واشنطن، بكين، طوكيو - رويترز - تخيم أجواء الأزمة على منطقة اليورو ويضيع المسؤولون في إيجاد سبل لطمأنة المستثمرين. وتراجعت الأسهم الأوروبية في اليومين الماضيين، وسط مخاوف من أن تكون الاقتصادات الأوروبية والأميركية تتجه مجدداً نحو الكساد واتساع أزمة الديون السيادية. وتثير الأزمة استنفار المسؤولين الأوروبيين الذين قطعوا أيام الاستراحة لإجراء المشاورات حول سبل وقف تدهور ثقة المستثمرين في منطقة اليورو. وعاد المفوض الأوروبي للشؤون المالية والاقتصادية اولي ريهن إلى بروكسيل، مشدداً الالتزام بأن «الجهات المختصة ستنهي في غضون أسابيع وضع تفاصيل الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي». ويتولى الصندوق مسؤوليات شراء سندات الدول التي تعاني مشاكل التزود من أسواق المال. وربما يؤسس الصندوق لإصدار سندات أوروبية مشتركة بعد اختبار جدواه وزيادة موارده التي توفرها الدول الأعضاء. وأكد ريهن ضرورة «عدم وضع العربة قبل الحصان». واعتبر أن «ردود فعل الأسواق على قرار قمة 21 تموز (يوليو)، لم تكن مثلما تمناه المسؤولون الأوروبيون». ورأى في مؤتمر صحافي أن التوتر المتصاعد بسبب السندات الحكومية «غير مبرر، نظراً إلى المؤشرات المالية والاقتصادية، حيث يزداد النمو في منطقة اليورو بأكملها، إضافة إلى خطط التصحيح الجارية في اوروبا خصوصاً في الدول التي تواجه صعوبات في الأسواق». وعزا التوتر أيضاً إلى «التغيرات الجارية خارج منطقة اليورو، حيث أثرت مفاوضات رفع سقف الدين الأميركي سلباً على شعور المستثمرين». ورأى أن «تصعيد التوتر بسبب سندات كل من إسبانيا وإيطاليا تفتقد أيضاً إلى المبررات». وقال: إن «توتر الأسواق لا يفهم، لأن مؤشرات الاقتصاد في كل من البلدين لم تتغير بين عشية وضحاها. كما التزم كل من حكومة البلدين بخطة إصلاحات طموحة للتحكم بالعجز العام وتنشيط الاقتصاد». وذكر ريهن بأن «الزوبعة الجارية لا تؤثر سلباً على اوروبا فقط، ولكنها ذات أبعاد عالمية وتقتضي حلاًّ شاملاً، ما يؤكد أهمية التنسيق بين الدول الأعضاء في مجموعة الدول السبع ومجموعة ال 20». وأُعلن أمس أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أجرى اتصالات هاتفية مع كل من المستشارة الألمانية انغيلا مركل ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو. ودفعت أزمة الديون السيادية البنك المركزي الأوروبي إلى الخروج عن موقف الانتظار الذي التزمه منذ آذار (مارس) الماضي، واستأنف شراء سندات الحكومات التي تواجه صعوبات التمويل من أسواق المال. لكن الخطوة بدت غير كافية نظراً إلى تراجع الأسهم الأوروبية. وأعلن رئيس البنك جان كلود تريشيه في نهاية اجتماع مجلس المحافظين، أن «الغالبية الكبرى من أعضاء مجلس المحافظين قرروا رسمياً شراء سندات أخرى». وأبقى البنك على سعر الفائدة الرئيسة 1.5 في المئة. ولم يكشف بعد حجم السندات التي اشتراها البنك، إذ لا يعلن تقليداً حجم مشترياته فوراً. وأعرب تريشيه في مؤتمر صحافي عن الرغبة في أن «يتولى الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي شراء سندات الدول التي تواجه صعوبات التمويل وفق ما كانت قررته القمة الأوروبية في 21 حزيران (يونيو) الماضي». وقال: إن «مجلس المحافظين يأمل في أن يكون هذا الصندوق فعالاً، ما يوفر على البنك عناء التدخل» وشراء سندات الدول. كما سيوفر السيولة لفائدة المصارف التي تواجه صعوبات التزود. وأشار تحديداً إلى أن البنك «سيطلق عملية استثنائية في التاسع من هذا الشهر، لتقديم قروض لستة شهور لمصلحة المصارف». وكان البنك المركزي اشترى خلال تفجر أزمة ديون اليونان في أيار (مايو) عام 2010 سندات بقيمة 74 بليون يورو. ويتحفظ عن إعلان تفاصيل تدخله ويتردد أيضاً عن شراء سندات الدول، لأن تغير قيمتها، خصوصاً إذا تراجعت، تكبّده خسائر مالية تُضطرُّ الحكومات لاحقاً إلى تعويضها. إلا أن تدهور الأزمة دفع البنك إلى المبادرة بشراء سندات حكومية قبل يومين في انتظار استكمال آليات نشاط الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي. ودفع تراجع الأسواق المالية العالمية، والمخاوف من احتمال خروج أزمة الديون الأوروبية عن السيطرة وانزلاق الاقتصاد الأميركي إلى ركود جديد، الصين واليابان إلى الدعوة إلى تعاون دولي. وأوحت تصريحات الصين واليابان أكبر دائنيْن أجنبيين لواشنطن، بتنامي القلق من انتشار الأزمة. وشدد وزير المال الياباني يوشيهيكو نودا، على ضرورة أن «يتصدى صناع السياسة العالمية لاختلالات العملات وأزمات الديون والمخاوف في شأن الاقتصاد الأميركي». واعتبر وزير الخارجية الصيني يانغ جيه تشي، أن دول العالم «تحتاج إلى تكثيف التنسيق في ما بينها للتصدي للأخطار المتزايدة الناتجة عن مشاكل الديون في الولاياتالمتحدة وأوروبا». ورأى الخبراء، أن إقرار الكونغرس جولة إضافية من الحفز المالي، هو احتمال ضعيف لأنه يركز حالياً على خفض الإنفاق. وأصبحت الخيارات التي يملكها مجلس الاحتياط محدودة جداً أيضاً، لأن صناع السياسة مترددون في تبني جولة جديدة من شراء السندات خصوصاً أن البرنامج الأخير كان مثيراً للجدل. لكن برنانكي لفت إلى «خيارات أخرى، مثل التأكيد على «استمرار أسعار الفائدة منخفضة لفترة أطول»، على رغم أن كثراً استبعدوا أن يكون لهذه الجهود «أثر كبير، لأن المشكلة الاقتصادية الرئيسة حالياً تتمثل في قلة الوظائف وليس الائتمان».