رداً على الخبر المنشور بعنوان «طلاب «المنح» الداخلية يطالبون بزيادة «مكافآتهم»، يوم الخميس 8 أيلول (سبتمبر) 2011. أستغرب حقيقة من وزارة التعليم العالي وبعض توجهاتها بخصوص مكافآت الطلاب، ففي بعض الأحيان تأتينا «تحذيرات من تأخير مكافآت المكفوفين»، والسؤال: لماذا تتأخر أصلاً! وفي بعض الأحيان نجد أن الطلاب يشتكون من قضايا يفترض أن وزارة التعليم العالي قامت بدرسها ورفعت فيها للمقام السامي لتحسين أوضاعهم، وهذا واجبها، وليس من واجب الطلاب أن يقوموا بالمطالبات أو بالتجمع حتى تلتفت إليهم الوزارة، بل مسؤوليتها هي درس حاجاتهم والتكفل بإيجاد الحلول لها. لكن في الجانب الآخر، وما دام هذا الخبر قد نُشر في موضوع المكافآت، لطلاب المنح الداخلية السعوديين فيهمني هنا أن أتحدث عن أصدقاء من طلاب المنح الداخلية، غير السعوديين، تجمعني بهم بعض المناسبات الخاصة، وألتقي بهم أثناء زيارتي لمكتبات جامعتي الإمام محمد بن سعود والملك سعود. إذ تفاجأت عندما أخبرني أحدهم أنه لا يتسلم أي مكافأة من الجامعة، على رغم أن المكافأة تصرف لهم من الماليّة، وذكر لي أنه «لا توجد أي أسباب واضحة سوى أن طلاب المنح الداخلية تمنح لهم مقاعد الدراسة من دون مكافآت، بخلاف زملائهم الطلاب القادمين من الخارج، فهؤلاء يحصلون على المكافآت والسكن وتذاكر السفر». وللوهلة الأولى لم أصدق هذا الخبر، فذهبت أبحث عن طلاب آخرين من طلاب المنح من الجنسيات العربية المختلفة وغير العربية، فوجدت أن القلة القليلة من طلاب المنح يحصلون على مكافآت، وربما يكون سبب ذلك خطأً إدارياً، أو «محاباةً» من بعض الموظفين! يقول لي أحد الطلاب العرب الدارسين في جامعة الإمام: «طبقاً لنظام الجوازات لا يحق للطالب أن يعمل، وهو إما أن يكون بمهنة «طالب»، أو بمهنة «مرافق» في إثبات والده، كما هي الحال معي، وكلا الأمرين يجعلانه في وضع لا يحق له العمل في أي وظيفة، إضافة إلى أن حق الانتساب غير مكفول لطالب المنحة الداخلية أيضاً». وإذا تساءلنا: ما السبب في هذا الوضع المزري الذي سيؤدي بالطالب الجامعي صاحب المنحة الداخلية إلى الجوع، أو إلى مخالفة نظام الإقامة؟ ما السر في أن طالب المنحة الداخلية لا يقبض مكافأة داخلية على رغم أنها تنزل من وزارة المالية، بدليل حصول بعضهم عليها؟... لا نجد أي جواب. هل السبب أن إدارة الجامعة بلغت من الفاقة حداً احتاجت فيه إلى أن تقبض مكافأة هذا الطالب بدلاً منه؟ فإذا كان الأمر كذلك فلماذا يقبض الطلاب من غير السعوديين مكافآتهم في المعاهد العلمية، سواء أكانوا مستقدمين أم منحت لهم الدراسة من الداخل؟ ما السر في تمييز طالب المنحة الداخلية وحرمانه من شيء يحصل عليه الطالب السعودي والطالب غير السعودي إذا كان ذا منحة خارجية؟ وفي حال لم يُسمح للطالب ذي المنحة الداخلية بالحصول على مكافأته التي لا تكاد تكفي مواصلاته، وليس له حقّ في السكن الجامعي إلا إذا دفع المبلغ المحدد للرسوم أسوة بإخوته السعوديين، وليس له الحق في أن يعمل وفقاً لنظام الإقامة، فما النتيجة سوى تجويعه؟ ثمة مفارقة أخرى أشرنا إليها أعلاه: وهي أن الطالب ذا المنحة الداخلية أيضاً لا يحق له الانتساب، كي يجمع بين الدراسة والعمل، لماذا؟ لم أجد جواباً من بعض الموظفين الذين سألتهم في جامعة الإمام سوى أن طلاب المنح عموماً لا يحق لهم الانتساب، وذلك لأن طالب المنحة متفرغ للدراسة!وهذا الكلام يصح في حق الطالب ذي المنحة الخارجية الذي توفر له الجامعة السكن والمكافأة والتذاكر، وهذا يدلل على أن طالب المنحة الداخلية يساوي السعوديين في الحرمان من حق السكن المجاني وفي الحرمان من التذاكر. ويساوي طلاب المنح الخارجية في الحرمان من الانتساب، ويعاني الحرمان من جميع ما يحصل عليه بقية الطلاب السعوديين والمنح الخارجية وهي المكافأة، ولا تمت التسوية بينهم وبين طلاب المنح الداخلية الذين تجاوزوا القنطرة «بطريقتهم» وحصلوا على المكافآت على رغم قلتهم وندرتهم. فبأي ذنب قتلت؟ يا وزارة التعليم العالي، إن الدراسة عشق كثير من أبناء المقيمين في السعودية، وهي محبس لا بد لهم أن يمروا به ما واتتهم الفرصة لذلك، فلا تخيروهم بين إتمام دراستهم في حال الجوع وبين قطعها والبحث عن عمل بلا مؤهلات، فهذه المؤهلات تنفعهم حتى في أعمالهم المقبلة وتنفع أصحاب الأعمال. وقد قال رسول الله: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض». [email protected]