أخذت التطورات الدراماتيكية في سورية، وتفاعلاتها الداخلية والخارجية، ترخي بثقلها على الوضع السياسي اللبناني. ولقي موقف الحكومة الامتناع عن التصويت على البيان الرئاسي لمجلس الأمن الذي دان الخرق الواسع لحقوق الإنسان، ردود فعل منتقدة، لا سيما من فريق المعارضة وقوى 14 آذار، فيما برر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي موقف حكومته بأنه يأتي «انطلاقاً من موقف لبنان الثابت بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى». وازدادت انعكاسات الأحداث في سورية على الوضع اللبناني، بعد تصاعد عدد النازحين السوريين الى الأراضي اللبنانية، وسجلت في الأيام الماضية حوادث إطلاق نار من الجانب السوري على هاربين عبر الحدود الشمالية نحو بلدات في قضاء عكار، فيما بقيت مسألة اعتداء مجموعات موالية للنظام السوري على متظاهرين حملوا الشموع أمام مقر السفارة السورية في بيروت تضامناً مع الشعب السوري، تتفاعل. فسأل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن سبب عدم قيام السلطات الامنية والقضائية بوقيف أي من المعتدين على المتظاهرين الذين دخل بعضهم الى المستشفيات. وكان لبنان «نأى بنفسه» عن التصويت مع البيان في سابقة كانت مخرجاً لإصدار البيان بإجماع الأعضاء ال14 الآخرين في مجلس الأمن. وأثار النائب مروان حمادة عدم تصويت لبنان على البيان واصفاً إياه ب «المعيب» فرد رئيس البرلمان نبيه بري بالقول إن «هذا ظلم» واستخدم تعبير حمادة نفسه عدد من قادة قوى 14 آذار معتبرين أن موقف الحكومة يعيد لبنان الى زمن الوصاية السورية. وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إنه لم يكن من خيار أمام لبنان سوى «النأي بنفسه» عن البيان الرئاسي لمجلس الأمن، مشيرة الى أنه «جاء ببدعة ميقاتية (نسبة الى الرئيس ميقاتي) يعبر عن امتناع لبنان عن التصويت عليه كما فعل في امتناعه عن التصويت على العقوبات المفروضة على إيران أيام حكومة الرئيس سعد الحريري». وأكدت المصادر أن الصيغة التي توصل إليها المسؤولون اللبنانيون بعد مشاورات جرت بين الرؤساء الثلاثة «شكل من أشكال الامتناع وجاءت في ضوء التدرج الذي رافق مواقف دول روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل التي سحبت تحفظها عن البيان بعد الاستجابة لطلبها لأن ينص البيان على الامتناع عن الأعمال الانتقامية بما فيها العنف ضد مؤسسات الدولة». وكشفت المصادر أن لبنان «كان يميل الى التصويت ضد البيان، لكنه تراجع عن موقفه بسبب تبدل موقف الدول الخمس وارتأى السعي من أجل تأخير إصداره، لكنه عاد فنأى بنفسه عن البيان». وأضافت أن الرئيس بري حاول تأخير إصدار البيان، وهذا ما تبناه وزير الخارجية عدنان منصور قبل أن يبدل موقفه انسجاماً مع واقع الحال في داخل مجلس الأمن. لكن المصادر ما زالت ترصد الموقف السوري للتأكد ما إذا كانت دمشق تتفهم الظروف التي أملت على لبنان اتخاذ هذا الموقف أم انها تلومه على امتناعه عن التصويت بدلاً من الاعتراض عليه. وعزت موقف لبنان الامتناع الى أنه لا يستطيع أن ينفرد في مواجهة المجتمع الدولي في حال صوّت ضد البيان الرئاسي أو أن يختلف مع سورية بتأييده له.