تعتبر محافظة ادلب من المحافظات الهامة بآثارها الكثيرة التي تنتشر بين ربوعها وضمن تلالها الدفينة والتي تعود لفترات زمنية مختلفة، وتضم المحافظة اكبر مجموعة اثرية رومانية بيزنطية في شمال سورية بنيت فوق هضبة كلسية لا تزال تتحدى عوامل الزمن وقهر الطبيعة. تضم محافظة ادلب نحو 400 موقع اثري منها زهاء 200 تل اثري، ما لفت انظار علماء الآثار والباحثين في مجال البحث والتحري عن تلك الحضارات التي تعاقبت وفق تسلسل زمني منذ ثمانية آلاف عام قبل الميلاد الى القرن الثاني والثالث عشر الميلادي. اهم المواقع الاثرية التي يمكن للسياح زيارتها: 1 - موقع تل مرديخ "ايبلا": حضارة جديدة وعهد جديد لتلك المملكة الراقدة عبر الزمن والتي استيقظت من جديد بعدما نفضت عن اجفانها الاتربة وأبصرت العالم من جديد وأصبحت حديث القرن العشرين بعدما مضى عليها غارقة في سبات اكثر من 4400 سنة قبل الميلاد. ويقع تل مرديخ على بعد 25 كم من جنوب شرق مدينة ادلب على خط حلب - دمشق وتبلغ مساحة التل نحو 56 هكتاراً ويشمل البهو ثلاثة هكتارات تقريباً من المساحة الكلية للموقع الذي يعززه جدار تحصيني من جميع جهاته. وتقوم بعثة ايطالية برئاسة البروفسور باونوماتييه بالتنقيب في هذا التل منذ عام 1964 وكان الهدف الأساسي من اعمال التنقيب كشف النقاب عن المراحل الأولى لنشوء التمدن وتطوره خلال العصر البرونزي القديم 2600 - 2000 ق.م. 2 - تل أفس حزرق: يقع على بعد 12 كلم شرق مدينة ادلب. يتم التنقيب فيه منذ عام 1970 - تبلغ مساحته نحو 285 الف متر مربع ويبلغ طوله 570 متراً وعرضه 500 متر ويعتبر حلقة الوصل منذ القدم بين حلب والعمق السوري. ويظن الباحثون ان مدينة حزرق هذه هي عاصمة حماة الآرامية التي عرفت نهاية القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد. 3 - تل دينيت: يقع شرق مدينة ادلب على بعد خمسة كيلومترات ويرتفع عن سطح البحر 423 متراً ويعتبر عقدة مواصلات بين المنطقة الساحلية وطريق جسر الشغور والمناطق الداخلية قديماً. حدثت فيه معارك هامة بين الصليبيين والمسلمين. 4 - البارة: تقع في قلب جبل الزاوية وتبعد نحو 30 كلم عن مدينة ادلب على طريق اريحا - اللاذقية ويبلغ ارتفاعها 650 متراً عن سطح البحر. تضم اكبر مجموعة خرائب اثرية رومانية بيزنطية يعود تاريخها الى القرون الوسطى. لكن زمن تأسيسها لا يزال مجهولاً وقد تكون موغلة في القدم. واستناداً الى بعض النصوص السريانية فهي كانت تدعى "كفر ادبرتا" ودرج اسمها من قبل مؤرخي الفرنجة "البارا" ثم اطلق العرب عليها البارة. اقدم الابنية الموجودة فيها يعود الى القرن الثاني الميلادي وقد ورد اسمها في كتب تاريخية عدة. فيها الكثير من الكنائس والقبور الهرمية ومعاصر الزيتون والكرمة تعرضت لزلازل كثيرة اهمها الزلزال الذي حدث عام 1958. شهدت معارك طاحنة بين العرب المسلمين والصليبيين والبيزنطيين ونتيجة ذلك تزعزع وضعها الاقتصادي والاجتماعي وتآكلت ثروتها الزراعية والحيوانية وبدأت المدينة تخبو وأخذ نجمها بالافول بعد مغادرة السكان لها. 5 - كنيسة قلب: تقع في منطقة حارم بالجهة الغربية من مدينة ادلب وعلى بعد 50 كلم من اجمل الكنائس المسيحية البيزنطية المتأثرة بذروة فن العمارة السورية القديمة في العهد البيزنطي وهي تعود الى القرن السادس الميلادي. وتتألف من اروقة على الجانبين مزينة بزخارف جميلة تعلوها اعمدة وتيجان كورنثية اضافة الى سور من الحجر الكلسي الكبير يحيط بها. يبلغ طولها نحو 25 متراً وعرضها 15 متراً وتقوم "المديرية العامة للآثار والمتاحف" باجراء بعض الترميمات فيها للمحافظة عليها. 6 - عمود سرمدا: يقع في ناحية سرمدا على طريق ادلب - باب الهوى على الحدود مع تركيا وهو يبعد عن مدينة ادلب 40 كلم شمالاً ويعود تاريخه الى القرن الثاني الميلادي 130 متر. وهو روماني بناه لنفسه بعض الارستقراطيين ويدعى الكسندروس وكان احد البنائين المهرة ويدعى سقراطوي انطونيوس. وقامت "المديرية العامة للآثار والمتاحف - دائرة آثار ادلب" وبالتعاون مع بلدية سرمدا بتسويره وإنارته وترميمه. 7 - الطريق الروماني: يقع في قرية تل عقبرين تل الكرامة ناحية الدانا ويبعد عن مركز مدينة ادلب 45 كلم شمالاً وهو الطريق الحجري الوحيد الموجود في القطر والذي يربط انطاكية مع حلب وقنسرين معا ولا يزال جزءاً كبيراً منه محافظاً على وضعه ويبلغ طول الحجر الواحد 6.5 قدم وهي مخرزة لمنع انزلاق الحيوانات عليها اثناء سيرها. وقامت "المديرية العامة للآثار والمتاحف" بترميمه للحفاظ على معالمه الأثرية عام 1991. 8 - قلعة حارم: وتعني حرم اي الحرام في اللغة السريانية القديمة ولحصانتها يحرمها العدو وتدل اللقى الاثرية على انها تعود الى العصر الاخميني 535 - 330 ق.م. فتحت حارم على يد ابي عبيدة الجراح عام 637م وقال عنها ابن شداد بأنها دمشق الصغرى، وفيها قلعة كبيرة سميت باسمها وهي من اهم القلاع العربية الاسلامية وبنيت على طراز الهندسة المعمارية الايوبية العسكرية وتشبه بسورها النصف دائري قلعة بصرى. تبعد القلعة عن مدينة ادلب 50 كم غرباً ويحيط بها خندق كبير قسم منه محفور في الصخر وفيها ابراج وحمامات وجدران ضخمة وسراديب سرية تربط اعلى القلعة بأسفلها كما تضم نبع ماء يسقي اهل البلدة وهي تتمتع بمركز استراتيجي وعسكري كبير. 9 - مدفن المغارة: وهو مدفن "ابدو سبارتوي" وزوجته "ميرا" تم اكتشافه عام 1991 ويعتبر من اهم المدافن الاثنية الرومانية في المنطقة ويعود تاريخه الى 3 آب اغسطس 246م ويتألف من ردهة واسعة وقوس عليه كتابات وفي داخله قبر حجري وتمثال لصاحبه وهو عبارة عن كاهن او عراف يجلس على كرسيه نقش اسمه على الواجهة الامامية وزوجته ميرا في الواجهة الثانية بالألوان وتمسك كتاباً مما يدلنا على التطور الفكري الموجود في هذا المدفن وفي تلك المنطقة خلال تلك الحقبة الزمنية. كما تشير الكتابات الموجودة في المدفن الى ارتفاع كلفته المادية والى الطقوس الدينية لأهل المنطقة.