سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بين سمسرة النحاس ومشغولات العقيق ورسومات الحنة في "سوق السفر". الجناح اليمني في لندن : حضور لافت إستلفت الأنظار والحرف اليدوية العريقة سحرت الزوار الدوليين
مئات الأجنحة حفل بها "معرض سوق السفر العالمية 98" الذي شارك فيه أكثر من خمسة آلاف شركة وهيئة تمثلت ب 2،17 ألف مندوب، واستمر أربعة أيام من الاثنين حتى مساء الخميس الماضي. الجناح اليمني استلفت الأنظار بكثرة عدد العارضين الذين تجاوزت مشاركتهم عدداً وحجماً وأهمية الحضور اليمني الذي عرفه المعرض الكبير الذي ينظم في العاصمة البريطانية منذ عام 1980. تصميم الجناح الذي حاكى الهندسة الملفتة والجميلة التي يتميز بها فن العمارة اليمني الأصيل لفت بدوره أنظار المشاركين والزوار. والحسناوات اللواتي توقفن عنده وقصدنه من جميع أرجاء المعرض زينّ معاصمهن وأكفهن بالحنّة اليمنية بعدما سحرتهن النقوش والرسومات التي تتقن رسمها الفتيات اليمنيات وزهن بها لدى تجولهن وانتقالهن في بقية الأجنحة التي حفل بها المعرض. مدير عام مراكز الحرف اليدوية والفنون في اليمن السيد جمال كُشيح أشرف على تصميم الجناح. قال ل "الحياة": "سعينا عبر المعرض إلى نقل رسالة عن اليمن بعاداتها وتقاليدها فضلاً عن واقعها التجاري والنمنمات المميزة للمعمار اليمني والمتركز في مدينتي صنعاء وحضرموت. لكل دولة سمة معينة يبرز من خلالها أهم معالمها. وكان لنا في هذا المعرض العالمي أن نختار نصباً مجسداً لبوابة اليمن كونها تعتبر إحدى البوابات الرئيسية التي لا تزال حية وهي المدخل إلى صنعاء القديمة ومن خلالها يمر الزائر لينطلق إلى مدخل المدينة بأزقتها الواسعة والضيقة حيث يشاهد نفائس من التحف الحرفية اليمنية البديعة والأصيلة والمتمثلة في أعمال الفضيات والأعمال الجلدية والنسيجية وأيضاً التوابل والأسواق القديمة". وأشار إلى أن في وسط المدينة مركزاً حرفياً هاماً يسمى "سمسرة النحّاس" وهو تابع ل "الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية" التي هي جزء لا يتجزأ من وزارة الثقافة والسياحة. وقال: "ندرّس في هذا المركز الحرف اليدوية وقد تخرج منه 4،5 ألف طالب وطالبة. والمركز تأسس عام 1987 بمساعدة من البرنامج الانمائي للأمم المتحدة. وهو مكون أساساً من ثلاثة مراكز مشتركة الأول هو سمسرة النحّاس والثاني هو سمسرة المنصورة والثالث هو بيت سنان أبو لحوم الذي هو مركز نسوى. ولنا طموح في أن تنتشر هذه المراكز على مستوى الجمهورية اليمنية ككل". وأضاف: معرضنا نال الإعجاب كونه أتى ليعبر عن الهوية اليمنية في خضم هذا الجمع وهذا الحشد الدولي. وأثبت المعمار اليمني ببوابته العتيقة ونمطه الفريد أنه يحتل مكاناً محسوساً في وجدان جميع الحاضرين. وكانت له أصداء إيجابية واضحة من خلال ما شاهدناه من تعابير وتقاسيم ملامح وجوه الزوار الدالة على الرضا والاعجاب بهذا الفن القوي والبسيط في آن". وأشار إلى أهمية التعريف بالفنون الحرفية اليمنية التي قال إنها تشكل نقطة انطلاق كبيرة يعتمد عليها في عالم الترويج السياحي للمعالم والامكانات الوطنية. وأكد أن "اليمن عُرف منذ القدم بالحرف اليدوية العريقة التي تحمل النكهة اليمنية وتعكس أصالة شعبه. وما اهتمامنا بهذه الحرف من خلال مراكزنا الثلاثة إلا خطوة أولى تهدف الى انعاش هذه المهن العريقة ومعها القطاع السياحي". وشدد على أن اليمن تشتهر بمناخها المعتدل والممتع الذي يحبه الزوار وبتنوع تضاريسها ومعالمها من صحراء وجبال وسهول ومياه دافئة وينابيع حارة وأماكن الغوص والقرى السياحية المعلقة في قمم الجبال، والتي اعتبرها دلالة واضحة على رهافة حس اليمني ومدى انسجام علاقته مع الطبيعة. إلا أنه لاحظ أن أكثر ما يغري السياح على القدوم هو "حسن الوفادة والكرم اللذين يتميز بهما السكان والمعاملة الحسنة والضيافة التي يلقاها الزائر لدى التقائه بإحدى أعرق الحضارات في العالم". وأضاف أن هناك عامل جذب سياحياً من الطراز الأول تتميز به اليمن ويتمثل في تنوع المناخات كلما اجتاز المرء مسافة لا تتجاوز المئة كيلومتر. وذكر أن "المناخ دافىء في المنطقة الساحلية التهامية بينما الجو بارد في المناطق الشمالية الجبلية وإذا غاص أكثر في المناطق الشمالية لوجد سهولاً صحراوية ذهبية اللون تسطع فوقها الشمس ويزودها الدفء". وتابع يقول: "اليمن تعيش حالة تنوع حرفي على قدر ما هي تعيش حالة تنوع مناخي، وهذا أمر لا يلبث السياح أن يلحظونه ويسعون إليه عندما يردون اليها. وهي غنية بحرفها التي تختلف من منطقة لأخرى فإذا انتقلنا الى الجانب الساحلي التهامي وجدنا حرفاً وأدوات وملابس نسوية غير موجودة على بعد 100 أو 200 كيلومتر في صنعاء. والأمر نفسه ينطبق على صنعاء نفسها إذا انتقلنا إلى منطقة المحويت أو صعدا أو حجة لأننا سنجد أيضاً نفائس من الحرف مغايرة ومختلفة بنمنماتها وزخارفها عن المنطقة الأولى وهكذا الأمر لو توجهنا تلقاء لحج أو تعز...وعلى سبيل المثال فإن السروال النسوي في المنطقة الواحدة لديه عشرات الطرازات المختلفة من الزخارف، وكذلك الأمر مع صديرية المرأة أو أكمامها أو حليها وهي دائماً متميزة وعميقة المعنى والدلالات. وهذا التنوع يظهر إن التراث اليمني عامل أساسي من أسس الترويج للسياحة اليمنية لأنه يرسخ معنى الأصالة الذي يبحث عنه السياح". ولفت إلى أن "الدندنة والرقص والطرب ألوان فولكلورية وشعبية أخرى تتم المحافظة عليها وتعليمها. وهناك الرقص الذي يدل على الحرب كالبرع الصنعاني أو الرقصة التهامية وكذا الرقص اللحجي له سمة مميزة عن غيره من الرقصات الشعبية كالبيضانية والحضرمية ولكل من هذا بحر من بحور الموسيقى والغناء الشعبي والتراثي". وتابع يقول: "من خلال مراكز الحرف واليدوية الثلاثة لدينا نحاول أن نحافظ على فن صناعة التحف والمشغولات التقليدية كالفضيات ومشاغل العقيق اليماني ذات الشهرة الواسعة والمشغولات الخوصية والسللية وكذا النحت على الخشب. هذه الحرف اليدوية كانت بدايتنا مع المراكز لانتشالها من الانهيار والاضمحلال. والمنتجات من هذا القبيل باتت تملأ الأسواق ويقبل عليها السياح بشغف زائد".