البعد الديني الاسلامي للرحلة وآصرة الترابط بين المشرق والمغرب. وتقدم لنا الاجزاء الثلاثة بإدماج المادة الوثائقية المصورة صوراً حية من الجوانب المعرفية للرحلة في الادب والتاريخ والمعمار والعادات والتقاليد والمذاهب والاعتقادات والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لجزء زمني كبير من القرن الرابع عشر الميلادي. ويتوازي انتاج هذا العمل مع احتفال المغرب بسنة ابن بطوطة في اطار اهتمام دولي يشمل ثقافة حوض البحر الابيض المتوسط، وايضاً في اطار رغبة العديد من القنوات الفضائية لعرض الشريط على مستوى عالمي. وحاول مخرج الفيلم ان يظل مخلصاً لروح نص الرحلة، ولذلك أدمج الفضاء التخيلي أشرطة ذات طابع وثائقي واضاف اليها شهادات لرجالات الثقافة والمهتمين بالحضارة والتاريخ، فكانت شهاداتهم سنداً مرجعياً لاعطاء الشريط صرامة معرفية على مستوى الاقتباس التلفزيوني. من جهة اخرى حظي هذا الشريط بميزة فنية خاصة، وهي ان الموسيقى التصويرية من انجاز الفنان الايطالي الشهير انيو موريكوني الذي وضع الموسيقى التصويرية للعديد من الافلام العالمية. والفنان حميد باسكيط الذي كان له الفضل في ارتياد هذه المغامرة يعتبر من الوجوه الفاعلة في الساحة السينمائية والمسرحية كمخرج وتلفزيوني وكممثل في السينما والمسرح. ويعكف حالياً على اعداد مشاريع سينمائية مستقبلية يمكن اعتبار الفيلم التلفزيوني "ابن بطوطة" عتبتها الاولى لبداية انتاج اعمال درامية تخلد البعد الحضاري للثقافة العربية الاسلامية.