أمطار رعدية وزخات من البرد ورياح نشطة على عدة مناطق بالمملكة    محافظ شقراء يزور السيحاني معزياً في زوجته    فاطمة الفهرية التي أسست أقدم جامعة في العالم؟    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    استمرار احتفالات العيد بالمدينة بحزمة من الفعاليات والأنشطة الثقافية    طيفُ التوحدِ همٌ أُمَمِي    مجمع الملك سلمان للغة العربية يُطلق برنامج "شهر اللغة العربية" في إسبانيا    خالد عبدالرحمن يشعل أولى حفلات العيد بالقصيم    ترحيب سعودي باتفاق طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان    عقد قران المهندس أحمد حسن نجمي على ابنة محمد حمدي    المملكة ترحب بتوقيع طاجيكستان وقرغيزستان وأوزباكستان معاهدة الحدود المشتركة    الخواجية يحتفلون بزواج المهندس طه خواجي    الاتحاد «جحفل» الشباب بثلاثية    القادسية والرائد للبحث عن بطاقة التأهل الثانية    نواف بن فيصل يُعزّي أسرة الدهمش في وفاة الحكم الدولي إبراهيم الدهمش    محافظ البكيرية يرعى احتفالات الأهالي بعيد الفطر    المملكة: حماية الأطفال في الفضاء السيبراني استثمار استراتيجي    ساكا يهز الشباك فور عودته من إصابة طويلة ويقود أرسنال للفوز على فولهام    رجال أعمال صبيا يسطرون قصص نجاح ملهمة في خدمة المجتمع وتنمية الاقتصاد المحلي    المملكة توزّع 1.500 سلة غذائية في محلية الدامر بولاية نهر النيل في السودان    القيادة تعزي حاكم أم القيوين    مدرب الشباب ينتقد التحكيم عقب الخسارة أمام الاتحاد    العيد يعزز الصحة النفسية    الاتحاد يقلب الطاولة على الشباب ويتأهل لنهائي أغلى الكؤوس    الولايات المتحدة: من المبكر تخفيف العقوبات السورية    8 دول في أوبك+ تجتمع الخميس وتوقعات ببدء خطة رفع الإنتاج    أخضر الصالات يعسكر في فيتنام استعداداً لتصفيات كأس آسيا    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال ميانمار إلى أكثر من 2700 قتيل    تجربة سعودية لدراسة صحة العيون في الفضاء    49.8 مليار ريال فائض تاريخي لبند السفر في ميزان المدفوعات بالمملكة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تشارك في معرض بولونيا الدولي للكتاب 2025 بولونيا    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    الناصر يحضر احتفال القوارة بعيد الفطر    باحثون روس يطورون طريقة لتشخيص التليف الكيسي من هواء الزفير    جوارديولا يُعلن مدة غياب هالاند    وادي الدواسر تحتفي بالعيد السعيد وسط حضور جماهيري غفير    أمير منطقة تبوك يلتقي اهالي محافظه تيماء    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    الدولار يشهد أداءً متقلبًا ترقبًا للرسوم الجمركية الأمريكية    إصابة الكتف تنهي موسم «إبراهيم سيهيتش»    جمعية " كبار " الخيرية تعايد مرضى أنفاس الراحة    توجيهات ولي العهد تعزز استقرار السوق العقاري    التجارة: 5 شوال دخول نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية الجديدين حيز التنفيذ    أكسيوس: ترمب سيزور السعودية مايو المقبل    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    "أمانة الطائف" تنهي استعداداتها لعيد الفطر المبارك    جمع مهيب في صلاة عيد الفطر في مسجد قباء بالمدينة المنورة    إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة تُنهي استعداداتها .    مختص ل «الرياض»: 7% يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي خلال الأعياد    محافظ الجبيل يستقبل المهنئين بالعيد ويزور المرضى المنومين    ترامب: لا أمزح بشأن سعيي لفترة رئاسية ثالثة    إنجاز إيماني فريد    بين الجبال الشامخة.. أبطال الحد الجنوبي يعايدون المملكة    عيد الدرب.. مبادرات للفرح وورود وزيارات للمرضىع    توقعات بهطول أمطار غزيرة على 7 مناطق    العيد انطلاقة لا ختام    الرئيس عون: لبنان دخل مرحلة جديدة بعد عقود من العنف والحروب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية أوروبية الى عطاءات الإسلام
نشر في الحياة يوم 09 - 11 - 1998

كان توماس ارنولد قد نشر عام 1931 كتاب "تراث الإسلام" الذي ترجم وطبع مراراً في العالم العربي. والكتاب الذي نحن بصدده، أيضاً عنوانه "تراث الإسلام"، نشر عام 1974 لمجموعة مؤلفين أجانب، وأشرف على وضعه الدكتور جوزيف شاخت. وقد صدرت حديثاً طبعته الثالثة في سلسلة عالم المعرفة الكويت، وأضيفت اليه مواضيع جديدة في عالم الاستشراق. ترجمه الى العربية محمد زهير السمهوري، حسين مؤنس وإحسان صدقي الصمد.
ويعتبره الدكتور شاكر مصطفى رئيس قسم التاريخ بجامعة الكويت "يكشف وضع الاستشراق بما له وما عليه. انه يفضح قوته وضفه في وقت معاً، أكثر مما يكشف من الجهد الإسلامي الحضاري... هو مرآة ما انتهى اليه الاستشراق اليوم من الضيق... وان الهدف من نقله الى العربية ومن وضعه بين أيدي القراء العرب والباحثين إنما هو فقط مجرد معرفة ما يقال، على الطرف الآخر من حدودنا وباللغات الأجنبية الأخرى!
وتقتصر مواضيع الكتاب على تناول الإسلام كشأن ثقافي وحضاري، وتاريخ الإسلام من العصور الوسطى حتى تاريخ حملة بونابرت على مصر حوالي عام 1800م والتي تعود اليها "معظم مظاهر تراث الإسلام".
جميع كُتّاب فصول المؤلف بأجزائه الثلاثة، وضعه أجانب، باستثناء مقالة كتبها الكاتب الهندي عزيز أحمد، وقد أغمط هؤلاء الأجانب "الحق العربي" لذا، فلن يجد "القارىء العربي المسلم في هذا الكتاب نفسه وحضارته... ولكنه سيفيد منه أعظم الفائدة ان استطاع أن يرى فيه الفرصة لأخد فكرة صادقة عن مقدار العلم لدى الغرب عن الإسلام وأهله وعن الحضارة الإسلامية...".
ويطلق الدكتور مصطفى، دعوة واضحة وصريحة للكتاب والمفكرين في عالم العروبة، لتناول مواضيع كتاب "تراث الإسلام" من قبل "أصحاب البيت" بعناية ودراية ودرس وبحث وتنقيب لتفصح عن صورة الإسلام الحقيقي في حضارته وجملة عطاءاته الخالدة.
والكتاب بأجزائه الثلاثة، يُعاد إصداره في طبعة ثالثة في سلسلة "عالم المعرفة" الكويتية، إدراكاً منها "أن أهميته القصوى تنبع من قدرته على اثارة الكثير من الجدل الذي من شأنه أن يُغني هذا المجال من البحث، كما يرسخ فينا الإيمان الصادق والموضوعي بإنجازات حضارتنا، فيكون هذا باعثنا لنسعى قدماً نحو المشاركة بفعالية في حضارة المستقبل".
وما يميز هذا الكتاب الغني بالمعلومات عن مختلف شؤون "الحضارة العربية" هو أن محرريه أصحاب باع طويلة في هذا المجال، فقد تتبعوا بعناية، ورصدوا بدقة مختلف مظاهر هذه الحضارة في جملة إشعاعاتها الثقافية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية... ليدللوا بالوثيقة والعلم، ان انجازات هذه الحضارة تخطت الحدود المحلية لدول عالم العروبة، الى أرجاء المعمورة كلها، وهذا ما يردده المفكر الإيطالي فرنشيسكو غابرييلي في مقالته حول "الإسلام في عالم البحر المتوسط" حيث يقول في تأثير اللغة العربية على الإيطالية: "ان خلاصة التأثيرات العربية في الحضارة الإيطالية في العصور الوسطى من خلال جميع هذه الطرق إنما نجدها في العناصر اللغوية العربية التي دخلت اللغة الإيطالية.
وهذه الناحية كثيراً ما عولجت بطريقة غير جدية، ولم تعالج إلاّ مؤخراً فقط بطريقة علمية رصينة". ويقول في مكان آخر من مقالته: "ولكن إذا كان الإسلام كدين قد أثّر في مصير اسبانيا تأثيراً يصعب اعتباره ايجابياً، فإن الحكم يختلف تمام الاختلاف حين يتعلق الأمر بالتأثيرات الثقافية والأدبية والفنية التي تغلغلت في الحضارة الإسبانية من العصور الوسطى حتى العصور الحديثة". ويتناول المستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون في مقالته صورة المسلم في الغرب، والدراسات الإسلامية في دول الغرب، نظرة الأوروبي منذ ولادة الدين الإسلامي، وتطور هذه النظرة حتى العصور الحديثة، وان الاهتمام بالمشرق بدأ مع الحروب الفرنجية لتحرير بيت المقدس كما جرى الادعاء، إذ لم يكن هنالك طلب "في الغرب لعرض مفصل لتاريخ الإسلام السياسي، كما أنه لم يكن يوجد أي اهتمام كبير بالمنازعات السياسية بين "الكفار". ولكن من جهة أخرى فقد أوجدت الحروب الصليبية الفرنجية حاجة كبيرة وملحة للحصول على صورة كاملة ومسلية ومرضية لإيديولوجية الخصوم". فظهرت الترجمات اللاتينية ابتداء من العام 1100م، لبعض الدراسات الإسلامية، فأخذت تتشكل في ذهن الأوروبي، منذ ذلك الحين صورة أخرى عن العالم الإسلامي، "صورة الكيان السياسي الذي يسيطر عليه دين معاد ومغلوط".
ومع الوقت، ومع كثرة الترجمات، بدأت الصورة تتغير ملامحها في ذهن الغربي، وبدأت فترة أخرى من التعايش السلمي والتقارب بين الديانتين الى أن ولدت مرحلة الاستشراق، فطبعت الأعمال الطبية والفلسفية لابن سينا في فرنسا وهولندا والمانيا وتأسس أول كرسي للعربية عام 1539 في الكوليج دو فرانس في باريس، واعتباراً من القرن السابع عشر "انبرى كثير من الكتاب للدفاع عن الإسلام ضد الإجحاف الذي ناله في العصور الوسطى، وضد مجادلات المنتقصين من قدره، وأثبتوا قيمة واخلاص التقوى الإسلامية".
وكتب سايمون أوكلي الأستاذ في أوكسفورد "تاريخ السراسنة" 1708 - 1718 "وهو أول محاولة لجعل نتائج أبحاث المستشرقين في متناول عامة القراء، مجدَّ الشرق الإسلامي ورفعه فوق الغرب.
وهكذا انتشرت الحقائق والأفكار التي جاء بها رجال العلم والتي ألفها كتّاب من أمثال فولتير، وادوار جيبون الذي وضعت تقديراته المتوازنة العالم الإسلامي في مكان رفيع في التاريخ الثقافي والفكري للإنسانية.
وهكذا بدأت تتكامل معالم صورة: هي صورة محمد الحاكم المتسامح والحكيم والمشرع". وهكذا حلت صورة جديدة للشرق الإسلامي في نظرة الأوروبي اعتباراً من القرن الثامن عشر، ارتدت هذه الصورة ملامح المحبة والأخوة الدينية والإنسانية، هذا على الصعيد الثقافي، في هذا الوقت بالذات، بدأت الرحلات التي قام بها فنانون وسياسيون وعسكريون الى بلاد المشرق للتعرف عليه عن كثب ولاكتشاف ما في بطن أرضه من موارد، لاستغلال شعبه ونهب موارده و... فحلت نظرة جديدة الى المشرق وخصوصاً بعد منتصف القرن التاسع عشر، هي النظرة الإمبريالية.
تلك نظرة اجمالية لمختلف المراحل التي مرت بها صورة المسلم في نظر الأوروبي، وكيف تطورت حتى عصرنا الحاضر والتي تضمنتها مقالة رودنسون الطويلة...
والكتاب غني بالمواضيع الأخرى: الإسلام في عالم البحر المتوسط، والإسلام في أفريقيا، والتطورات الاقتصادية، الفن والعمارة والفنون الزخرفية والتصوير، وأثر فنون الزخرفة والتصوير عند المسلمين في الفنون الأوروبية، والفلسفة وعلم الكلام والتصوف والعلوم الطبيعية والطب والرياضيات والفلك والبصريات والأدب والموسيقى، والفكر السياسي عند المسلمين... الكتاب بأجزائه الثلاثة يمكن اعتباره بمثابة "انسكلوبيديا" خاصة "بتراث الإسلام" وإنجازاته على كل الصعد الثقافية والأدبية والسياسية والاجتماعية...
وبمختلف التأثيرات التي حملها الى العالم المتوسطي أولاً والعالم كله ثانياً، في كافة المجالات الحيوية، حيث يمكن القول أن العالم الغربي مدين في نهضته وارتقائه لما ورثه من علوم وفنون وآداب وما خلفه عالم العروبة في شتى شؤون الحياة، وما ترجمه الغرب من هذه "التركة" التراثية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.