تعتبر دائرة كسروان الانتخابية «نقطة انطلاق» للزعامة المسيحية المارونية، ومن يفوز فيها يكون قد خطى خطوات ثابتة نحو هذه الزعامة، لأن العدد التقريبي للناخبين المسجلين على لوائح الشطب للعام 2009 في هذه المنطقة هو 88832، يشكل الموارنة 98 في المئة منهم، ولا يوجد بينهم سوى 7860 من غير المسيحيين. وبلغت حصة هذا القضاء بحسب القانون الحالي الذي ستجرى الانتخابات النيابية على اساسه في السابع من حزيران (يونيو ) المقبل، خمسة مقاعد. وفاز رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون بجميع مقاعد هذه الدائرة في انتخابات 2005. واليوم هناك معسكر واحد مقابل عون في هذه الدائرة قوامه حتى اليوم النائب السابق منصور غانم البون والوزيران السابقان فارس بويز وفريد هيكل الخازن، يضاف اليهم حزبا «الكتائب» و«القوات اللبنانية». ويبدو ان هذا الفريق يحظى برعاية الكنيسة والدوائر الرسمية. ويعتقد اركان هذه الجبهة ان اتحادهم وتفاهمهم لخوض الانتخابات على لائحة واحدة مع ما يرافق ذلك من تضحيات من هذا الفريق او ذلك الفريق، سيمكنهم من زعزعة «اسطورة» عون القيادية للمسيحيين التي سجلها في انتخابات 2005. ويعتقد هؤلاء ايضا ان الظروف التي اعطت عون في انتخابات 2005 التأييد الذي ناله لم تعد قائمة وقد تبدلت على الصعيدين الاقليمي والمحلي. ويضيف هؤلاء أن عون «لا يمكن ان يستغل وضعه كقيادي مسيحي عائد من المنفى ومظلوم على يد السوريين كما حصل في العام 2005، كما انه لم يعد زعيم قانون محاسبة سورية فاليوم هو متصالح مع سورية». وداخلياً، يرى هؤلاء ان عون ونوابه «لم يقدموا خدمات تذكر لأبناء منطقة كسروان خلال الاربع السنوات الماضية طيلة وجودهم داخل الندوة البرلمانية». وبسبب هذه العوامل مجتمعة يقدر هؤلاء ان قوة العماد عون التجييرية تراجعت الى ما يعادل 35 في المئة عن انتخابات 2005 مع اعترافهم بأن رصيده الشخصي من الاصوات لم يتبدل. وتنتظر جميع القوى السياسية في قضاء كسروان تركيب اللوائح كي تتبلور لديهم صورة المعركة الانتخابية، على اعتبار ان استطلاعات الرأي التي تظهر بين الحين والآخر ليست دقيقة بسبب غياب اللوائح. وبحسب جهات عدة معنية بالانتخابات، فان الوضع اليوم في هذا القضاء لا يزال في طور المشاورات والمناورات المعهودة في مثل هذه الظروف، ولم يتحدد أي شيء نهائي لا بالنسبة للوائح ولا بالنسبة للتحالفات، لكن هناك عدداً من الثوابت من الصعب ان لم يكن من المستحيل، تبديلها قبل موعد الانتخابات. وأبرز هذه الثوابت ان النائب السابق منصور البون لن يتحالف مع العماد عون وكذلك الكتائب والقوات وجميع القوى الموالية لفريق 14 اذار. ويلاحظ ان نغمة التباعد بين الاحزاب والعائلات التي كانت سائدة في بداية العركة والتي كانت مدار سجالات، اختفت، وزال التشنج الذي كان قائما بين افرقاء الصف الواحد... مثل العلاقة بين البون وفريد هيكل الخازن والبون ومرشح الكتائب سجعان القزي. ويبدو ان هناك توافقاً بين البون وقوى اخرى حليفة، على ان ترشح النائب السابق فارس بويز على اللائحة المحتملة التي ستواجه عون، لن يفيدها كثيراً بينما المرشح فريد هيكل الخازن لا يزال يعتبر عكس ذلك. أما بالنسبة للمرشح والنائب السابق كميل زيادة، فهو ينتظر ما ستؤول اليه الاتصالات مع افرقاء 14 اذار، لكن موقف الصناعي نعمت افرام ابن الوزير والنائب السابق جورج افرام، لا يزال غامضاً لأنه من جهة يوحي للمحيطين به بأنه غير مرشح وغير معني بهذه الانتخابات، فيما ماكينته الانتخابية ناشطة في المنطقة ويدلي بأحاديث صحافية، ولم يقفل الباب نهائيا او يعلن صراحة ابتعاده من المعركة. والعلاقة المقطوعة بين البون وعدد من افرقاء 14 اذار، لا تنطبق على المرشح فارس بويز الذي تقول مصادر في «التيار الوطني الحر» ان امكان انضمامه الى لائحة التيار ما زال وارداً. وتصف مصادر في التيار الوضع بالنسبة لللائحة العونية في كسروان بأنه مثل البورصة ترتفع فيها اسهم مرشحين في نهاية الاسبوع وتعود لتنخفض في الايام التي تليها. وتضيف ان العماد عون «ليس على عجلة من امره لتشكيل لائحته، لانه مرتاح على وضعه وايمانه بالفوز مضمون كيفما دارت الدائرة وكيفما تشكلت اللوائح». وتشير المصادر عينها الى ان تأخير اعلان لائحة التيار في كسروان الى ما بعد 7 نيسان (ابريل) الموعد النهائي لتقديم الترشيحات، امر وارد على اساس ان جميع المرشحين المطروحين على لوائحه سيقدمون ترشيحاتهم سواء دخلوا اللائحة ام لم يدخلوها. ويبدو حتى الان ان التحالف بين البون والوزيرين السابقين فارس بويز وفريد هيكل الخازن -اذا لم يخرقه العماد ميشال عون- ممكن لخوض المعركة ضد لائحة «التيار»، لكن المفاجئات في اللحظة الاخيرة ما زالت واردة على اساس انه لا يوجد أي شيء نهائي ومعلن من أي طرف من الاطراف.