بيروت، القدسالمحتلة - "الحياة" - أ.ف.ب. - ما كادت القيادات السياسية والعسكرية في اسرائيل تلتقط أنفاسها بعد العمليات التي وجهتها المقاومة الى جنودها في الجنوب وأوقعت بينهم عدداً من القتلى والجرحى، وأعادت النقاش مجدداً في شأن الانسحاب منه، حتى وجّهت المقاومة الاسلامية - الجناح العسكري ل"حزب الله" ضربة موجعة جديدة، ففجّرت عبوة ناسفة ليل اول من امس قرب موقع بلاط في الشريط الحدودي المحتل، أدت الى مقتل جنديين وجرح آخرين. واستدعى تصاعد الاحداث في جنوبلبنان قطع رئيس الحكومة الاسرائىلية بنيامين نتانياهو جولة أوروبية. وأعلنت الاذاعة الاسرائىلية ان نتانياهو الموجود في بريطانيا "كان مقرراً ان ينتقل الى اسبانيا التي أبلغ حكومتها انه عدَلَ عن زيارتها للعودة في أسرع ما يمكن الى اسرائيل حيث سيعقد اجتماعاً فور وصوله للبحث في الوضع في لبنان". وقال نتانياهو "لدى عودتي الى اسرائيل سأبدأ عملية تقويم تستغرق اسابيع عدة للأساليب التي نستخدمها الآن". واستمر النقاش في اسرائيل في شأن الإنسحاب من جنوبلبنان أوعدمه، خصوصاً أن 23 جندياً إسرائيلياً قتلوا منذ مطلع العام الجاري وجرح 104 بفعل عمليات المقاومة. فجدد وزير الأمن الداخلي افيغدور كهلاني دعوته الى "ضرب البنية التحتية في بيروت بما في ذلك محطات الكهرباء والجسور". واعتبر "ان هذا الاجراء سيرغم الحكومة اللبنانية على العمل ضد حزب الله". ودعا من جهة ثانية الى "دراسة احتمال اعادة الانتشار في الجنوب لتحل قوات اخرى محل الجيش الاسرائىلي"، مستبعداً ان يتخذ المجلس الوزاري المصغّر "قراراً أحادي الجانب بالانسحاب من لبنان". وتابع "في حال قتل اسرائىلي، نجعل بيروت تعيش في الظلام، ولا شك في ان اللبنانيين سيغيّرون الاسلوب والطريقة". وأقرّ بان "شيئاً ما غير سليم في الطريقة التي نعالج بها الموضوع اللبناني والتي أدت الى دفعنا ثمناً باهظاً". ودعا وزير العلوم سليفان شالوم الى "ضرب المصالح السورية في لبنان". وقال "ان انسحاباً من جانب واحد قد لا يؤدي الى تسوية أو اتفاق مع لبنان". وطالب رئيس حزب العمل المعارض ايهود باراك "باقامة منتدى أمني وسياسي يضمّ مختلف الاحزاب الى جانب مسؤولين عسكريين للبحث في حلّ لمشكلة لبنان". وعقدت هيئة أركان الجيش الاسرائىلي اجتماعاً برئاسة وزير الدفاع اسحق موردخاي، وتفقّد مسؤولون عسكريون المنطقة التي استهدفت فيها قوات الاحتلال بعمليات للمقاومة. وقال رئيس الاركان شاوول موفاز أنه يرفض فكرة خروج الجيش الاسرائىلي من الجنوب الآن، قائلاً ان "الجيش يتمسّك بالمنطقة التي يحتلها في الجنوب للدفاع عن المستوطنات الاسرائىلية"، ومعتبراً ان "أي خيار آخر قد يتّخذ هو أكثر خطورة من الوضع الراهن، وقد يؤدي الى إصابة عدد أكبر من قوات الجيش الاسرائىلي والمقاتلين على حدّ سواء. وأشار الى ان "ليس هناك حلول سحرية للقضية وان الانتصار في حرب من هذا النوع يتم بالنقاط"، مؤكداً ان "التحقيقات في الظروف الاخيرة في جنوبلبنان مستمرّة". وقال ان "القوات الاسرائىلية تنجح في الدفاع عن المدن والقرى الشمالية في صورة جيدة لكن هناك ثمناً لهذه الحرب". وعن احتمال قيام الجيش الاسرائىلي بعمليات ضد سورية قال موفاز انه يقترح "عدم تعقيد الوضع أكثر". وأظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "معاريف" اول من امس ان "نسبة الاسرائىليين الذين يؤيدون الانسحاب من جانب واحد من لبنان من دون اتفاق مسبق معه أو مع سورية، تضاعف ليصل الى 40 في المئة في مقابل 50 في المئة أبدوا معارضتهم للانسحاب و10 في المئة لم يعطوا أي رأي". الوضع الميداني وعلى الصعيد الميداني، أعلن ناطق عسكري اسرائىلي ان "جنديين اسرائىليين قُتلا قرب الموقع الذي أصيبت فيه مدرعتان بأضرار من جراء عبوة قبل دقائق من ذلك، وانفجرت عبوة ثانية لدى مرور وحدة جاءت لنجدة عناصر المجموعة الاولى". وأعلنت المقاومة الاسلامية انها "تمكنت مرة جديدة من التوغّل الى عمق المنطقة المحتلة، على رغم حال الاستنفار القصوى لجنود العدو، وكمنت لدبابة "ميركافا" وآلية مدرعة على بعد مئة متر من موقع بلاط و400 متر من الحدود مع فلسطينالمحتلة، وفجّرت عبوة ناسفة كبيرة أدت الى تدمير الدبابة بالكامل وسقوط أفراد طاقمها بين قتيل وجريح". وأضافت أنها منعت تعزيزات إسرائيلية استقدمت إلى الموقع المستهدف من تحقيق أهدافها، بقصفها بالقذائف والأسلحة المناسبة. واعتبر مسؤول "حزب الله" في الجنوب الشيخ نبيل قاووق ان "التهديدات الاسرائىلية تهدف الى تهدئة الرأي العام الاسرائىلي وامتصاص نقمة المستوطنين من جراء فضيحة العجز التي يتخبّط فيها العدو". وأكد ان "أي مغامرة يتجاوز فيها الاحتلال قواعد المعادلة القائمة ستزيد من خسائره"، مشدداً على ان "الحزب على أتمّ الاستعداد والجهوزية لمواجهة أي احتمال". الى ذلك، شنّت طائرات حربية اسرائىلية غارات على وادي الشهداء بين بلدتي ياطر وصدّيقين في القطاع الغربي