تحدى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، قبل 11 يوماً من اللقاء المرتقب بينه وبين الرئيس بيل كلينتون الجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة لاخراج عملية السلام من مأزقها وذلك بإصراره أمس على المضي في الاستيطان وبتشديد مواقفه من الانسحاب العسكري من الضفة الغربية. وجاء تصلب موقف نتانياهو وتحديه لواشنطن بعد تهديد وزير الدفاع في حكومته اسحق موردخاي بالاستقالة اذا لم تنفذ الحكومة انسحاباً من الضفة في غضون ثلاثة اشهر. وبثت الاذاعة الاسرائيلية امس ان نتانياهو يريد قبل سفره الى واشنطن تقرير حجم عملية اعادة انتشار الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية من دون تحديد موعد تنفيذ هذه العملية. واضافت الاذاعة ان نتانياهو لن يتخذ قراراً في شأن تنفيذ الانسحاب "الا بعد اشهر عدة" للتأكد من ان الفلسطينيين سيطبقون قبل ذلك الجانب المتعلق بهم من الاتفاقات. ورد موردخاي بپ"نعم" على سؤال للقناة الثالثة في التلفزيون الاسرائيلي عما اذا كان سيترك الحكومة اذا لم تنفذ انسحاباً من الأراضي الفلسطينية في غضون ثلاثة اشهر. وجاءت تصريحات الوزير الاسرائيلي في اعقاب اجتماع قصير بينه وبين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مساء الاربعاء ناقشا خلاله المرحلة الثانية من اعادة الانتشار وحجم الاراضي التي ستنسحب منها اسرائيل في ضوء زيارة المنسق الاميركي الخاص للعملية السلمية دنيس روس للمنطقة. وقال موردخاي في أعقاب الاجتماع الذي وصفته مصادر اسرائيلية بأنه "مضيعة للوقت" انه سمع أرقاماً جديدة من نتانياهو ويشعر ان لزاماً عليه دراستها في اشارة الى النسب المختلفة التي يناقشها المجلس الوزاري الاسرائيلي منذ فترة لحجم الاراضي الفلسطينية التي سيتم الانسحاب منها في المرحلة الثانية والتي تراوحت بين 6 و12 في المئة. ويأتي تهديد موردخاي بالاستقالة بعد يومين فقط من استقالة زميله وزير الخارجية ديفيد ليفي الذي اختلف مع نتانياهو في شأن مسألة اعادة الانتشار وقضايا اجتماعية. وقالت مصادر سياسية اسرائيلية ان تهديد موردخاي المعني برضا الولاياتالمتحدة ينذر بأزمة داخلية جديدة ويندرج في سلسلة الضغوطات التي تمارس على نتانياهو من أجل تنفيذ اعادة الانتشار التي طال تأجيلها. واعتبر النائب العربي في الكنيست الدكتور عزمي بشارة ان تهديد موردخاي بالاستقالة وتصريحاته في شأن العملية السياسية "لا تنبع من موقف صلب"، مشيراً الى ان العسكري الشرقي الوحيد الذي وصل الى منصب وزير دفاع بحث عن منصب له في حزب العمل في ظل رئيس الوزراء السابق اسحق رابين وعندما لم يحصل عليه "استورده ليكود من الجيش الى الحزب". وقال بشارة لپ"الحياة" ان موردخاي "لا يمثل جناحاً ولا قوة في حزب ليكود الحاكم وعليه لا يملك قدرة على التأثير داخل الحزب". واشار الى ان موردخاي ونتانياهو يلتقيان حول اطار الحل النهائي للكيان الفلسطيني والذي لا يتعدى ترسيخ "نظام أبارتايد اسرائيلي - فلسطيني" وان الاختلاف بينهما في تنفيذ المرحلة الانتقالية من اتفاق اوسلو فقط التي يرى موردخاي ان على الحكومة الاسرائيلية عدم اغضاب واشنطن في شأنها. وكانت الولاياتالمتحدة أكدت اصرارها على تنفيذ المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار كما نصت عليه الاتفاقات المبرمة ما لم يوافق الفلسطينيون على إلغائها، وذلك في رد على اشتراط نتانياهو تنفيذ المرحلة الثانية من اعادة الانتشار بتنازل الفلسطينيين عن المرحلة الثالثة. وابلغ نتانياهو بهذا الشأن اعضاء حكومته من حزب ليكود الحاكم مساء الاربعاء، انه طالب المنسق روس بپ"ضمانات اميركية خطية لشمل المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار في اطار الحل الدائم"، اي عدم تنفيذها في المرحلة الانتقالية السابقة للتسوية النهائية. وفيما تستمر محادثات المنسق الاميركي روس مع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بغية دفع العملية السياسية الى امام، اكد نتانياهو رفضه اي "تجميد او ابطاء" في عمليات البناء الاستيطاني في الاراضي الفلسطينية. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي في مقابلة مع صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية نُشرت الخميس: "منذ البداية قلت للاميركيين ان هذا تجميد او ابطاء الاستيطان غير مقبول لديّ". وأكد ان اعمال البناء الاستيطاني في المستوطنة اليهودية التي ستقام على اراضي جبل ابو غنيم هارحوما ستسأنف قريباً، مشيراً الى ان الاعمال هناك متوقفة نتيجة مشاكل تقنية. واضاف نتانياهو: "شددت على ان من الممكن التحدث عن انواع محددة من التجميد اذا تم الغاء المراحل اعادة الانتشار. اما اذا استمر الفلسطينيون في اصرارهم على تنفيذ المراحل الثلاث من اعادة الانتشار فلا يوجد اي مجال لأي تجميد او حتى ابطاء في عمليات البناء في الضفة الغربية". في غضون ذلك، صادقت اللجنة الاسرائيلية للتنظيم والبناء على اقامة 574 وحدة سكنية استيطانية جديدة في مستوطنة "افرات" جنوب شرقي بيت لحم وعشرات الوحدات السكنية الجديدة في مستوطنة "القنا" القريبة من جنين.