قال المستشار السياسي السابق لرئيس الحكومة الفلسطينية المقالة أحمد يوسف «إن هناك رغبة جادة وتوجهات حقيقية لدى كل من حركتي فتح وحماس لإنجاز المصالحة، على رغم قسوة الظرف الدولي الضاغط الذي يجعل الأمور تبدو كأن المصالحة لن تتم». وأشار إلى كلمة رئيس المكتب السياسي ل «حماس» خالد مشعل التي ألقاها في احتفالية التوقيع على اتفاق المصالحة، و «التي تضمنت موقفاً متقدماً لإرضاء الطرف الآخر (فتح)، وعلى رغم ما أثارته من بعض القلق داخل الساحة الفلسطينية، لكنه (مشعل) أبدى مرونة مشهودة من أجل خلق أجواء إيجابية لإنجاح المصالحة»، لافتاً إلى الدور المصري الناشط، وكذلك إلى التحرك التركي الإيجابي من أجل تقريب المسافة بين الحركتين لإنهاء الانقسام وإعادة اللحمة الفلسطينية. وفي سؤال عن اللقاء الذي جمعه بالرئيس محمود عباس (أبو مازن) الأسبوع الماضي في اسطنبول، وعما إذا كان ملف المصالحة يتصدر أولوياته، أجاب: «عندما التقيت الرئيس عباس منذ نحو أسبوع في اسطنبول، وجدته منشغلاً تماماً في كيفية العمل من أجل حشد أكبر دعم ممكن تحقيقه من أجل استحقاق أيلول (سبتمبر) المقبل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد كان هذا شغله الشاغل وليس لديه استعداد أن يفكر في أمر آخر. وعلى رغم ذلك طرحت عليه أكثر من فكرة من أجل تحريك ملف المصالحة، ووجدت تفهماً لديه». وأشار إلى إمكان الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وحل إشكالية تجديد جوازات السفر، لافتاً إلى أهمية القيام بمثل هذه الخطوات والإجراءات كي يظل الأمل موجوداً لدى الناس، فلا يصابون بالإحباط من استمرار الجمود في ملف المصالحة. وقال: «إن ما لمسته أن الرئيس عباس لا يريد الآن إحداث أي ارتباك في الساحة الفلسطينية والدولية يمكن أن ينعكس سلباً على مساعيه التي يبذلها حالياً من أجل حصول فلسطين على عضوية كاملة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو يريد أن يحصل على أي إنجاز، حتى لو كان معنوياً لأنه يريد أن تعود القضية الفلسطينية كي تتصدر أجندات الدول الكبرى، لذلك هو حريص ألا يخسر هذا الإنجاز الذي يتطلع إليه». ولفت يوسف إلى أن الرئيس الفلسطيني تحدث أن لديه بدائل أخرى، لكنه لم يفصح عن طبيعتها. وقال: «يبدو أن خياراته معلقة وغير واضحة»، لافتاً إلى أن «جميع الطرق مسدود في ملف المفاوضات». وتابع أن عباس «سيضطر آجلاً أم عاجلاً إلى العودة الى الساحة الفلسطينية وتفعيل ملف المصالحة، فهو الملف الذي سيلقى دعماً على رغم انشغالات العرب وهمومهم الراهنة». وعما إذا كان عباس ما زال مُصِراً على سلام فياض رئيساً للحكومة خلال الفترة الانتقالية، على رغم أن «حماس» تضع «فيتو» على اسمه، أجاب: «أبو مازن متمسك بفياض لأن في إمكانه أن يجلب أموال الدعم للسلطة، وكذلك أن يأتي بالأموال التي خصصت لإعادة إعمار غزة بما لديه من صدقية في المجتمع الدولي». وعمَّا إذا كانت «حماس» تضع «فيتو» على فياض بسبب الملاحقات الأمنية لكوادرها في الضفة الغربية، قال: «أبو مازن أوضح لي أن الملف الأمني بيده، وأنه هو الذي يعطي التعليمات للأجهزة الأمنية بالتنسيق أو بالاعتقال. باختصار، الملف الأمني بكل حيثياته بيد الرئيس، وتحميل فياض مسؤوليته فيه ظلم له». ولفت إلى أن موقف «حماس» هذا تجاه فياض ليس انتقاصاً من قدراته أو مساً بشخصه، لكن الحركة تجد حرجاً في إبقائه رئيساً للحكومة، وترى أنه يجب إبعاده باعتباره أحد عناوين الأزمة خلال فترة الانقسام التي مضت، مشدداً على أن موقف «حماس» يؤكد ضرورة استبعاد كل عناوين الأزمة بما لها وما عليها. وأوضح يوسف أن «حماس أبدت خلال الحوار مرونة كبيرة»، مشيراً إلى أنها «تخلت عن خياراتها وقبلت بمرشح فتح، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى، لكن أبو مازن قال إنه لا يستطيع الاستغناء عنه في موقعه لأن بيده ملف الاستثمار كله». ورأى أن «فتح هي التي أساءت الى فياض باتهاماتها الظالمة له بأنه أغرق السلطة في ديون... وهي التي استبعدته من ترشيحات لرئاسة الحكومة وليس حماس»، مشيراً إلى أن «الاتفاق بين الجانبين كان أن يرشح كل وفد اسمين لشغل موقع رئاسة الحكومة: واحد من غزة والثاني من الضفة»، وقال: «إن فتح استبعدت فياض لأن لديها موقفاً منه لأنه تمكن من ضبط الساحة الأمنية وقضى على التسيب وإدارة المؤسسة في شكل مهني، وهذا لم يرض بعض قياداتها». وأضاف أن «أبو مازن عاد ورشحه مرة أخرى، وأقر بأنه ما زال على رأيه، وأن فياض هو أفضل المرشحين لشغل موقع رئاسة الحكومة لأنه أفضل الكفاءات وشخصية وطنية مرموقة لها مكانتها وعلاقتها المتميزة بالمجتمع الدولي بما لديه من صدقية عالية». وقال يوسف: «إن فياض هو الأقدر على جلب الأموال التي قررت في مؤتمر شرم الشيخ لإعادة إعمار غزة»، مشيداً بأدائه وقدرته في استثمار الأموال ونجاحه في إقامة بنية تحتية في الضفة الغربية، وأضاف: «أعتقد أن هناك فرصة متاحة له في الانتخابات المقبلة». وشدد على أنه يعبر عن موقفه الشخصي وليس موقف الحركة. وقال: «أنا أنظر له بتقدير واحترام شديدين»، لافتاً إلى أن قرار «حماس» يرى أن المرحلة الانتقالية تعني فتح صفحة جديدة، أي يجب أن تأتي بوجه جديد ليس طرفاً في أي خلافات، مذكراً بأن الفترة الانتقالية لن تستغرق أكثر من عشرة اشهر. لكنه لفت إلى أن هناك عتباً كبيراً من «حماس» على فياض لأنه على رغم أموال الدعم الكثيرة التي كانت تأتي من أوروبا، لم يوجه أياً منها لدعم مشاريع في غزة، وتجاهل غزة كلية، وكأن هناك حالة قطيعة. وعلى صعيد التراجع المصري في إدارة معبر رفح، قال: «نتفهم أن هناك حجماً من الضغوط الأميركية والإسرائيلية من أجل استمرار الحصار على قطاع غزة»، إضافة إلى عدم استقرار الوضع السياسي هناك والوضع الأمني القلق وغير المريح لنا. كل هذا له انعكاساته»، لافتاً إلى أن هناك تحسناً ملحوظاً في معاملة الفلسطينيين في مطار القاهرة، ومشيراً إلى وعود إيجابية من الجهات الرسمية المصرية تبشر بالخير في خصوص معبر رفح. وعن صفقة تبادل الأسرى مع اسرائيل، قال: «إنها ما زالت عالقة، ولا يوجد حراك، وليست هناك انفراجة، وإسرائيل لم تقدم أي شيء يتناسب مع مطالب حماس، بل العكس صحيح، فمنذ تولي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو تم الانقلاب على نقاط التوافق التي تم الاتفاق في شأنها مع سلفه (ايهود) أولمرت، وحدث تراجع كبير»، معرباً عن أمله في تحريك الملف في شكل إيجابي في ظل استرداد مصر وساطتها في إدارة هذا الملف.