تكمن احدى أهم منافع قوانين الهجرة الى المملكة المتحدة في أنها تسهل لمن يرغب في تأسيس قاعدة له في المملكة ان يفعل ذلك من دون التخلي عن علاقاته ومنزله وأعماله في وطنه الاصلي. والواقع ان هذا الشخص، اذا ضمن بقاء ارتباطاته بوطنه الأصلي قائمة، فإن وضعه بالنسبة الى النظام الضريبي البريطاني سيكون سهلاً، وقد ينتهي به الأمر، اذا رتب شؤونه بعناية، إلى عدم دفع الضرائب اطلاقاً. ولكن كيف يمكن فعل ذلك؟ تتضمن الأنظمة والقوانين البريطانية الخاصة بالهجرة رغبة في اجتذاب الرساميل والوظائف الى المملكة المتحدة. وعلى رغم الالتزامات الدولية في شأن اللاجئين، تعمل ادارة الهجرة البريطانية على عدم تشجيع تقديم طلبات اللجوء الى المملكة، وهو ما يتبدى جلياً في التعديلات التي أدخلت على الأنظمة والقوانين الخاصة بالهجرة. ويتضافر عاملان لزيادة الضغوط بهدف خفض عدد طالبي اللجوء ووضع ضوابط على ما يمكن للاجئ ممارسته من أنشطة. هذان العاملان هما ان بريطانيا تحولت مقصداً لعدد كبير من الاشخاص الذي يعملون على اساءة استخدام أنظمة التأمينات الاجتماعية التي توفرها الدولة، وان الحكومة البريطانية قلقة من تحول أراضيها، وخصوصاً لندن، قاعدة لنشاطات "غير سوية وهدامة"، من جانب بعض طالبي اللجوء. ولا يتطرق هذا المقال الى هؤلاء الأخيرين، بل يناقش السبل المتاحة أمام الاشخاص العاديين للحصول على الإقامة في المملكة المتحدة. الاستثمار السريع السبيل الأول الذي تشجع الحكومة البريطانية على سلوكه هو سبيل الاستثمار. ويمثل الاستثمار اسرع الطرق المتاحة لمن يثبت انه يملك مليون جنيه استرليني وانه يرغب في استثمار 750 ألف من هذا المبلغ في شركات بريطانية أو في سندات حكومية. ومع ان ثمة قيوداً على نوع الشركات التي يمكن الاستثمار فيها، تبقى هذه أكثر الطرق جاذبية لمن يملكون المال الكافي. وبعد مضي أربع سنوات على اقامة المستثمر، يمكنه طلب منحه حق الاقامة الدائمة، وبعد مرور سنة يمكنه طلب منحه جواز سفر بريطانياً ما يمنحه حق الإقامة في أوروبا كلها باعتبار بريطانيا جزءاً من الاتحاد الأوروبي. وإذا خطط المستثمر بعناية يمكنه خفض الضريبة التي يدفعها على الدخل من استثماراته. رجال الاعمال أما الطريقة الأخرى التي تشجعها الحكومة فهي ان يكون الراغب في الاقامة رجل أعمال أو سيدة أعمال، يثبت امتلاكه موجودات بقيمة 200 ألف جنيه استرليني واستعداده لاستثمار هذا المبلغ في مباشرة نشاط اقتصادي، أو في بعض الحالات، للمشاركة في شركة قائمة. وينبغي ان يسفر هذا النشاط عن توفير فرصتي عمل على الأقل. وتجدر الإشارة الى ان هذه الطريقة للحصول على حق الاقامة تحف بها بعض المخاطر في حال اخفق النشاط الاقتصادي الذي تعطى على أساسه الإقامة. أذونات العمل تشكل بريطانيا، وخصوصاً عاصمتها لندن، مركزاً تجارياً ذا أهمية، ما يشجع الكثيرين على الهجرة أو القدوم اليها للعمل لدى شركات ناشطة فيها. وشأنها شأن غيرها من الدول تسعى المملكة المتحدة الى حماية القوى العاملة فيها، ولهذا لا تسمح للشركات العاملة فيها بتوظيف أجانب تستدعيهم من الخارج. واذا رغبت احدى الشركات العاملة في توظيف شخص أجنبي يتعين عليها تأمين إذن بالعمل له. ولا تمنح الحكومة البريطانية اذناً بالعمل للاجانب إلا إذا كان المنصب المراد شغله رفيعاً جداً، أو في حال لم تجد الشركة طالبة الأذن شخصاً في المملكة المتحدة أو أوروبا يمكنه شغل الوظيفة المطلوبة. وفي العام المنتهي بنهاية آذار مارس 1998 تسلم قسم تشغيل الاجانب التابع للحكومة البريطانية والمكلف إدارة نظام أذونات العمل اكثر من 38 ألف طلب اذن للعمل، ما يعطي فكرة عن عدد الراغبين في القدوم الى المملكة المتحدة للعمل فيها. ولعل أكثر ما يزعج في هذه الطريقة ان على الشركة طالبة الاذن الاعلان عن وجود شواغر لديها وذكر الأسباب التي تدعوها الى استقدام اجنبي بدل توظيف شخص مقيم في المملكة المتحدة أو أوروبا. وهذا، الى جانب الشروط الأخرى الواجب توافرها، يعني ان رد الحكومة البريطانية على الطلب يستغرق عادة وعلى الأقل 12 اسبوعاً، ويمكن ان يُسرع في ظروف معينة. الإكتفاء الذاتي كانت طريقة الاكتفاء الذاتي الأكثر شعبية حتى عام 1994 للحصول على حق الإقامة في المملكة المتحدة. لكن القوانين تغيرت بعد ذلك التاريخ، ويتعين الآن على الراغب في الاقامة عبر هذه الطريقة ان يكون قد تجاوز الستين من عمره، وان يثبت ان دخله السنوي يتجاوز 25 ألف جنيه استرليني. الممثل الحصري تعمل الحكومة البريطانية على تشجيع الاستثمار في المملكة المتحدة. وهناك شركات يابانية عدة قبل الركود الاقتصادي في بلادها انشأت مصانع للسيارات في بريطانيا واتخذتها جسراً للعبور الى بقية البلدان الأوروبية. وفي وسع شركات شرق أوسطية ارسال ممثلين عنها الى المملكة المتحدة لدرس السوق واحتمال استيراد سلع منها أو توريد بضائع اليها أو عبرها الى أوروبا، وينبغي على الممثل الحصري انشاء فرع لشركته في بريطانيا ما يعني نشاطاً إدارياً محدوداً، من دون ان يتطلب ذلك انفاق مبالغ طائلة. وتجتذب هذه الطريقة اصحاب الاعمال في الشرق الأوسط الذين يرغبون في انشاء قاعدة لهم في المملكة، من دون ان يكونوا راغبين في استثمار مبالغ طائلة فيها. الزيارة لأهداف اقتصادية أو للاستجمام في وقت تتجه السياسات الاوروبية نحو مزيد من التوحد، خصوصاً في شؤون الهجرة، تزداد القارة الأوروبية اقتراباً من ان تصبح قلعة منيعة. والذين لا يحتاجون حالياً الى تأشيرة دخول لزيارة المملكة المتحدة سيجدون أنفسهم مستقبلاً في حاجة الى مثل هذه التأشيرة. لكن ذلك لن يخفف من الرغبة القوية للحكومة البريطانية في اجتذاب الزائرين، سواء القادمين لأهداف اقتصادية أو للاستجمام، لأنهم ينفقون أموالاً في البلد، وبات جزء كبير من الاقتصاد البريطاني يعتمد على هذا النشاط. وتفرض الانظمة والقوانين البريطانية على رجل الاعمال الامتناع عن العمل اثناء زيارته، لكنها لا تحرم عليه عقد اجتماعات مع الزبائن أو الموردين أو مع جهات اخرى. ومن الواضح ان هناك صعوبة في التمييز بين العمل واللاعمل في هذا الأمر. لكن ما يتعين على المرء تذكره، عندما يزور المملكة كرجل أعمال لمقابلة زبائن أو مورديه، هو ان السلطات المختصة تبين له بوضوح كلي ان المفترض فيه ان لا يعمل في اثناء الزيارة. وما يحصل بالفعل ان عدداً من رجال الاعمال الاميركيين اكتشف ان استخدامه للكلمة الخطأ لوصف أهداف زيارته أوصله الى وضع وجد فيه نفسه على طائرة تغادر مطار لندن بعدما ظن انه سيكون في وسيلة نقل تنقله الى قلب العاصمة البريطانية. يتمحور السؤال الآن حول كيفية استخدام الطرق المذكورة اعلاه. يمكن للراغب في زيارة المملكة المتحدة ان يقدم طلباً بذلك الى أقرب قنصلية بريطانية، بعد اعداد الوثائق المطلوبة. ومن المستحسن مقابلة محام للمساعدة اذ ان كل طريقة من الطرق المذكورة اعلاه تتطلب وثائق تختلف عما تتطلبه الأخرى. ويفضل دائماً ان يشدد طالب الزيارة على الفائدة التي ستعود على المملكة المتحدة من زيارته. وباستثناء طريقة الزيارة العادية، تعطي كافة الطرق الحق في الحصول على اقامة في المملكة المتحدة بعد مضي أربع سنوات على المجيء اليها على افتراض ان الراغب في الاقامة أمضى فترة معقولة من الزمن داخل المملكة وفي خلال هذه المدة، والحق في الحصول على جواز سفر بريطاني بعد سنة من الحصول على حق الاقامة، كما يمكنه اصطحاب اسرته معه.