اختتمت في مدينة الغردقة أمس أعمال ندوة "مصر والاقتصاد العالمي" التي نظمها البنك الدولي لمدة ثلاثة أيام. واعتبر مسؤولون شاركوا في الندوة ان الأعوام الأربعة الماضية شهدت تحسناً في مناخ الاستثمار في مصر، وتسهيلات حكومية لتشجيع المشاريع الاستثمارية. ودعا هؤلاء الى اتخاذ مزيد من الاجراءات، خصوصاً القضاء على البيروقراطية وتحسين نظام الضرائب، لتحقيق طفرة في الاستثمارات الاجنبية. وحض كبير الاقتصاديين في البنك الدولي جون بيدج على توفير خدمات ومهارات لزيادة الصادرات، مشيراً إلى ان لدى مصر فرصاً لزيادة الصادرات غير التقليدية. وأكدت رئيسة إدارة تنمية القطاع الخاص في البنك نعمت شفيق ان الدراسات اثبتت وجود علاقة قوية بين صدقية الدولة ومعدل الاستثمارات ونسبة النمو "وكلما زادت صدقية الدولة حققت الاستثمارات ومعدل النمو زيادة كبيرة". وتوقعت أن تشهد السنوات المقبلة قيام نظام للتأمين ضد البطالة في مصر خصوصاً بعد تخصيص شركات القطاع العام. وقالت ان وجود معدلات فساد في أي دولة في العالم يخفض حجم الاستثمارات فيها. وشددت على ضرورة محاربة الفساد واتخاذ اجراءات حازمة في ما يتعلق بتحسين الاجور وتطوير النظام القضائي واصلاح الجهاز الاداري وتقليل البيروقراطية. ونوه نائب رئيس البنك لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا كمال درويش بالحاجة الى قوانين متشددة ونظم ضريبية جديدة وعادلة وشفافية في السياسة الاقتصادية لتلافي أزمة مالية شبيهة لما حدث في جنوب شرقي آسيا. وأشار الى أن الدول العربية في حاجة الى دعم التعاون الاقتصادي والتجاري في ما بينها، نظراً لتمتعها بوحدة اللغة وهو امر فريد في العالم. ودعا الى ايلاء أهمية كبرى إلى التعليم باعتباره الاداة الوحيدة للارتقاء والتنمية المتواصلة، محذراً من أن التحدي المقبل سيكون اجتماعياً أكثر منه اقتصادياً، ومشيراً الى استعداد البنك للمساهمة في عملية نزع الالغام في منطقة العلمين في مصر لاجتذاب استثمارات أجنبية للمنطقة. وأكد المسؤول الدولي ثقته في أداء الاقتصاد المصري. وقال ان معدل الدين المحلي انخفض الى 50 في المئة من متوسط اجمالي الناتج القومي "وهذا معدل جيد للغاية ويمكن السيطرة عليه، كما أن معدل خدمة الدين ضئيل ما يفسح المجال أمام دعم المركز الاقتصادي لمصر". وأشار إلى وجود امكانات كبيرة لدى قطاعات عدة في الاقتصاد المصري للمنافسة على الساحة العالمية، خصوصاً قطاع السياحة، مؤكداً ضرورة تنويع الاهتمام بالنشاطات الاقتصادية حتى لا تؤدي أي أزمة الى إلحاق أضرار كبيرة بهذا الاقتصاد. وذكر أن متوسط دخل الفرد ارتفع إلى 1100 دولار سنوياً ما أدى إلى خروج مصر من قائمة الدول التي تحصل على قروض من المؤسسة الدولية الايدا التي تشمل دولاً يقل مستوى دخل الفرد فيها عن 965 دولاراً سنوياً. وقال مستشار البنك لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا غسان الرفاعي ان مصر حققت انجازات اقتصادية عدة أهمها خفض العجز المالي من 17 في المئة من اجمالي الناتج المحلي عام 1991 الى نحو واحد في المئة عام 1996، وخفض التضخم من أكثر من 22 في المئة الى أقل من سبعة في المئة. كما ارتفع اجمالي الناتج المحلي الى خمسة في المئة عام 1996، وشهدت هذه الفترة تسارع خطى التخصيص التي تعتبر مهمة ليس لآثارها الاقتصادية فحسب، بل للاشارات التي ترسلها الى القطاع الخاص في شأن عمق الالتزام الرسمي بالاصلاح الاقتصادي. وأشار الى أن الحكومة المصرية خصصت 25 في المئة من المؤسسات الصناعية المملوكة للقطاع العام، موضحاً أن الاتفاق الموقع بين مصر وصندوق النقد الدولي عام 1996 يبشر بتحرير التجارة تحريراً كاملاً، اضافة الى الاتفاق المنوي توقيعه مع الاتحاد الاوروبي في إطار المبادرة الاوروبية - المتوسطية، والذي "سيسمح لمعظم المنتجات الصناعية المصرية دخول أسواق الاتحاد الأوروبي من دون عوائق والحصول على تكنولوجيا وخبرات تسويقية واقامة تحالفات استراتيجية مع شركات اوروبية، كما سيعمل على زيادة استثمارات القطاع الخاص، الى جانب المساندة المقترحة من الاتحاد الاوروبي والبنك الاوروبي للاستثمار لتحسين القدرة التنافسية للسلع المصرية". وقال الرفاعي ان مصر شرعت منذ بداية التسعينات في اتباع نماذج جديدة للتنمية بالتركيز على ضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي، وأولت القطاع الخاص اهتماماً كمصدر للانتاج وفرص العمل الجديدة والانفتاح على العالم الخارجي من خلال خفض الحواجز الجمركية وغير الجمركية ووضع حوافز جديدة لاجتذاب رأس المال الأجنبي. وأكد المسؤول الدولي أن متوسط نمو تجارة البلدان النامية بلغت نحو ثمانية في المئة في السنة فيما حققت البلدان الصناعية معدل نمو أقل من ستة في المئة في المتوسط. وأشار الى ان تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر على المستوى القطري عام 1995 تركزت على عدد صغير نسبياً من البلدان في منطقة شرق آسيا واميركا اللاتينية، إذ حصلت هذه الدول على ثلاثة أرباع مجمل التدفقات الاستثمارية في العالم. فيما اجتذبت 21 دولة اخرى نصف بليون دولار من الاستثمار الاجنبي المباشر ولم يكن من بينها من منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا سوى مصر. وأكد أن العولمة ستوسع الفجوة بين الدول السريعة الاندماج في الاقتصاد العالمي وبقية الدول النامية. ودعا هذه الاخيرة الى الاهتمام بثورة الاتصالات السلكية واللاسلكية ونوعية التعليم وقوة العمل وكفاءته والاهتمام بالبنية التحتية للحاق بركب العولمة. إلى ذلك، قال الممثل الاقليمي للبنك الدولي في مصر خالد اكرام ان المؤسسة الدولية انجزت خطة للقضاء على الفقر في مصر تقضي بزيادة معدل النمو والتركيز على تنمية الموارد البشرية من تعليم وتدريب وتطوير للمهارات وتكوين شبكة أمان اجتماعي. وأشار إلى أن مسحاً اجتماعياً أظهر معدلات أقل لنسب الفقر في مصر لتصل الى 5،22 في المئة في الحضر و23 في المئة في الريف.