بلغ الإضراب المفتوح لأساتذة التعليم الثانوي الرسمي أمس ذروته في الإعتصام الذي نفّذوه في حرم وزارة التربية، فدعوا الوزير جان عبيد إلى الإستقالة لأنه لم يستطع دعمهم في تنفيذ مطالبهم كاملة في سلسلة الرتب والرواتب التي أقرّت أخيراً. ولم يفلح إجتماع عقده عبيد مع وفد من المعتصمين في ثنيهم عن الاضراب. فالأساتذة تنادوا إلى الإعتصام، مستدعين أيضاً أساتذة التعليم الإبتدائي والمتوسط الذين آزروهم في توقيف الدراسة يومين، ليعودوا إليها اليوم "لأن الإضراب المفتوح غير مجدٍ" على ما قال رئىس رابطة المعلمين الإبتدائيين إبراهيم الراسي ل"الحياة"، إضافة إلى أساتذة التعليم المهني والتقني وطلاب ولجان أهل. جاءوا من مختلف المناطق أشارت إليها لافتات كتبت لتوّها تذكّر بمطالب المعلمين نفسها، منها: "أبهذا يكافأ بناة البشر؟"، و"إنصاف الأساتذة الثانويين إنصاف لأجيال لبنان". أثناء تجمّعهم المعلمون راحوا يستقبلون بعضهم بعضاً متعانقين وضاحكين ومتناولين أطراف الأحاديث، وبعضها عن الإعتصام، كأنهم يعترفون بأن ثقل قضيتهم لن يكون له صدى، إذ قال بعضهم "إذا قلت وامعتصماه، من يسمع؟". تقدموا إلى بوابة أحد مباني الوزارة، حيث مكتب الوزير، صاخبين غير مبالين أحياناً كثيرة بتمنيات الهدوء التي كانت تطلق من هنا وهناك لسماع كلمات كثيرة لنواب وممثلين عن قطاعاتهم والإتحاد العمالي العام، وكلها أجمعت على تأييد مطالبهم "المحقة"، ما جعل النائب نزيه منصور حزب الله يقف بين زملائه الأساتذة "لا بين زملائه النواب الذين خذلونا وخذلوكم جميعاً" على ما قال. وأعلن تضامنه معهم بإسم "كتلة الوفاء للمقاومة"، أما النائب خالد ضاهر الجماعة الإسلامية فاعتبر "أن في لبنان جيشين، الجيش اللبناني وجيش التربويين بناة هذا البلد". ثم عبّر ممثل الإتحاد العمالي العام عبدالأمير نجدة ل"رفاق النضال والتظاهرات والإضرابات" عن تأييد الإتحاد لمطالبهم ووقوفه إلى جانبها معلناً "أن اجتماعاً في مقر الإتحاد سيعقد للبحث في هذا الأمر". ولم تستطع النائبة نهاد سعيد إلقاء كلمتها إذ استدعت الجلبة الوزير عبيد إلى النزول من مكتبه ومخاطبة المعتصمين، على تعسر تهدئتهم. فرحّب بهم في "وزارتهم" مطلقاً إبتساماته لهم ومؤيداً مطالبهم، وقائلاً لهم "إذا جئتم للإعتصام في وجه الجهات المعرقلة لحقكم، فمكان الإعتصام في مكان آخر، وأنتم تعرفون أين ولماذا". فتنطح بعض الأساتذة قائلاً "في مجلسي الوزراء والنواب". وكلما قال الوزير جملة أتته جملة إعتراضات أدى بعضها إلى حنقه وتغيير نبرة صوته، إذ أصبحت صراخاً، وقال "كان لنا موقف من الهوّة التي حصلت في السلاسل في مجلسي النواب والوزراء، غير موارب ولا مجامل". فقاطعه أحد الأساتذة بأعلى صوته قائلاً "قدّم إستقالتك". فردّ عبيد صارخاً أيضاً "العهد في آخر أيامه. ليست البطولة في الإستقالة. بل في الوقوف إلى جانبكم والدفاع عن مطالبكم في مجلسي النواب والوزراء. هذا الموضوع يجب إصلاحه إذا أمكن في الأيام الباقية وإلا في العهد المقبل الذي هو مع قضيتكم". ثم ترك المتجمهرين تعباً إلى مكتبه في حين توالت الكلمات والخطب بينها كلمة لطالبة، بإسم زملائها، ضمنتها كل ما تعلمته من البديع والبيان. وختاماً كلمة لرئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي فؤاد صعب أكد فيها "عدم تعليق الإضراب حتى تحقيق المطالب"، داعياً إلى جمعيات اليوم في المناطق. وأوضح أمين الإعلام في رابطة الأساتذة منير سلامة ل"الحياة" "أننا نطالب بإنصافنا بدفع تعويضات نهاية الخدمة على أساس الراتب كاملاً أسوة بالقطاع الخاص لا على أساس 85 في المئة كما أقرّت في سلسلة الرتب والرواتب، وردم الهوّة بيننا وبين أساتذة الجامعة". وأكد "الإستمرار في الإضراب حتى تنفيذ المطالب". وعن التلاميذ قال "سنعوّضهم ما يفوتهم إذ سنعطيهم دروساً في العطل والآحاد لاستكمال المنهاج".