أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض أمس خطة عمل حكومته التي حدّد عنوانها في «إقامة مؤسسات الدولة المستقلة» خلال عامين. ودعا الفلسطينيين إلى «التوحّد والالتفاف حول برنامج إقامة الدولة، والعمل على ترسيخ مؤسساتها وتقويتها في إطار من الحكم الرشيد، كي تصبح الدولة الفلسطينية بحلول نهاية العام المقبل، وكحد أقصى خلال عامين، حقيقة قائمة وراسخة». وقال في خطاب ألقاه في جامعة القدس في بلدة أبو ديس الواقعة على مشارف المدينة المقدسة إن «تحقيق هذا الهدف خلال عامين أمر ممكن، ويستحق الالتفاف حوله، واعطاءه كل فرص النجاح». وقال إن هذا «سيضع العالم أمام استحقاق إنهاء الاحتلال». وشدد على أن وزارات حكومته تعكف على وضع خطة عمل تفصيلية أولويتها «إنجاز واستكمال بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية على أسس متينة راسخة وعصرية خلال عامين». وخاطب الإسرائيليين قائلاً: «لديكم تاريخ من الهموم والتطلعات، ونحن أيضاً لنا تاريخ، ولدينا اليوم الكثير من الهموم والتطلعات، لكن تطلعنا الرئيس هو أن ننعم بما هو حق طبيعي لشعوب الأرض كافة، ألا وهو العيش بحرية وكرامة في وطن لنا، وتجسيد دولتنا إلى جانب دولتكم عبر سلام ذي معنى». واختار فياض جامعة القدس لإعلان برنامج عمل حكومته في إشارة إلى أن مواجهة التوسع الاستيطاني والتهويد المنهجي الذي تتعرض له المدينةالمحتلة يشكل الهدف الأول والمركزي للسياسة الفلسطينية في المرحلة المقبلة. وقال إن القدس ستظل «العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني... ولا يمكن لتسوية سياسية أن تتحقق من دونها». وأضاف: «نلتقي في مدينة القدس التي تعاني من سياسة العزل والحصار والجدار والاستيطان وهدم البيوت والتضييق على أبناء شعبنا فيها، في عملية استيطانية تهدف إلى تغيير المدينة ومعالمها وواقعها الجغرافي والسكاني لعزلها عن محيطها الفلسطيني، وفرض حلول الأمر الواقع عليها». وكرر قولاً مأثوراً عن الرئيس الراحل ياسر عرفات عن القدس قائلاً: «ليس فينا وليس منا من يفرّط بك يا قدس». ودعا الشعب الفلسطيني بمختلف فئاته إلى «الالتفاف حول بناء مؤسسات الدولة كعنوان مركزي... والتوقف عن الجدل العبثي». وطالب ب «تحكيم العقل والتشمير عن السواعد لترسيخ بناء مؤسسات الدولة». ورأى أن «المشروع الاستيطاني الإسرائيلي استفاد من حال الانقسام الفلسطيني على مدى العامين الماضيين، أولاً لتكريس فصل غزة عن الضفة من خلال الحصار، وثانياً من خلال الهجمة الاستيطانية في الضفة، خصوصاً في القدس ومحيطها». وأشار إلى أن السلطة عملت في المقابل على «إعادة بناء مؤسسات السلطة، وتهيئة المناخ المطلوب للدخول في حوار وطني يضمن إنهاء حال الانقسام وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته». وقال إن «السلطة ليست طرفاً» في الصراع الداخلي، وان دورها هو «المحافظة على وحدة الوطن، والمشروع الوطني برمّته». واعتبر أن «الفلسطينيين حققوا اصطفافاً دولياً للضغط على إسرائيل من أجل وقف الاستيطان»، داعياً إلى «عدم التراجع عن هذا (الموقف) الذي يشكل مناسبة لإنهاء الانقسام»، محذراً من أن «بقاء الانقسام يهدد بضياع هذا الانجاز». ورأى في الخطاب الأخير لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو «محاولة للالتفاف على هذا الاصطفاف الدولي». وأكد فياض نجاح حكومته السابقة في فرض النظام وإعادة سيادة القانون. وقال: «لم يعد للعملية السياسية صدقية إلا بمدى تقيد إسرائيل وتنفيذها ما عليها من التزامات، وفي مقدمها وقف الاستيطان والاجتياحات ورفع الحصار». وطالب العالم وإسرائيل بتذكر أن «الشعب الفلسطيني قدم في العام 1988 تنازلاً تاريخياً مؤلماً عندما وافق للمرة الأولى في تاريخ الصراع على إقامة دولته المستقلة على 22 في المئة من أرض فلسطين التاريخية». ولفت إلى أن مبادرة السلام العربية «كانت الحاضنة العربية، ومن ثم الإسلامية، لمبادرة السلام الفلسطينية، إذ وضعتها في سياق مسار التسوية السياسية الشاملة للصراع العربي - الإسرائيلي لإيجاد حل يقوم على معادلة الأرض مقابل السلام». وقال إن برنامج حكومته يهدف أيضاً إلى «العمل على إنهاء الانقسام، وتوحيد الوطن، ورفع الحصار الظالم، ومعالجة الواقع المأسوي لأهلنا في قطاع غزة» الذي قال إن حجم الإنفاق الحكومي عليه يبلغ 120 مليون دولار شهرياً. وتضمن برنامج الحكومة أيضاً العمل على «تعزيز قدرة شعبنا على الصمود لحماية الارض ومواجهة الاستيطان والجدار والدفاع عن عروبة القدس والعمل على إطلاق سراح الأسرى». وعلى الصعيد الاقتصادي والخدمات الاجتماعية، تعهد فياض «زيادة كفاءة السوق المحلية، وإعادة هيكلة البيئة الاستثمارية، وتشجيع المنتج الوطني، والشراكة مع القطاع الخاص، ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة».